استخدام التقنيات الالكترونية في التعاملات وانجاز المعاملات ليس سيئا ولا غبار عليه بل مطلوبا ومرحبا به من قبل الكثير إن كان في محله وظرفه الصحيح ، فتلك التقنياتوجدت كي تخدم الإنسان وتحافظ على كرامته وجهدهوالكلف في انجاز الأعمال ، وتطبيق البطاقة الالكترونية الغذائية اليوم بديلا عن البطاقة الورقية ليس غريبا علىالعراقيين من المشمولين بالحصة التموينية التي أورثهاالنظام المقبور للشعب منذ الخضوع للحصار كانعكاس طبيعي عن مغامرات الاحتلال والحروب ، فقبل عام أعلنت التجارة عن تطبيقها في عموم المحافظات بدفعات وفي بغداد تم البدء أولا بجانب الكرخ ، ومن ذكرياتها المؤلمة إنهاأجبرت المشمولين بتقديم المعلومات عن بطاقاتهم من خلال المراجعة لمراكز التحديث في معرض بغداد الدولي ، وهي لم تطبق بيسر لأنها شهدت ازدحامات شديدة ثم خفت تدريجيا في موسم الصيف وكانت تتطلب حضور أفراد العائلة جميعا من الأصحاء والمرضى وصغار وكبار السن ولكل فرد مشمول بها لإثبات الحياة والوجود ، ورغم الانتقادات التي وجهت لها إلا إنها حققت نسبة تغطية تجاوزت 85% ، وفي وقتها قالت التجارة إنها اكتشفت جيوشا من الفضائيين في هذا التطبيق ممن لا يستحقون الغذاء ، والمواطن الذي خضع للتحديث قبل عن مضض وإذعان بكل الظروف التي مرت بالتحديث على أمل أن يجني ثمار هذا التطبيق الذي قالوا إن فيه كثير من الفوائد والمردودات ، ولكن واقع الحال ( وبعد مضي أكثر من عام ) لم يجني المواطن أي من تلكالايجابيات ، فالمواد التموينية توزع على حالها وتتم بنفس السيناريو وبطريقة الاستلام ذاتها كما إن المفردات لم تشهد أي تغيير سوى تقسيم كيلو البقوليات لأجزاء حسب ما هو موجود ، ولا نضيف إذا قلنا إن الحصة بعد التحديث تراجعت عن ما كانت عليه ، ففي عام 2024 وزعت 9 حصص فقط وألحقوها بحصة في بداية 2025 ليكون مجموع الحصص 10 بغياب حصة لشهرين ، وفي رمضان الحاليخرجت الحصة عن سياقاتها المعهودة السابقة فلم تشهد الحصة أية إضافات حتى بالنسبة لطحين الصفر .
ومن العيوب التي وجهت للتحديث الأول ، إن المحدثينحرموا من إجراء التغييرات التي تحصل في عوائلهمبالإضافة للمولودين حديثا والفرز والنقل وغيرها وهي أحداث ليست قليلة وعددها كبير جدا ، فعدد المواليد يبلغ المليون سنويا مما يعني إنهم محرومون من الحصة بسبب عدم تفعيل النظام ، وقد تعددت الآراء والأسباب التي تقف وراء تعطيل تفعيل النظام فمنهم من قال انه فاشل والآخرقال انه قد يخترق ، وبغض النظر عن القيل والقال إلا انه لم يحقق منفعة ملموسة للناس بل إن المضرة هي التي تحققت ولم يكسب المواطن غير وعود بان التحديث سيكتمل عند إكمال ( التحديث ) ، وبدلا من العمل بالتحديث السابق الذي أنفقت من اجله الأموال وبذلت جهود كبيرة من المواطن وموظفي التجارة للانجاز ، إلا إن التجارة أعلنت قبل أيامعن دخول تحديث جديد على البطاقة التموينية في بغداد بعد اكتمال تطبيقه ( بنجاح ) في عدد من المحافظات وتوعدت بقطع الحصة التموينية عن غير المحدثين ، والتطبيق ( المكمل او الجديد ) يختلف عن السابق فهو لايتعب التجارة و تشكيلاتها الموجودة في كل المحافظات حيث أسندت المهمة للمواطن كي يتولى هو بنفسه عملية التحديث باستخدام تطبيق تم نشره بهذا الخصوص ، وللوهلة الأولى يعتقد البعض بأفضليته عن السابق لعدم اضطرار العوائل للمراجعة وما يمكن أن يحدث عن ذلك من حالات ، ولكن الأمر ليس كذلك لان القائمين عليه وضعوا افتراضات خاطئة عندما اعتقدوا إن قرابة 5 ملايين عائلة المشمولة به قادرة على انجازه من قبلهم فحسب ، وواقعاالأمر ليس كذلك أبدا لأنه يتطلب مجموعة من الايعازات والإجراءات يتعذر القيام بها إلا من قبل الماهرين في برامج الحاسوب فليس كل من لديه موبايل قادر على ولوج التطبيق وانجازه بنجاح ، ودليل ذلك عجز الكثير عن التحديث بأنفسهم واللجوء إلى محلات التصوير والأعراساو بعض مكاتب الاستنساخ لانجاز هذه المهمة بنجاح ، ويتطلب ذلك حضور أفراد العائلة مجتمعا للتصوير الفرديواثبات إن كل منهم موجود وذلك لم ينجز مجانا وإنماخضع لاجتهاد البعض في التسعير فمنهم من تقاضى 5000 دينار لكل فرد ومنهم من وضع تسعيرة للعائلة وحسب عدد الأفراد ، وتلك العملية تتم في شهر رمضان المبارك ، وكأن اختيار المواعيد المناسبة مشكلة عند التجارة التي اختارتموسم الحر للتحديث السابق وبشهر الصيام في التحديث الحالي .
ووزارة التجارة المعنية بموضوع التحديث لم تقدم أي عونملموس بهذا الخصوص فقد اختفى وجودها وتواجدها وتركت الكرة في ملعب الغير ، والمواطنون ينتقدون هذا الاختفاء فقد كان من الممكن أن تحرك فرق من موظفيهاللتواجد عند وكلاء التوزيع او التواجد يوميا في نقاط معلومة من كل منطقة لكي تساعد في التحديث ، وانعكاس لكل ذلك فقد تعرض ويتعرض البعض لصعوبات وصل بعضها لحد السخرية او الإذلال ، فلكي يحدث الفرد عليه التقاط صورة ولقبولها من التطبيق عليه أن يكون بوضع معين ويلتفت يمينا ويسارا وأسفل وأعلى لكي ينجحالتطبيق ، والأمر يتكرر لكل أفراد العائلة فمن يعمل على التطبيق يقولون إن التحديث لا يتم ويكتمل إلا بحضور الجميع دون تقسيط ، والعملية تتخللها الكثير من الاستفسارات ولكن لا مجيب ، وفي ظل الغياب الإعلاميالرسمي للموضوع فقد تبنى رواد ( You tube ) هذه المهمة على مزاجهم والبعض مما يقولوه صحيح والبعض الآخرليس تمام ، والتجارة لم تعرض حتى أرقام ساخنة وميسرة توفرها لمن يحتاج لإجابات ، وذلك يوقع البعض بالعديد من الأخطاء والتجربة والتكرار وقد تتكرر المحاولة لأكثر من مرة ويوم وفي تلك المحاولات مزيدا من الجهد والكلفة وإضاعةالوقت ، ولا عجب أن يعجز الكثير عن إجراء التحديث لأنهيحتاج لاكتساب مهارات لم يتم الإعلان عنها من قبل القائمين على التحديث ، وعند البعض في المدن والأرياف تحول الأمر إلى معضلة لما فيه من صعوبات حين تفشل عددا من المحاولات ، ولا عحب أن يعزف الأفراد عن إجراء التحديثيأسا لما يحتاجه الإدخال من صبر وخبرات ، ورغم عدم علمنا بنسبة الانجاز إلا إن المشهد يعكس الحاجة الماسة للتمديد لأسابيع ، ودور التجارة يجب أن يعاود الظهور ليطمأنالمواطن إن حصته التموينية سوف لا تضيع كما ضاعت عن البعض في التحديث الأول ممن عدوا ضمن الفضائيين فمنهم لم يستطع الحضور والبعض قرر التخلي عن هذا الامتياز والبعض الآخر ربما له أعذار ، وربما سيثبت لاحق إن ( اخدم نفسك بنفسك ) لا تصلح لكل المقامات والحالات والأحوال ربما بسبب خبرة العراقيين في استخدام التقنيات رغم حماستهم لعبور الروتين فالعافية بالتدريج ، واحد الأسئلة البسيطة المكررة هنا وهناك بهذا الخصوص ، لماذا لم يتزامن هذا التطبيق مع التعداد السكاني الذي انتهى قبل أسابيع ولماذا لم تستفيد التجارة من نتائج ذلك التعداد للتحديث ما دمنا في ذات البلاد ؟! .