خاص: كتبت- نشوى الحفني:
هدّد الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، الأحد، بقصف “إيران” وفرض رسوم جمركية ثانوية عليها إذا لم تتوصل “طهران” إلى اتفاق مع “واشنطن” بشأن برنامجها النووي.
وفي مقابلة هاتفية مع شبكة (إن. بي. سي)؛ قال “ترمب”، إن مسؤولين أميركيين وإيرانيين يجّرون محادثات؛ لكنه لم يُدلِ بمزيد من التفاصيل.
وأضاف: “إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، فسيكون هناك قصف.. لكن هناك احتمالًا، إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، أن أفرض عليهم رسومًا جمركية ثانوية؛ مثلما فعلت قبل أربع سنوات”.
وقال الرئيس الأميركي: “إذا اضطررنا إلى التدخل عسكريًا، فسيكون ذلك أمرًا فظيعًا بالنسبة لهم”.
رفض إيراني..
وكان الرئيس الإيراني؛ “مسعود بزشكيان”، قال؛ الأحد، إن “طهران” رفضت المفاوضات المباشرة مع “واشنطن” بعد أن كتب “ترمب” رسالة إلى النظام يدعو فيها إلى محادثات جديدة بشأن “الاتفاق النووي”.
وأضاف “بزشكيان”؛ الأحد، أن “طهران”: “رفضت” المفاوضات المباشرة بين حكومتها وإدارة “ترمب”، لكنه أكد أن: “الطريق للمفاوضات غير المباشرة لا يزال مفتوحًا”.
وفيما تقول “إيران” إن تطويرها النووي، الذي قُيّد بقيودٍ انقضت الآن، سلميٌّ ولا يهدف إلى صنع أسلحة. تساءل مسؤولون إيرانيون علنًا في الأشهر الأخيرة عما إذا كان ينبغي على “طهران” التخلي عن هذا المسّار، ويقول محللون إنه لن يكون من الصعب على “إيران” اتخاذ الخطوة الأخيرة نحو تسليح برنامجها النووي الناشيء.
عقوبات أميركية جديدة..
وكشف “ترمب”؛ الشهر الماضي، عن مجموعة جديدة من العقوبات المصَّممة لممارسة: “أقصى قدرٍ من الضغط على الحكومة الإيرانية”، وقطع “طهران” عن الوصول إلى السلاح النووي والحد من: “نفوذ إيران الخبيث في الخارج”.
وخلال فترته الرئاسية الأولى بين عامي (2017 و2021)، انسحب “ترمب” من اتفاق نووي أبرم عام 2015؛ بين “إيران” والقوى العالمية، والذي وضع قيودًا صارمة على أنشطة “طهران” النووية؛ مقابل تخفيف العقوبات.
كما أعاد “ترمب” فرض عقوبات أميركية شاملة. ومنذ ذلك الحين، تتجاوز “إيران” الحدود المتَّفق عليها بكثير في برنامجها لتخصيّب (اليورانيوم).
وترفض “طهران”؛ حتى الآن، تحذير “ترمب” لها بالتوصل إلى اتفاق أو مواجهة عواقب عسكرية.
ونقلت الوكالة الإيرانية الرسمية عن وزير الخارجية؛ “عباس عراقجي”، قوله يوم الخميس؛ إن “إيران” أرسلت ردًا عبر “سلطنة عُمان” على رسالة “ترمب”؛ التي حثّ فيها “طهران” على التوصل إلى اتفاق نووي جديد.
وتتهم القوى الغربية؛ “إيران”، بالسّعي سرًا إلى تطوير قدرات نووية عسكرية من خلال تخصّيب (اليورانيوم) إلى مستويات عالية من النقاء الانشطاري، تتجاوز ما تعتبره مبررًا لبرنامج طاقة نووية مدني.
استمرار الارتفاع التدريجي للتوتر..
في السيّاق؛ ذكرت القناة الـ (12) الإسرائيلية، أن التوتر بين “الولايات المتحدة” و”إيران” مستَّمر في الارتفاع تدريجيًا، بعد أن نقل الأميركيون قاذفات استراتيجية من طراز (بي 2) إلى جزيرة “دييغو غارسيا”؛ في قلب “المحيط الهندي”، الموقع الاستراتيجي الذي يمكن أن ينطلق منه الهجوم على “إيران”، وذلك في وقتٍ أفادت فيه تقارير أجنبية أن “إسرائيل” تستّعد أيضًا لاحتمال وقوع هجوم أميركي على “إيران”.
وتناولت الـ (12) الإسرائيلية؛ التهديدات التي خرجت من مسؤول عسكري إيراني كبير، بالهجوم على القاعدة الاستراتيجية في جزيرة “دييغو غارسيا”؛ في “المحيط الهندي”، حال تنفيذ هجوم على “إيران”، موضحًا أن صواريخ (خرمشهر) الباليستية؛ ذات الرؤوس الحربية، وطائرات (شاهد 136) المُسّيرة المطورة، فعالة على مدى القاعدة، وستكون قادرة على ضربها.
استعداد إسرائيلي للهجوم..
وأفادت القناة العبرية؛ تحت عنوان: “الولايات المتحدة تصل إلى نقطة تحول مع إيران”، أن المؤسسة الدفاعية في “إسرائيل” تُتابع عن كثب التطورات المختلفة، وتستّعد لسيناريوهات مختلفة من خلال سلسلة من المناقشات، ولكنها تستّعد أيضًا لإمكانية المشاركة في هجوم، وتكثيف أنظمة الدفاع الجوي، إذا أصبح من الضروري استخدامها.
وأوضحت أن تعليمات صدَّرت للجيش الإسرائيلي باستكمال جميع قدراته الهجومية بحلول منتصف عام 2025، أي بعد شهرين، ومن المُحتمل أن يوفر مثل هذا التوجيه قدرات في سيّاق دفاعي، وأيضًا في سيّاق إمكانية قيام “إسرائيل” بعمل عسكري ضد “إيران” على أراضيها.
خيارات أميركية..
وقالت القناة إن الخيارات التي تواجه الأميركيين الآن ليست عملياتية فحسّب، وعلى الرُغم من أن الجيش الأميركي دفع بعددٍ من حاملات الطائرات إلى “المحيط الهندي”، وقاذفات استراتيجية قادرة على شن هجوم على “إيران” إذا لزم الأمر، إلا أن هناك أيضًا البُعد السياسي والدبلوماسي الذي تتعامل معه إدارة الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”.
وأشارت إلى أن “ترمب” يمَّارس ضغوطًا كبيرة على “إيران” للعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن قضية “النووي”، ولكن حتى الآن لم تسَّفر هذه الضغوط عن نتائج، وفي هذه الأثناء تسمع التهديدات من الجانبين، موضحة أنه بحال تحقق التهديدات، فإن “إسرائيل” لا تستّخف بالأمور، وتُحاول الوصول إلى حالة من الجاهزية القصوى، سواء في الهجوم أو الدفاع.
رسالة “ترمب”..
كما تناولت القناة العبرية؛ محتوى الرسالة التي كتبها “ترمب” للمرشد الأعلى في إيران؛ “علي خامنئي”، قبل (03) أسابيع، ونشرتها وسائل إعلام دولية، حيث كتب أن: “الوقت حان لفتح صفحة جديدة من التعاون والاحترام المتبادل، أمامنا فرصة تاريخية”، مضيفًا أن: “الولايات المتحدة، تحت قيادتي، مستعدة لاتخاذ خطوة كبيرة نحو السلام، وخفض التصعيد، ورفع العقوبات”.
وفي وقتٍ لاحق من الرسالة؛ وجه “ترمب” تهديدًا صريحًا لـ”إيران”، وكتب: “إذا رفضتم اليد الممدودة إليكم، واخترتم طريق التصعيد ودعم المنظمات الإرهابية، فإنني أحذركم من رد حاسم وسريع”.
وأكد الرئيس الأميركي أيضًا قائلًا: “لن نقف مكتوفي الأيدي في وجه تهديدات نظامكم لشعبنا أو حلفائنا، إذا كنتم مستعدين للتفاوض، فنحن مستعدون أيضًا”.
وتابع: “إذا واصلتم تجاهل مطالب العالم، فإن التاريخ سيشهد بأنكم أضعتم فرصة عظيمة”.
تداعيات وانعكاسات..
مجلة (فورين بوليسي) وفي تحليلٍ لها؛ استعرضت التداعيات المحتملة لأي ضربة “أميركية-إسرائيلية”، وانعكاساتها على ميزان القوى الإقليمي إلى تأثيرها على الاستراتيجية الأميركية العالمية، وحتى تداعياتها على المشهد الداخلي في “إيران” نفسها.
ونظرًا لخطر المواجهة العسكرية بشأن البرنامج النووي الإيراني – الذي يُشير بعض المحللين إلى أنه على بُعد أسابيع فقط من إنتاج سلاح نووي قابل للاستخدام – طلبت مجلة (فورين بوليسي) من خبراء تقيّيم مدى تأثير ضربةٍ من “الولايات المتحدة” أو “إسرائيل” أو كليهما معًا على السياسة الإيرانية، والديناميكيات الإقليمية على نطاقٍ أوسع.
يُرهق القُدرات الأميركية..
“مهسا روحي”؛ باحثة في معهد الدراسات الاستراتيجية الوطنية بجامعة (الدفاع الوطني)، أعربت عن اعتقادها أن أي ضربة عسكرية “أميركية-إسرائيلية” تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، قد تؤدي إلى تداعيات إقليمية وعالمية واسعة.
ولفتت الباحثة إلى عدة سيناريوهات للعمل العسكري ضد البرنامج النووي الإيراني.
أحد تلك السيناريوهات الأكثر ترجّيحًا – بحسّب “روحي” – هو شن غارات جوية منسَّقة تستهدف المنشآت النووية والبُنية التحتية العسكرية ومراكز القيادة، بما في ذلك المواقع المحصَّنة تحت الأرض.
ويُجادل المدافعون عن هذا النوع من العمليات بأنه قد يؤخر طموحات “إيران” النووية؛ بشكلٍ كبير على أقل تقدير، وقد يؤدي إلى استسلامها وتراجعها عن برنامجها النووي.
في المقابل؛ يرى المعارضون أن الضربة قد تدفع “إيران” إلى تسّريع جهودها النووية بدلًا من التخلي عنها. تُضيف الباحثة نفسها.
تكلفة مرتفعة بعيدة المدى..
وبغض النظر عن مدى نجاح الضربة في تأخير البرنامج النووي الإيراني، تُشير “روحي” إلى أن التكلفة البعيدة المدى لمنع “إيران” من التسلح النووي ستكون: “مرتفعة”.
فمثل هذا العمل العسكري – برأيها – سيتطلب التزامًا عسكريًا طويل الأمد، وقد يتسبب في تصعيد إقليمي، مما يُزيد من احتمالية دفع “إيران” نحو تطوير سلاح نووي فعليًا.
علاوة على ذلك؛ قد يؤدي الهجوم إلى إرهاق الموارد العسكرية الأميركية، مما قد يُعرقل أولويات “واشنطن” الاستراتيجية، لا سيّما في مواجهة تصاعد النفوذ الصيني.
ومن المُرجّح أيضًا؛ أن تتصاعد الضربات الجوية الأميركية والإسرائيلية المحتملة، إلى صراع أوسع نطاقًا، نظرًا لاحتمالية أكبر لشن ضربات انتقامية.
الداخل الإيراني والانتقام..
“سعيد جعفري”؛ صحافي إيراني ومحلل في شؤون الشرق الأوسط، يقول إن أية ضربة عسكرية تستهدف “إيران” سيكون لها تداعيات بعيدة المدى، لا سيّما على السياسة الداخلية الإيرانية.
وأشار “جعفري” إلى أن بعض جماعات المعارضة الإيرانية ترى في التدخل العسكري الأجنبي: “فرصة محتملة لإحداث التغيّير”.
مستَّدركًا: “لكن بناءً على التجارب السابقة، يبدو من المشكوك فيه أن يُساعد مثل هذا الهجوم معارضي النظام الحاكم على الاقتراب من أهدافهم”.
وأضاف: “من غير الواضح ما إذا كان الهجوم العسكري سيمنع إيران حقًا من تجاوز عتبة الأسلحة النووية”.
إضافة إلى ذلك؛ قد تدفع الضربة العسكرية “طهران” إلى مراجعة استراتيجيتها النووية.
فبدلًا من التخلي عن مشروعها النووي، قد ترى في السلاح النووي الضمانة الوحيدة لأمنها القومي وردع التهديدات المستقبلية، مما يسرّع سعيها لامتلاك قنبلة نووية.
كما قد يكون التأثير الإقليمي وخيمًا. بحسّب االمحلل الإيراني. فقد حذرت “طهران” مرارًا وتكرارًا من أن أي ضربة عسكرية ضدها ستّحول المصالح الأميركية في المنطقة إلى أهداف مشروعة للرد.