ما إن يعلن ممثل توبته أو ترتدي فنانة الحجاب حتى يتباشر التيار الإسلامي على تنوّعه في عموم العالم الإسلامي تمجيده ومدحه، ومن ثم تتصاعد أسهم هذا الممثل أو الفنانة فتأخذ طريقها للقنوات الإسلامية لتحظى بعشرات اللقاءات، ثم تتغير الصفة من الفنانة إلى الداعية الفلانية بل وقد تتحوّل هذه الفنانة أو يتحوّل الفنان ليصبح مقدماً للبرامج الدينية يعظ الناس ويوجهها في أمر دينها.
هذا الواقع لا إشكال فيه في العموم لكن الإشكالية تكمن في أن هذا الفنان أو الفنانة قد يكون اتخذ قراره نتيجة لضغوط معينة أو لظرف طارئ ثم ما يلبث أن يعود القهقري لما كان عليه سابقاً من عمل، الأمر الذي يحدث هزّة في عموم عوام الناس المتدينين وقد يكون له إنعكاساً سلبياً على التزامهم في العموم.
هذه الحالة التي تكررت كثيراً خلال العقود الأخيرة وزادت من حدتها وسعتها وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير جداً باتت ظاهرة ينبغي الوقوف عندها كثيراً وتحليلها ومعرفة أسبابها ومآلاتها لنتائجها السلبية في العموم.
وأزعم أن الإسلاميين ومنذ أنهيار الخلافة الإسلامية وتقسيم تركتها على الدول المستعمرة وهم يعيشون حالة الهزيمة النفسية التي كبرت شيئاً فشيئاً بشكل إنعكس على قناعة العديد من المسلمين في الإسلام -للأسف- كدين يصلح لكل زمان ومكان وباتت التيارات الفكرية تموج البلدان الإسلامية مجيئاً وذهاباً آخذةً معها المسلمين يميناً تارة وشمالاً تارةً أخرى..
هذه الهزيمة هي التي جعلت من المسلمين يبحثون عن أي أنتصار وإن كان شكلياً لا جوهر فيه، بل إن توبة فنان أو فنانة هي مكسب ودليل على صدق الإسلام ومعجزة كتابه، لا كما هو الأصل أن الإسلام هو الدين الحق وأن إظهاره على الدين كله هو وعد ربنا الصادق، وإن توبة هذا الشخص أو ذاك هي مكسب له لا للإسلام فالإسلام الدين الغالب ولو كره الكافرون.
هذا المنطق الغائب هو ما جعل الإسلاميين منبهرين بأي حالة توبة لفنان أو فنانة أو لأي عمل يقوم به مسؤول مسلم وكأنه تفضل على الإسلام بعمله هذا، وبدأنا نشهد الأخبار أو العناوين الآتية هي الغالبة مع كل حالة مشابهة:
شاهد قبل الحذف.. توبة الفنانة………….
من التمثيل إلى الدعوة.. الفنانة…………
الرئيس ……… يؤدي صلاة الجمعة في المسجد!!
الزعيم…………. يقبل يد والده..!!؟؟؟
ملايين النصارى يدخلون الإسلام بسبب احتفالية اللاعب………. بالسجود.
وآخر ما حصل كان مع الفنان المصري سامح حسين الذي أتحفنا في شهر رمضان ببرنامج (قطايف)، لينطلق المشايخ في وصف الفنان بالداعية والمحدث والواعظ وغيرها من التوصيفات التي عظّمت من حجم عمل الرجل بشكل مبالغ فيه، ثم مالبثت تلك المنابر أن عكست صورة عمل الفنان بأن شككت في نواياه بل وعدته جزءاً من نظرية مؤامرة كبيرة يرتبها أو رتبها النظام المصري لاسيما بعد أن دعي الممثل لمأدبة أفطار نظمتها الرئاسة المصرية.
كل ما حصل كان ليكون طبيعياً لولا عقدة الإنبهار التي يعاني منها الإسلاميون وسببت هذا اللغط والأخذ والجذب بين عوام الناس..
فالأمر باختصار أن فنان عرضت عليه فكرة لبرنامج فيه معاني طيبة، وبالفعل قبل الفنان هذا المشروع وقدمه وجعل له ربنا سبحانه وتعالى القبول بين الناس لجمال كلماته ولطف طريقة تقديمه.. فجزاه الله خير الجزاء وانتهى..
لا الفنان تحوّل إلى داعية..
ولا الفنان قد يكون هو القدوة التي ينبغي للشباب التأسّي بها..
ولا زوجته -مع الاحترام الكامل لها – قد تكون هي القدوة التي على نساء وفتيات المسلمات الإقتداء بها..