خاص: كتبت- نشوى الحفني:
ما إن جاء مساء السبت الماضي؛ إلا وكانت العاصمة اليمنية؛ “صنعاء”، على موعد مع أكبر هجوم أميركي على (الحوثيين) في “اليمن”؛ وذلك لأول مرة منذ شهور، ومنذ تولي الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، منصبه.
ذلك العدوان الأميركي على أهداف تم الزعم بأنها تابعة لـ (الحوثيين)؛ يراه المراقبون أنه الأكبر من نوعه وقد تعمل تلك الهجمات على تقليص هجمات (الحوثيين) ضد السفن التجارية والعسكرية؛ خلال الفترة المقبلة، ولكنها لن تنتهي إطلاقًا نظرًا للظروف والتضاريس في “اليمن”.
وشنّت “الولايات المتحدة”: (40) غارة، على العاصمة “صنعاء، وصعدة، والبيضاء”، أسفرت في حصيلة غير نهائية، عن استشهاد (45) شخصًا، وجرح أكثر من (100) آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، في وقتٍ تدعي فيه “الولايات المتحدة”، أن الأهداف هي أهداف عسكرية.
ووفقًا لمصادر موقع (أكسيوس)؛ فإن الأهداف الأميركية المحتملة تشمل السفن الإيرانية القريبة من السواحل اليمنية، والتي تساعد (الحوثيين) في جمع المعلومات الاستخباراتية، إضافة إلى المدربين العسكريين الإيرانيين، والمعدات العسكرية المتطورة التي تقدمها “طهران”؛ لـ (الحوثيين).
تهديدات “ترمب” لإيران..
وبعد ساعات من توجيه الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، رسالة تحذير لـ”إيران”، وفي خضم التصعيد الذي تشَّنه “الولايات المتحدة” على أحد أذرع “طهران”، اقتربت مُسيّرة أميركية من المجال الجوي الإيراني، إلا أنها انسحبت بعد اعتراضها.
وكان “دونالد ترمب” أعلن؛ الإثنين، أن “إيران”: “ستتحمل مسؤولية كل طلقة نار” يُطلقها (الحوثيون)؛ المدعومون من “طهران”، الذين يشَّنون هجمات على السفن التجارية قبالة سواحل “اليمن” منذ أكثر من عام.
ونقل موقع (نور نيوز) الإيراني عن القوات الجوية الإيرانية قولها؛ الإثنين، إن طائرة تجسس أميركية مُسّيرة انسحبت من قرب المجال الجوي الإيراني بعد أن اعترضتها طائرات مقاتلة إيرانية من طراز (إف-14) وطائرات استطلاع مُسيّرة.
وكتب الرئيس الأميركي على منصته الاجتماعية؛ (تروث سوشيال): “سيُعتبر كل إطلاق نار من (الحوثيين)، اعتبارًا من الآن، نيرانًا أطلقتها أسلحة إيرانية والمسؤولون في إيران. وستحمل إيران المسؤولية وستتحمل عواقب” ستكون: “رهيبة”.
وزعم “دونالد ترمب”؛ أن: “مئات الهجمات التي نفذّها (الحوثيون) والمافيا الشريرة المتمركزة في اليمن، الذين يكرههم الشعب اليمني، تنطلق من إيران وتخطط لها إيران”.
وأوضح أن “طهران” تمَّلي على (الحوثيين) أبسط: “التعليمات والتوجيهات” وتؤمن لهم: “الأسلحة والأموال والمعدات العسكرية المتطورة وحتى ما يسمى الاستخبارات”.
هجمات حوثية على الأهداف الأميركية..
وردًا على ذلك؛ أعلن “الحوثيون”، مسؤوليتهم عن هجومين منفصلين على حاملة الطائرات الأميركية؛ (يو. إس. إس. هاري ترومان)، في “البحر الأحمر”، يومي الأحد والإثنين، باستخدام صواريخ باليستية وصواريخ (كروز)، بالإضافة إلى مُسيّرات. ولم تؤكد “الولايات المتحدة” وقوع هذين الهجومين.
تصريحات استفزازية..
وفي ردها؛ أبلغت “إيران”؛ “مجلس الأمن الدولي”، في رسالة يوم الإثنين، أن الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، ومسؤولين أميركيين آخرين أدلوا بتصريحات: “متهورة واستفزازية”، وجهوا من خلالها: “اتهامات لا أساس لها”، وهددوا باستخدام القوة ضد “طهران”.
وكتب السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة؛ “أمير سعيد إيرواني”، في الرسالة: “ترفض إيران بشدة وبشكل قاطع أي اتهام بانتهاك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بحظر الأسلحة في اليمن، أو التورط في أي أنشطة مزعزعة للاستقرار بالمنطقة”.
وقالت “إيران”؛ في الرسالة، إن (الحوثيين) والسلطات اليمنية: “تعملان بشكل مستقل في اتخاذ القرارات والإجراءات”.
لتقويض قدرة “الحوثيين”..
وفي أول إحاطة صحافية رسمية لـ (البنتاغون)؛ في الولاية الرئاسية الحالية لـ”ترمب”، قال المتحدث باسم “وزارة الدفاع” الأميركية؛ “شون بارنيل”، إن الضربات الأميركية ضد (الحوثيين) مستمرة بهدف تقويض قدرتهم على التخطيط للهجمات وتنفيذها، وإن “إيران” تلقّت تحذيرًا من “ترمب”.
ضربات نوعية تقلص قدرات “الحوثيين”..
تعليقًا على الضربات الأميركية؛ قال اللواء طيار الدكتور “هشام الحلبي”، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، إن الهجمات الأميركية هذه المرة تمثل ضربات نوعية ومختلفة تمامًا عن الضربات السابقة، حيث استهدفت قيادات (الحوثيين) بدقة وهذه الخطوة جديدة تمامًا، مشيرًا إلى أن فترة الاستهداف ستكون طويلة وقد تستمر لأيام أو أسابيع مما سيؤثر على قدرات (الحوثيين) بشكل كبير. بحسب مزاعمه.
مدعيًا لموقع (24) الإماراتي؛ أن النقطة الأخرى المهمة هي أن الضربات نُفذت خلال فترة الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، وليس الرئيس؛ “بايدن”، بهدف إثبات أن ما يُقال يتم تنفيذه فورًا. وبناءً على ذلك، فإن الضربات الأخيرة استهدفت أهدافًا محددة بدقة.
كما يستمر اللواء “هشام الحلبي”؛ في مزاعمه الدعائية، أن الضربات ستعمل على تقليص إمكانيات (الحوثيين) وتُقلل من هجمات الجماعة ضد السفن التجارية سواء الإسرائيلية أو الأجنبية، لكن قدراتهم لن تنتهي تمامًا، نظرًا لطبيعة الأرض الصعبة واستخدامهم صواريخ (أرض-أرض).
استبعاد المواجهة المباشرة..
كما استبعد “الحلبي” أن تشهد الفترة المقبلة مواجهة مباشرة بين “إيران”؛ التي تدعم (الحوثيين)، و”الولايات المتحدة”، وقال إن “إيران” لا ترغب في وقوع صدام مباشر أو غير مباشر مع “أميركا”.
وأوضح “الحلبي” أن “الولايات المتحدة” أرسلت رسالة إلى “طهران” من قبل الرئيس؛ “دونالد ترمب”، عن طريق وسطاء وفي انتظار الرد عليها لبدء مرحلة التفاوض دون الدخول في صدام مباشر، مؤكدًا أن الضربات الأميركية ضد (الحوثيين) قد تساهم في الضغط على “إيران” خلال مرحلة التفاوض.
وكان “ترمب”، أعلن السبت الماضي، عن إطلاق عمل عسكري، “حاسم وقوي” ضد الحوثيين، وقال في منشور على منصته (تروث سوشال) للتواصل الاجتماعي: “سنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا”، متهماً الحوثيين بتهديد حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وأضاف: “إلى جميع الإرهابيين الحوثيين، انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم، بدءاً من اليوم”.
وكان قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، قد أكد أن إيران ستردّ على أي هجوم يستهدفها، وذلك في تصريحات الأحد رداً على تحذير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من دعم الميليشيا الحوثية في اليمن.
وتمثل هذه الضربات الأميركية، الأولى على اليمن، منذ تولي ترامب منصبه في كانون الثاني/يناير الماضي، بعد توعد الحوثيين، باستئناف هجماتهم ضد السفن الإسرائيلية، في البحر الأحمر وبحر العرب، والتي قاموا بها خلال الأشهر الماضية دعماً للفلسطينيين في حربهم مع إسرائيل في غزة.
مساندة اليمن..
وعلى الجانب العراقي، صعدت الميليشيات العراقية المرتبطة بإيران، مثل “كتائب حزب الله” و”عصائب أهل الحق”، هجماتها ضد القواعد الأميركية في العراق وسوريا خلال الأشهر الماضية، تحت ما يسمى “المقاومة الإسلامية”، نفّذت هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ على القواعد الأميركية في أربيل وعين الأسد ودير الزور، مهددة الوجود العسكري الأميركي في المنطقة.
وتوحي تصريحات المسؤولين الأميركيين الأخيرة بأن استهداف هذه الجماعات بات خياراً مطروحاً، خصوصاً أن واشنطن سبق أن وجهت ضربات لها في الأعوام الماضية.
وأعلنت ميليشيات عراقية أنها ستساند حلفائها في اليمن ضد الولايات المتحدة، وذلك في رسالة وجهتها ما تسمى بـ”المقاومة الإسلامية في العراق” إلى زعيم الحوثيين؛ تقول “إننا رهن إشارة عبدالملك الحوثي”.
توجيه ضربات استباقية..
يعتقد المحلل السياسي محمود أبو واصل، أن واشنطن أرسلت رسالة قوية لطهران بضرب الحوثيين، مفادها أن أي استهداف للمصالح الأميركية سيُواجه برد عسكري قوي، بغض النظر عن المكان الذي تنطلق منه التهديدات.
ويرى أبو واصل أن إيران قد تحاول الرد عبر وكلائها في العراق وسوريا، مما قد يدفع الولايات المتحدة لتوجيه ضربات استباقية ضد الميليشيات العراقية لمنع التصعيد.
ويضيف: “إذا استمرت الميليشيات في استهداف المصالح الأميركية، فمن المحتمل أن نرى ضربات محدودة في العراق، لكنها لن تكون بحجم الضربات في اليمن، لأن الوضع السياسي في بغداد أكثر تعقيداً، والولايات المتحدة لا تريد تصعيداً كبيراً هناك”.
الاستهداف مسألة وقت..
أما الخبير في الشؤون الإقليمية عامر ملحم، فيرى أن استهداف الميليشيات العراقية قد يكون مسألة وقت، لكنه يعتمد على سلوك هذه الجماعات في الأسابيع المقبلة.
ويشير ملحم إلى أن الضربات الأميركية الأخيرة تحمل أبعادًا تتجاوز مجرد الرد العسكري، قائلاً: “الإدارة الأميركية تريد إرسال رسالة مزدوجة: أولًا، أنها لن تتسامح مع أي تهديد مباشر لقواتها أو مصالحها؛ وثانيًا، أنها مستعدة لاستخدام القوة ضد إيران وحلفائها إذا استمروا في التصعيد”.
لكن الفرق بين الحوثيين والميليشيات العراقية، بحسب ملحم، هو أن الأخيرة تعمل ضمن بيئة سياسية معقدة، حيث للحكومة العراقية نفوذ معين، وهذا يجعل قرار الضربات أصعب من الناحية الدبلوماسية.
3 سيناريوهات متوقعة..
ويري المحللين أن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة: أولها تصعيد محدود عبر توجيه ضربات أميركية دقيقة ضد مواقع محددة للميليشيات العراقية، مثل مستودعات الأسلحة أو مواقع إطلاق المسيرات، دون استهداف قادة الجماعات لتجنب تصعيد كبير.
والخيار الثاني هو الردع الدبلوماسي، من خلال ممارسة ضغوط على الحكومة العراقية لضبط أنشطة الميليشيات، مقابل تجنب الضربات العسكرية المباشرة، خاصة مع مساعي بغداد للحفاظ على التوازن بين واشنطن
والسيناريو الثالث وهو مستبعد، عبارة عن تصعيد شامل، إذا قامت الميليشيات العراقية بهجوم كبير يستهدف قواعد أميركية بشكل مباشر، فقد يكون الرد الأميركي أوسع، ليشمل استهداف شخصيات قيادية في هذه الجماعات، كما حدث في 2020 عندما قُتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.