“الدبلوماسية الإيرانية” ترصد .. أنقرة والرياض لن تتحملا بعد الآن سياسة الضغوط القصوى ضد إيران

“الدبلوماسية الإيرانية” ترصد .. أنقرة والرياض لن تتحملا بعد الآن سياسة الضغوط القصوى ضد إيران

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

تركيا..

بالنظر للتغيرات الكبيرة في سياسة “تركيا” الخارجية، وتأكيد “أنقرة” على لعب أدوار مستقلة ومتعددة الأبعاد، اتخذت “تركيا”؛ في العقد الأخير، خطوة كبيرة نحو تقليل اعتماد سياستها الخارجية على “الولايات المتحدة”؛ حيث نجحت “تركيا” خلال العقد الماضي في التحول من (الالتزام بالغرب) إلى (التحالف مع الغرب). بحسّب تحليل “عرفان إبراهیمي”؛ ماجستير الدراسات الإقليمية بجامعة (علامة طباطبائي)، المنشور بصحيفة (الدبلوماسية الإيرانية).

وقد أدى ذلك إلى توترات وخلافات مع إدارة “ترمب” الأولى في العديد من القضايا الثنائية والإقليمية؛ حيث تختلف رؤية “تركيا” الجديدة عن رؤية “ترمب” في الشؤون الإقليمية، ومن المؤكد أنها لن تواكب “ترمب”، في فترة ولايته الثانية فيما يخص سياسة الضغط الأقصى، لأن “تركيا” كانت من الوسطاء في انطلاق المفاوضات، ومن المعارضين لانسحاب “الولايات المتحدة” من “الاتفاق النووي” الإيراني، ومن ناحية أخرى، تعيش “أنقرة” توازنًا تجاريًا إيجابيًا مع “إيران” ولا ترغب في تعطيل ذلك.

تسعى “أنقرة” إلى زيادة العلاقات التجارية مع “إيران”؛ في ظل المشاكل الاقتصادية الداخلية، وبالتالي فإن سياسة “الضغط الأقصى” تعيَّق تحقيق هذا الهدف.

كذلك فإن “تركيا” لا تقبل بـ”إيران” النووية؛ باعتبارها منافس إقليمي. وبالنظر إلى دور الضغوط الأميركية في زيادة الأنشطة النووية الإيرانية، فقد أقتنعت “أنقرة” بأن سياسة “ضغوط الحد الأقصى”، سوف تُزيد من وتيرة النووي الإيراني.

وعليه تؤكد “تركيا” على الدبلوماسية بدلًا من الإجراءات القسرية، وبالنظر لعدم انضمام “تركيا” إلى سياسة “الضغوط القصوى”، فالمتوقع أن يستخدم “ترمب” كما حدث في فترته الرئاسية الأولى، ورقة الأكراد ضد الحكومة التركية.

والفرق بين الفترتين هو تزايد الدور التركي في “سورية” نتيجة الإطاحة بنظام “الأسد”، وصعود (هيئة تحرير الشام)، حيث يمكن للأكراد في “سورية” إثارة الاضطرابات سواء على صعيد الأمن الداخلي السوري أو على حدود “تركيا”، وهذا الأمر أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى بالنسبة للحكومة التركية.

السعودية..

كانت “السعودية”؛ خلال فترة “ترمب” الرئاسية الأولى، تدعم سياسة “الضغوط القصوى”، ولعبت دورًا في هذه الأحجية.

لكن وبالنظر إلى المتغيرات الهيكلية التي حدثت خلال فترة “ترمب” الرئاسية الحالية، فقد وجد القادة السعوديون أنفسهم أمام خيارين صعبين. فقد منح “ترمب” امتيازات لـ”السعودية” مثل دور الوساطة في القضية الأوكرانية، لكنه يسعى، من جهة أخرى، إلى توريط “السعودية” في تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

لكن “السعودية” بدأت في تنويع علاقاتها الخارجية، وأصبح دور القوى الكبرى الأخرى مثل “روسيا والصين” أكثر بروزًا في السياسة الخارجية لـ”السعودية”.

وبالنظر إلى دور هذه الدول، لا يمكن التعويل على دعم القيادة السعودية سياسة “الضغوط القصوى” بلا تردد، لكن هذا لا يعني بالطبع عدم رغبة “السعودية” في اتباع سياسة الضغوط القصوى ضد “إيران”، إلا أن المتغيرات الإقليمية أثرت على سلوك القيادة السعودية وجعلتها أكثر حذرًا.

لذلك، تسعى القيادة السعودية، بالنظر إلى تجديد العلاقات مع “إيران”، للحفاظ على استمرارية هذه العلاقات.

من المتغيرات الهيكلية المهمة الأخرى، دخول القوى الكبرى في المعادلات الإقليمية وعلى المستوى الوطني، في حين ترغب “السعودية” في التخلص من القضية اليمنية من خلال تخفيف التوتر مع “إيران”.

ويمثل تركيز العرب على التنمية الاقتصادية بدلًا من المنافسات السياسية والجيوسياسية، تغييرًا آخر في توجهات قادة السعودية ودول الخليج الأخرى، الذين يحتاجون إلى استقرار إقليمي لتحقيق رؤاهم التنموية.

من هذا المنظور، لا ترغب “السعودية” في تفعيل سياسة “ضغوط الأقصى” لأنها تؤدي إلى عدم الاستقرار، بينما تقوم استراتيجية “الرياض” في هذه الفترة على الموازنة.

وتعتبر البراغماتية السمة الأكثر أهمية في السياسة الخارجية السعودية حاليًا. وعلى عكس فترة “ترمب” الرئاسية الأولى، ترى “السعودية”؛ كـ”تركيا”، أن سياسة “الضغط الأقصى” تعجل ببرنامج “إيران” النووي، ولذلك تميل بدلًا من المواجهة، إلى إدارة العلاقات مع “طهران”.

وتتجلى سياسة الموازنة وتغيير نظرة القيادة السعودية في تنويع شبكة العلاقات الخارجية. وقد تغيرت نظرتهم إلى مسألة الضغط الأقصى من كونها عاملًا للإطاحة بالنظام الإيراني إلى عامل ضغط في العلاقات الخارجية، وبالتالي لا تعارض الرياض مبدأ الضغط الأقصى، وإنما تربط تنفيذه بالسياسات الملائمة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة