صفحات خالدة من تاريخ الانتفاضة الشعبانية

صفحات خالدة من تاريخ الانتفاضة الشعبانية

نعيش هذه الايام ذكرى اندلاع الانتفاضة الشعبانية المجيده في اذار 1991 , والتي كانت أول ثورة شعبية عمت مدن وسط وجنوب العراق وكانت  صرخة مدوية بوجه أبشع نظام دكتاتوري قمعي عرفتة شعوب الارض وكانت صدمة مروعه  للدكتاتور وحزب البعث  والاجهزة البوليسية ..
ولقد بذلنا جهودا مضنية وعدة محاولات جادة للحفاظ على تاريخ وإرث الانتفاضة الشعبانية ..أذ ان هذة الانتفاضة هي حدث مفصلي وهام في تاريخ الثورات الشعبية في عراقنا الحبيب ..وان تجديد ذكراها والوقوف على أبرز محطاتها  هوديمومة لهذه الذكرى التي تنصل وابتعد عنها الجميع الا ثلة طيبة من الكتاب والمؤرخين من حملة الامانة التاريخية والعرف المهني .
شخصيا سافرت لعدة مدن عراقية شهدت  ساحاتها صفحات من جهاد أبطال هذة الثورة الشعبية ..وألتقيت بعدد من رجالها ..ألا انني لمست تباين واضح في سرد الاحداث ونسب نفس الوقائع لعدة شخصيات ..كل منهم يرويها بصور متعددة .لكن ذلك لم يمنع من تدوين وتوثيق هذة الصفحات الخالدة التي طرزتها دماء الشهداء الابرار .فتحية لكل الابطال الذين اذلوا الطاغية وكانوا مشاريع استشهاد وتضحية من أجل العراق وشعب العراق
     الجزء الاول
الفهود..من هنا أنطلقت الانتفاضة
حسين باجي الغزي-سيد صادق أل سيد جعفر
في مثل هذه الايام قبل عقدين من الزمن وبعد ان اعلن طاغية العراق المقبور صدام حسين … الاستسلام امام قوات التحالف التي عبرت المحيطات والبحار لتحرير الكويت وراح نتيجة تلك الحرب الظالمة الالاف من ابناء الشعب العراقي الذين ساقهم المقبور صدام الى حرب ليس لهم فيها ناقة ولا جمل ،وقد كان معظم ابناء الشعب العراقي غير مقتنعين بتلك الحرب الا ان قسوة النظام وعنجهيته وظلمه واستهتاره بحياة شعبه جعلتهم يستسلمون له ويطيعونه في كل شئ ولكن بالمقابل كان هناك ثلة خيرة من شباب العراق الشجعان يترقبون الوقت المناسب للقيام بعمل عسكري يعيد للشعب العراقي هيبته ويكفر عن ذنوبه التي اقترفها في خلق الطغاة وبالذات الطاغيةالمقبور صدام حسين.
 فجاء ذلك اليوم وفي ليلة الرابع عشر من شعبان المبارك قررنا بان نكون او لانكون فاما ان نكون احرارا ولا نخشى الطغاة او ان لانكون وندعي رفضنا الظلم والظالمين ونبقى اذلة خانعين ففي تلك الايام قررنا ان نكون من اصحاب الامام الحسين عليه السلام الذين لم يروه وقررنا ان نرفع شعار الامام عليه السلام هيهات منا الذلة وقررنا ان نحصل على احدى الحسنين اما النصر او الشهادة نسينا ان لنا اهلا سيتحملون عواقب قرارنا ذلك ونسي الشهيد لفتة والشهيد ابو امل والشهيد عدنان وباقي الشهداء بان لديهم عوائل واطفال ان استشهدوا فسوف يبقون ايتاما نسينا ان بيوتنا المتواضعة سوف تعبث بها او تحرقها مرتزقة النظام من البعثيين واذنابهم وتهدمها على رؤوس ساكنيها نسينا ان النظام سوف يعرض المنطقة الى ضربة كيمياوية ويقتل كل حي فيها كما حصل لحلبجة في العام 1988 نسينا كل شئ وتذكرنا العراق وتذكرنا ابناء العراق الذين يساقون الى مقاصل الاعدامات كل يوم احد واربعاء في زنزانات ابو غريب سيئة الصيت تذكرنا انه لازال لنا اخوة خلف القضبان لازالو يئنون من جراحاتهم وظلم سجانيهم بعد ان تركناهم عام 1988 بعد انتهاء الحرب مع الجارة ايران ,تذكرنا ان هذه الزمرة العفنة التي مرغت كرامة العراقيين بالوحل لاينفع معها الا العمل المسلح وجدنا انفسنا قادرين على القيام بهكذا ثورة مسلحة حيث وجدنا العزيمة والاخلاص مع الله ومع شعبناوجدنا ان عملنا هذا لله فيه رضا وللناس فيه صلاح فتوكلنا على الله اتفقنا( 45 شابا) لم يتجاوز اكبرنا 30 عاما وهو الشهيد السعيد ابو امل (نبيل صبار) الذي كانت انطلاقتنا من بيته وقامت والدته رحمة الله عليها بتشجيعناودعمنا معنويا حتى انها لم تنم ليلتها تلك عندما خرجنا من بيتهافجرا الى مقر تجمع الشباب في علوة اسماك الفهود خرجت هي الاخرى الى سوق الفهود وهي تتضرع الى الباري عزوجل بالنصر العاجل كانت والدة الشهيدابو امل التي تجاوزت السبعين من العمر انذاك قد ذكرتنا بموقف طوعة مع مسلم بن عقيل وشتان بين ماانجبته طوعة وبين ماانجبته والدة شهيدنا ابو امل رحمة الله عليهما,بعد خروجنا من بيت الشهيد ابو امل الى مقر تجمع الثوار والمجاهدين وهي علوة اسماك الفهود كما ذكرت تم توزيع المجاميع التي يجب ان تسيطر على المواقع الرئيسة في الناحية كالفرقة الحزبية ومركز الشرطة ودار مسؤول الفرقة الحزبية ودائرة الامن وبيوت بعض الرفاق ودار مدير الناحية وحماية محطة البنزين والمدارس والمستشفى من النهب والسلب والمخربين والمغرضين كان علينا ان نسيطر على هذه المواقع بغضون ساعة ليس اكثر من ذلك وبالفعل تم السيطرة على كل المواقع المذكورة بفترة قصيرة جدا باستثناء دائرة الامن التي استسلمت بعد طلوع الشمس ومحاصرة كادرها بما فيهم ضابط الامن وقد كان لدينا اتفاق مع الاخوة في ناحية الطار بقيادة الحاج الملا جعفر الجابري والشهيد حسون صباح والشهيد البطل ابو جاسم العبادي حيث استلمنا الاشارة من اخواننا في ناحية الطار والتي لاتبعد كثيرا عن ناحية الفهود بانهم سيطروا على الموقف من خلال رصاصتين مذنب كنا اتفقنا عليها في اشارة لنا ولهم بانهم اكملوا تحرير الناحية من البعثيين والسيطرة على المواقع الحساسة وفي الصباح ذهبنا انا والشهيد ابو امل الى ناحية الطار لكي نطمئن على سلامة الموقف هناك وبعد ذلك سمعت ابناء المناطق القريبة من الفهود والطار واخذت تتهيالاستقبال الثوار القادمين من الفهود والطار وبالفعل تحررت كرمة بني سعيد وسوق الشيوخ في غضون ساعات قلائل وامتدت الشرارة الى ابعد قصبة وقرية في عراقنا ولم يوقفها شئ وبدات العروش تتهاوى حتى وصلت شرارة الانتفاضة الى عرش الطاغية الا ان العالم كل العالم وقف ضدها عندما وصلت الى عرش طاغية العراق واخذت الاعراب الذين وصفهم القران الكريم اشد كفرا ونفاقاتتوسل ببوش والادارة الامريكية بايقاف المد الشعبي لهذه الانتفاضة وان بقاء صدام افضل بكثير من القادم الجديد الذي لم يكن يروق لهم لانهم كانوا يخشون ان يحصل لهم وتنتفض شعوبهم عليهم وفعلا حصل لهم ماكانوا يتوقعون ولكن حصل هذا بعد سقوط صنم بغداد عام 2003 فقد بدات تتساقط الاصنام بدات في تونس وتلتها مصر والقائمة سوف تشمل كل الطغاة المجرمين ولكن للزمن قيمة. من اسباب انتكاسة الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ايضا هو ان الذي جرى في العراق قد جرى في الظلام فلم تكن هناك وسائل اعلام ولا انترنيت لتنقل للعالم مايجري هناك وان الاتصالات معدومة والطرق قد قطعت تماما كما انها كانت تفتقد للدعم الاعلامي العالمي بل ان العديد من وسائل الاعلام العالمية التي كانت تتواجد في الجنوب لم تتحمل مسؤوليتها الاعلامية ولا حتى الاخلاقيةوباعت ضمائرها مقابل حفنة من الدولارات التي اعطاها صدام لهم مقابل تشويه صورة الانتفاضة والصاقها بدول اخرى لها موقف عدائي مع امريكا حتى ان احد القنوات العالمية وصفت الثوار بانهم ايرانيين قدموا من ايران ليشيروا الشغب والغوغاء في صفوف العراقيين والالاف منهم الان يقفون على الحدود العراقية الايرانية لكي يسمح لهم بالدخول من قبل حرس الحدود الايراني وقد حصلت على مبالغ كبيرة من النظام المقبور مقابل هذا الخبر لانه اسهم وبشكل مباشر في تغيير رأي العالم والولايات المتحدة في القادم المجهول حتى ان الادارة الامريكية اعطت الضوء الاخضر لقتل الانتفاضة وسمحت لصدام باستخدام جميع الاسلحة بما فيها المحرمة دوليا والطيران في قمع الانتفاضة علما بان العديد من ابناء العراق الذين كانوا يعيشون في ايران وهم بعشرات الالاف لم يسمح لهم بالدخول الى العراق ابان الانتفاضة وفي مقدمتهم سماحة اية الله الشيخ محمد باقر الناصري حيث قال لنا في احد لقاءتنا به لقد بقيت على الحدود العراقية الايرانية مع مجموعة كبيرة من الشباب العراقي المتواجد في ايران و لمدة 3 ايام دون ان يسمحوا لنا بالدخول لاسباب لا مجال لذكرها هنا. عقدين من الزمن مضين ونحن لازلنا نعيش نشوة الانتفاضة ضد اعتى طاغية عرفته المعمورة, تلك الانتفاضة التي كسرت حاجز الخوف في العراق واعطت الفرصة للاخرين بان يتكلموا ويقولوا ويهتفوا ضد الدكتاتور ومن ثمار تلك الانتفاضة ايضا هو اطلاق سراح جميع السجناء في سجن ابو غريب والاعتراف الدولي بوجود معارضة سياسية ضد نظام صدام حسين حيث اقر في الامم المتحدة شمول العراق بقانون اللجوء السياسي نتيجة القمع الاضطهاد السياسي والعرقي الذي يتعرض له شعب العراق وبهذا حصل العديد من العراقيين على فرصة العيش في الدول الغربية حتى وان لم يكن الشخص الذي يطلب اللجوء سياسيا, وعندما وصل العديد من ابناء الانتفاضىة الى امريكا واوربا قاموا بنشاط اعلامي في الدول التي يقيمون فيها وحشدوا الرأي العام العالمي ضد الطاغية المقبور ولم يهدأ لهم بال حتى تم اسقاط النظام عام 2003 اليوم ونحن نمر بمرور عقدين من الزمن والانتفاضة لازالت فتية طرية نتداول حلاوتها في كل لحظة ولازلنا نفتخر بها وتفتخر بها ابنائنا الذين لم يعيشوا ايامها الجميلة ,نعم ان الانتفاضة قتلت ولكنها لم تمت وبما انها لازالت حية مابقينا احياء فقد كان لابد لنا ان نتذكر شهدائها وابطالها ورموزها ونقف اجلالا واكبارا لهم والسلام على شهر شعبان وعلى المولود في النصف من شعبان وعلى انتفاضة شعبان وعلى شهدائها وعلى احياءها وثوارها.
الجزء الثاني
البصرة..قذيفة دبابة تحطم جدارية الدكتاتور .
تابع ….