جاء في كتاب افواه الزمن للكاتب ادواردو غاليانو، انه عندما يطفىء القمر الشمس، يطلق هنود كايابو سهام نار باتجاه السماء، كي يعيدوا الى الشمس ضوءها المفقود، وهنود باري يقرعون الطبول، كي ترجع الشمس، وهنود اياماراس يبكون، ويتوسلون الى الشمس صارخين الا تهجرهم، في اواخر عام 1994 حدث هلع في بوتسي، خيم الليل في عز الصباح، وصارت السماء سوداء فجأة، وامتلأت بالنجوم، في ذلك العام، عام نهاية الزمن، بكى الهنود، نبحت الكلاب، اختبأت العصافير، وفي لمح البصر ذبلت الازهار، هيلينا بيياغرا كانت هناك، وعندما انتهى الكسوف، احست ان هناك نقصا في اذنها، فاحد قرطيها، وهو شمس صغيرة من فضة، افلت منها ، بحثت عن تلك الشمس الصغيرة على الارض، لوقت طويل، مع انها كانت تعرف انها لن تجدها ابدا، ولم تجدها حتى الآن، حتى الطفلة في العراق لم تجد الشمس منذ ذلك الكسوف، وعلى اي منصف ان ينظر الى الامتحانات الوزارية المقبلة ويتابعها، فهي التي ستعطي جوابا اخيرا عن نزاهة الانتخابات، فاذا كانت الامتحانات نزيهة ونظيفة، فهذا يعني ان العراق بخير وان الاطفال والمراهقين عثروا اخيرا على الشمس المفقودة، وان كانت مثل سابقاتها فاقرأ على العراق السلام، وانتخاباته كانت مزورة بمهنية عالية، قبل شهر من الآن ابتدأ الطلاب في المناطق المحيطة بمدينتي الصدر و الاعظمية بالانتقال الى مدارس هاتين المدينتين ، لان المدارس فيهما تمتلك تجربة بالغش والكلاوات، وما على الطالب الا ان يبحث عن قبول فيدخل الهندسة او الطب ليتخرج طبيبا فاشلا او مهندسا اكثر فشلا، وليستمر العراق في رحلته نحو الفجيعة والخراب.
القلة القليلة من الناس الاخيار من الذين لايشترون الاسئلة التي يدور فيها الدلالون، يتساءلون دائما عن الذي عقر ناقة صالح، وماذنبهم واطفالهم يتحملون وزر عمله، وكيف لله ان يهلك جميع الناس بذنب واحد منهم، القلة القليلة الباقية تبحث عن مخرج في العراق لتمارس طقوسها في اعادة الشمس الى الظهور، لكنها تجد نفسها منفردة في هذا الميدان، فالجميع يريد التزوير والغش، واذا ماكان التزوير يصدر عن شخصيات كبيرة في الدولة فلماذا لايغش الطالب ليدخل كلية عالية كما فاز قبله اقاربه في الانتخابات بالتزوير الواضح، العراق يسير نحو الهاوية، الكهرباء ستبقى حلما جميلا يراود العراقيين، والمستشفى سيبقى حلما، والامتحانات ستبقى حلما، اقصد الامتحانات الحقيقية، والطلبة الحقيقيون سيبقون يدفعون الثمن، والانسان
الحقيقي سيبقى يدفع الثمن، ويبحث عن الشمس بعد ان ابتلعها البعض، الكثير من الطلاب يملأون مكاتب الحسابات، ليهيئوا انفسهم واوراق النقل لجميع الدروس حتى درس الاسلامية، ولا احد يحتج باقوال النبي (ص) لان النبي رحل والحياة للفقهاء، النبي يقول من غشنا ليس منا، والفقيه يقول: اذا كانت مصلحة النفس في الغش فهو مباح، ويحتج بمن اضطر غير باغ ولاعاد فلا اثم عليه، ولا انسى فتوى لاحد المراجع في زمن صدام لخواصه، في ان من يفتح حنفية الماء ويبذر بالماء فهو يساعد في اسقاط صدام، والآن من الممكن ان تكون الفتوى قد عدلت، فمن يغش بالامتحانات يساعد في اسقاط العراق، وهذا الهدف واضح وضوح الشمس لدى البعض، وانتم ايها المساكين يامن تحبون العراق وتحاولون الحفاظ على الجزء الباقي منه، فستموتون بطريقتين، الاولى سيقتلكم الغيظ، والثانية معروفة فالكاتم موجود ومن يحمله موجود ايضا، لك الله ايها البلد المحتل بالجهل والغش والتزوير، لكم الله ايها المنتمون الى جمهوريات معروفة من الوعي والنزاهة، فانتم منفردون وستنفون الى امكنة بعيدة، بعد ان تخسروا كل شيء، كان يراقب معي حين نهرت الطالب وافهمته ان الغش عيب، فقال لماذا تحارب ابناء هذه الطبقة، دعهم يغشون ليعوضوا مافاتهم في زمن صدام، خوما تبقى الهندسة والطب لهم فقط، خلي ولدنا يصعدون.