في الأخبار التي تناقلت منذ مساء البارحة والتي هزت ارجاء موجات الأثير، وما زالت تتصدر شاشات القنوات الإخبارية العربية والاجنبية ومشاهد تبعات القصف المباشر ومن مساء يوم السبت 15 مارس 2025، حيث تنقل سحب الدخان الأسود الكثيف وهي تتصاعد فوق سماء العاصمة صنعاء وبقية المدن اليمنية، بعد أن قام الطيران الحربي الأمريكي بقصف شديد لمختلف المدن بضربات مدمرة. ومع اعلان جماعة أنصار الله (الحوثيون) بغضب أن غارات أمريكية — نعتقد بدورنا انها تكون بمشاركة إسرائيلية ومن خلال خبرتها الميدانية سابقآ في توجيه مثل تلك الضربات الجوية حتى ولو يتم ذكرها صراحة لغاية الان في الاعلام ولكن خلال الساعات القادمة قد تتكشف عن بعض الخفايا — تُمزق في بداية الضربة قلب العاصمة اليمنية، حيث سُجلت أربع ضربات عنيفة في بدايتها واستهدفت حي الجراف شمالي صنعاء، أولاها أطلقتها مقاتلات انطلقت كالصواعق من حاملة الطائرات ‘هاري إس ترومان’ المتمركزة في البحر الأحمر. هذه الهجمات، التي أمر بها الرئيس “دونالد ترامب” بقبضة حديدية، حطمت رادارات ودفاعات جوية وأنظمة صواريخ ومسيرات الحوثيين، بهدف فتح ممرات الشحن الدولية في البحر الأحمر التي خنقتها الجماعة.
لكن النيران الأمريكية تحمل رسالة أخرى: صفعة تحذيرية لإيران، مع تأكيد أن تدمير ترسانة الحوثيين قد يمتد لأيام، بل وقد يتصاعد إلى جحيم أوسع وحسب انتظار رد الجماعة. صقور ادارة البيت الابيض , يتوعدون بحملة لا هوادة فيها، تهدف إلى سلخ الحوثيين من سيطرتهم على معسكراتهم ومخازن أسلحتهم المسيرة ومواقعهم الاستراتيجية، لتحويلها إلى أنقاض تحترق تحت وطأة القوة الأمريكية. باعتقادنا وحسب رؤيتنا , بان هذه الخطوة لم تكن وليدة الصدفة . لكن خلف هذا التصعيد العسكري المفاجئ، تكمن لنا شاهدة لرؤية أعمق وأكثر حساسية : ومن يحسب بان هذه ليست مجرد غارات عادية ، بل قد تكون في الخفاء جزء من صفقة ضخمة تُقدر بتريليون دولار بين الرياض وواشنطن، تُرسم خطوطها في غرف الاجتماعات المغلقة وتُنفذ الآن في ساحات المعركة.
*لنقل بصيغة اخرى وحسب ما نراه من قراءتنا انها كانت ضربة معلم سعودي عصفورين بحجر واحد وبأن السعودية، دون أن تلوث يدها مباشرة في المستنقع اليمني كما في السابق ، نجحت في توظيف القوة الأمريكية لتحقيق هدفين استراتيجيين:
أولاً، تكون من خلال إضعاف الحوثيين – أبرز حلفاء إيران في المنطقة – عسكرياً وسياسياً ولوجستياً.
ثانياً، تعزيز صورتها كلاعب إقليمي لا يتدخل علناً، تاركةً واشنطن تتولى هذه المهمة .
*السعودية تشتري النصر بأموالها، لكن القنابل الأمريكية هي من تسدد ثمن الضربة والنصر الخفي ، ولم تأتي هذه الضربات حاليا بصورة عبثية ولكن بتخطيط مسبق ومشاورات سرية استغرقت أسابيع منذ أن وطأ ترامب قدمه في البيت الابيض:
لم تأتِ هذه الضربات من فراغ. نعتقد بانها قد تكون ومن خلال مشاورات مكثفة جرت بين الجانبين السعودي والأمريكي، ربما كجزء من صفقة استثمارية أو دفعة مسبقة تكون ضمن مدفوعات أسلحة استخدمت في هذا القصف العنيف . وكل صاروخ أُطلق اليوم هو استثمار سعودي يُدفع ثمنه بالدولار ويُنفذ بالحديد والنار؟ والهدف؟ تحجيم النفوذ الإيراني الى ابعد نقطة تستطيع الوصول اليه وانهائه نهائيا ودون أن تتحمل الرياض تبعات التدخل المباشر وهنا يمكن ذكاء وطريقة تفكير ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
*تشعر انها كانت ضربة قوية موجهة لإيران أكثر من انها موجهة الى اليمن او رسالة ارسلت لهم عبر اليمن:
الغارات التي نفذتها القيادة العسكرية الأمريكية لم تكن عشوائية وشملت كل من : صنعاء , صعدة , البيضاء ,ذمار وحجة
مأرب . بالاضافة الى سقوط مدنيين وجرحى لا ذنب لهم في هذا الصراع سواء انهم دائما يكونون وقود وضحايا تحسب ارقامهم لهذه المواجهات العنيفة تاركة لهم ماساة عوائلهم , فإنها ركزت هذه الضربات الجوية : مراكز القيادة دُمرت، مخازن الأسلحة أُحرقت، والطائرات المسيرة التي شكلت رأس حربة الحوثيين تحولت إلى رماد. هذا ليس مجرد قصف، بل رسالة موجهة إلى طهران: حلفاؤك لن يصمدوا أمام الضربات الجوية الامريكية بعد الان واينما كانوا.
من خلال تتبعنا الحثيث بمراقبتنا الدقيقة لهذا القصف الأمريكي الشرس الذي هز أركان جميع المدن اليمنية خلال الساعات الماضية ، نستطيع أن نحاول جاهدين بان نكشف الستار ونقرأ الحقيقة الخافية بين السطور: هذه الضربات الجوية ليست مجرد هجمات عفوية ولدت في لحظة جنون من الرئيس ترامب ، بل هي نتاج نقاشات سرية محكمة نسجت خيوطها في غرف مظلمة عبر تخطيط دقيق ومفاوضات سرية واجتماعات محمومة، وكان الجانب السعودي بلا شك العقل المدبر وراءها. نحن لدينا احساس تولد من خلال متابعتنا والقراءة بين السطور من تصريحات المسؤولين الامريكان والسعوديين السابقة تستطيع ان تستنتج وتشكل معها سيناريوهات عديدة ومتشعبة وضمن السياق بأن هذه الهجمات التي تشنها القيادة العسكرية الأمريكية بلا هوادة ، هي جزء من صفقة بقيمة تريليون دولار – استثمار سعودي في أمريكا، أو بالأحرى دفعة ثمن الأسلحة التي أمطرت النار اليوم . بهذا، تنجح السعودية، عبر ذراع أمريكا الطويلة، في لعب دور الماكر: تضرب عصفورين بحجر واحد – تتجنب وصمة التدخل العلني في الشأن اليمني، وفي الوقت ذاته تكسر أجنحة أقوى حلفاء إيران عسكرياً وسياسياً ولوجستياً، بضربة واحدة مدمرة.
*ترامب يضرب اليمن لدعم إسرائيل , تحت ذريعة ستار لتأمين البحار والملاحة الدولية وبالمقابل لتسهيل صفقة مع حركة حماس لاعادة الرهائن:
خلف هذا الستار، تبرز لنا بالشروع والقول بان هناك تلوح في الافق رؤية أكثر تعقيداً حول : هل هذه الغارات هي يد أمريكية ممدودة لإسرائيل، لتخفيف الضغط عنها وتمكينها من التركيز على إبرام صفقة لإطلاق سراح الرهائن مع حركة حماس؟ ومع استمرار الصراع بين إسرائيل وحركة حماس، وتزايد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لتأمين عودة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، ونحن نرى بأن الضربات الأمريكية قد تكون أكثر من مجرد رد فعل على تهديدات الحوثيين للملاحة . لأن إسرائيل مشغولة بجبهات متعددة وضغوط مصيرية سواء أكانت داخلية او خارجية ، والمسافة البعيدة بينها وبين اليمن تشكل تحدياً لوجستياً وعسكرياً كبيراً، وهذا ما رايناه في الضربات الجوية الاسرائيلية السابقة ولكن الرئيس “ترامب” له رؤية اخرى وقد تم ترجمتها اليوم على أرض الواقع ، وقيام اسرائيل و بتنسيق واضح مع واشنطن، قد يكون قرر تحمل العبء العسكري نيابة عن الجيش الإسرائيلي، ليمنح تل أبيب فسحة للتركيز على المفاوضات مع حركة حماس بدلاً من الانشغال بقصف معسكرات الحوثيين البعيدة. ولكن الهدف قد لا يقتصر على حماية ناقلات النفط وسفن البضائع. أمريكا تقدم خدمة مجانية لإسرائيل، وبضرب الحوثيين، وهم أحد أبرز حلفاء إيران، تخفف واشنطن الضغط عن إسرائيل، مما يتيح لها التفرغ لصفقة الرهائن دون الحاجة لفتح جبهة جديدة على بعد أكثر 2000 كيلومتر.
صحيح ان الرئيس “ترامب”، في تصريحاته، شدد على أن هذه العملية تهدف إلى “استعادة حرية الملاحة”، محذراً إيران من دعم الحوثيين تحت طائلة مسؤوليتها الكاملة. لكن التوقيت يثير التساؤلات لنا ولماذا الان بالذات : مع توقف هجمات الحوثيين على السفن منذ شهر ك 1 بعد هدنة قطاع غزة الهشة، هل هذه الضربات كانت استباقية أم دعم مباشر لحليف؟ وإذا نجحت إسرائيل في إبرام الصفقة مع حركة حماس، سيكون ذلك انتصاراً سياسياً لكل من ” نتنياهو وترامب ” على حد سواء.
لكن الخوف الان يتمثل بالرد الحوثي وبانتظار مخاطر التصعيد وفي المقابل، حذر الحوثيون من “رد قوي”، مشيرين إلى أن أي هجوم أمريكي لن يمر دون عواقب. السؤال الذي نستطيع طرحه الآن: هل ستتحول هذه الضربات إلى حرب مفتوحة، أم أنها مجرد مناورة لإعادة ترتيب الأولويات الإسرائيلية؟ نحن نعتقد بان إدارة الرئيس “ترامب” تلعب لعبة مزدوجة، تتمثل لنا حاليا وحسب قراءتنا بأنه :يحمي البحار بيده اليمنى، ويمهد الطريق لصفقة إسرائيلية كبرى بيده اليسرى.
لكن الخوف الان يتمثل بالرد الحوثي وبانتظار مخاطر التصعيد وفي المقابل، حذر الحوثيون من “رد قوي”، مشيرين إلى أن أي هجوم أمريكي لن يمر دون عواقب. السؤال الذي نستطيع طرحه الآن: هل ستتحول هذه الضربات إلى حرب مفتوحة، أم أنها مجرد مناورة لإعادة ترتيب الأولويات الإسرائيلية؟ نحن نعتقد بان إدارة الرئيس “ترامب” تلعب لعبة مزدوجة، تتمثل لنا حاليا وحسب قراءتنا بأنه :يحمي البحار بيده اليمنى، ويمهد الطريق لصفقة إسرائيلية كبرى بيده اليسرى.
مع استمرار الدخان يتصاعد من المواقع اليمنية المستهدفة، تبقى الأسئلة مفتوحة: هل سترد إيران عبر وكلائها؟ وهل ستتحمل اسرائيل وبدرجة اخرى السعودية ثمن هذه اللعبة الخطرة إذا ما تصاعدت الأمور وخرجت عن نطاق السيطرة ؟ صحيح أن اليمن اليوم ليس سوى مسرح لصراع أكبر وأعمق ، وهذه الضربات الجوية الأمريكية ليست سوى الفصل الأول من خطة قد تعيد تشكيل موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط وقد تشمل هذه الضربات الجوية ويتسع نطاقها الى استهداف مباشر الميليشيات الولائية المسلحة العراقية التي يتخفى معظمها تحت مؤسسة “الحشد الشعبي” ذات العقيدة والمرجعية السياسية والدينية الإيرانية الرئيس دونالد ترامب ومن صيغة تصريحاته العنيفة وتعليقه على هذه الضربات تشعر معها بانه عازم فعلا في فترة رئاسته الثانية على إنهاء أي تهديد حقيقي وجودي والى غير رجعة لما يعرف بمحور الإيرانية توحيد الساحات والمقاومة والممانعة جميع قادة انصار الله الحوثية أصبحت من لحظة الشروع بهذه الضربة الجوية تحت مراقبة مكثفة على مدار الساعة لعدسات صقور إدارة البيت الأبيض.
رسالة الرئيس ترامب واضحة وصريحة :”وقتكم انتهى ويجب أن تتوقف هجماتكم بداية من اليوم وإلا ستشهدون جحيما لم تروا مثله من قبل “. و نستطيع بدورنا أن نستنتج من هذا التهديد وبمعنى آخر اللعبة انتهت وانتهى معها الفصل الأخير من مسرحيتكم الهزيلة، أيها الحوثيون وإيران، فالستار قد أُسدل، واللعبة التي طالما ظننتم أنكم أسيادها قد بلغت نهايتها الحتمية. شرق أوسط جديد يتشكّل الآن، ترسم معالمه بأيدٍ حازمة امريكية ترامبية صاعقة ما حقة ومع إسرائيل ودول الخليج العربي حتى ولو كان بعضهم ما يزال يعمل خلف الستار وداعم لهذا التوجه ، هذا تحالفٌ الخفي منه والعلني لا يقبل المساومة . أمامكم مفترق طرق مصيري: إما أن تنضموا إلى ركب التاريخ الجديد ، أو تقفوا في مواجهته، ولكل قرار ثمنه الباهظ الذي تحملونه بأنفسكم. نحن لن نفرض عليكم خيارًا، لكن اعلموا أنّ زمن ما يسمى بـ “محور المقاومة” الزائف، وشعارات “الممانعة” الجوفاء، ووحدت الساحات وأوهام تصدير الثورة إلى جوارنا ومنطقتنا، وهتافات تحرير فلسطين والصلاة في القدس، قد انهار واندثر إلى الأبد، كحلمٍ كاذب تلاشى مع فجر تشكيل لواقع الشرق الاوسط التوراتي التلمودي الجديد الذي يتشكل وترسم ملامحه الآن.