نشر الصديق عماد الملا تصريحا نسبه الى احد مسؤولي الخط الأول في الدولة , مفاده : (( الشعب العراقي يشور , واليشتغل ضده يروح بالزلك …..)) , وتسائل (( كيف ستتعامل دوائر الاستخبارات الدولية التي تترجم تصريحات المسؤولين , لعرضها على خبراء التخطيط الاستراتيجي الخارجي في الدول الكبرى , شلون راح يترجمون ((يشور )) و (( يروح بالزلگ  ..؟؟؟ )) , هذا التساؤل يفتح لنا نافذة على عدة قضايا مهمة , تتراوح بين طبيعة الخطاب السياسي في العراق , وتأثيره على صورة البلاد في الخارج , وصولًا إلى التحديات التي تواجه المترجمين في نقل اللهجات العامية إلى لغات أخرى .

تعني كلمة الزَّلْكالموضعُ الذي لا تثبتُ عليه قدمٌ لملاسَتِهِ , حيث تقول الأغنية الشهيرة : (( كل الشرايع زلك , من يمنه العبرة )) , وتعني الكلمة العامية ( يشوًر ) : يأثر سلبا بالشخص المعتدي , ولها اصول سومرية فكلمة šu rah شورا السومرية تعني (( تغلب او فاز او ضرب او قهر الخصم او الند او المعتدي  )) , وحين كنا صغارا علّمنا الأهل أن لا نكذب ولا نسرق ونحترم الكبير ونعطف على الصغير , وغيرها من التقاليد السائدة في المجتمع , وكانوا يستخدمون مصطلحا غريبا على مسامعنا آنذاك لكي يخيفوننا به ويعتبرونه أداة للردع والتهديد , فيقولون إذا كذبتم أو سرقتم فالله ( يشوّر بيكم ) فكانت كلمة ( يشوّر ) مخيفة لنا وكنا نعتبرها خطوطا حمراء , وكبرنا وكبرت مداركنا واستمر هذا المصطلح العراقي الشعبي يتداول في المجتمع , فيقال مثلا وباللهجة العامية ( لا تسب فلان لان يشوّر بيك ) .

هناك من يقول ان اللهجة العامية في الخطاب السياسي , تعد تعبيرا عن الواقع , اذ  تُعد اللهجة العامية جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية العراقية , واستخدامها في الخطاب السياسي يعكس واقعًا اجتماعيًا معينًا , وقد يلجأ المسؤولون إلى استخدام اللهجة العامية للتعبير عن غضبهم أو استيائهم أو للتواصل بشكل مباشر مع الجمهور , لكن استخدام اللهجة العامية يطرح تحديات كبيرة , خاصة عند ترجمة التصريحات إلى لغات أخرى , فاللهجات العامية غالبًا ما تحمل معاني ضمنية وتعبيرات مجازية يصعب نقلها بدقة إلى لغات أخرى , كما إن استخدام اللهجة العامية في الخطاب السياسي الرسمي قد يسيء الى صورة الدولة خارجيا , ويقلل من شأن الخطاب الرسمي.

إن التصريحات الصادرة عن المسؤولين العراقيين تحمل أهمية كبيرة , سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي , لذلك , يجب الحرص على استخدام لغة واضحة ودقيقة , وتجنب التعابير العامية التي قد تؤدي إلى سوء الفهم , كما يجب الاهتمام بتدريب المترجمين وتزويدهم بالأدوات اللازمة لنقل المعنى بدقة , فقد تؤدي التصريحات التي تحمل تعابير عامية إلى تفسيرات مختلفة في الخارج , وقد تُفهم بشكل خاطئ أو مبالغ فيه, وهذا قد يؤثر سلبًا على صورة العراق في وسائل الإعلام الدولية,  وعلى علاقاته مع الدول الأخرى , حيث تعتمد الدول الكبرى على المعلومات الاستخباراتية وتحليلات الخبراء في وضع خططها الاستراتيجية , لذلك , فإن التصريحات الصادرة عن المسؤولين العراقيين تُدرس بعناية , وقد تؤثر على القرارات التي تتخذها هذه الدول .

هذا هو واقع العراق المهدمُ الخربان من أسفل القدم حتى الجمجمة , التي أصبح قاصة لجمع أموال اللصوص والفاسدين , ممن دقوا العمائم على رؤوسهم بالمسامير, فصاروا ديكوراً دينياً لابتزاز العوام وتضليل الفقراء ونهب الجهلة أموالاً وأرواحاً , وهم أحياء أو في القبور , وها نحن ذهبنا طيراناً إلى السموات كما ترى , فيما أعاد (( الحواسم )) الجدد بغداد إلى قرون ما بعد هولاكو بقليل , لا مشاريع ثقافية أو حضارية إلا للنهب , لا سينمات لا مسارح لا بارات لا ملاهي لا حدائق لا كهرباء لا ماء لا جدل لا حريات لا تنانير لا أزياء لا شِعر إلا للطميات ولا جوائز إلا للجنائز

يقولون ان كل احزاب العراق الأسلامية تشور الا ألأحزاب الوطنية واليسارية , فهي لا تهش ولا تنش وحتى الذي عندة خرقة مبروكة منهم , لا يرضى ان يعلقها على مقراته , ولا يملك بابا لقضاء الحاجات , ولا بابا لتحقيق المراد , وليس لديه شفاعة , والناس خبرتهم ذيل من ذيول السلطة , وبالتاكيد فهم ليس من الذين يشورون , وتأسيسا على كلام المسؤول , أنا على يقين ان العراق سيشوّر بظالميه من الفسدة الذين جاءوا مع الغزاة بعد 2003 , الذين يعذبون أبناءه ويغتالون فرحهم , وسيشوّر بجميع الطائفيين , ودعاة التقسيم , والمرتشين والسارقين والابتزازيين , و بجميع العملاء والمندّسين , والإقطاعيين الجدد , و الاستغلاليين , وسيشوّر ويا ويلهم من شارته , سيشوّر بالبرلمانيين الذين تركوه وحيدا يصارع الإرهاب والتكفير والتفخيخ وذهبوا لأداء مناسك لا اعتقد أنها قبلت منهم لأنهم لم يؤدّوا ما عليهم من واجبات , ولم يعطوا حقوق الناس , ولم يبرأهم الشعب الذمة عن المال الذي أخذوه مقابل عمل هم غير مؤدوه .

كتب أحمد فؤاد نجم (رسالة الى مواطن) يقول فيها : (( أحبك محشش مفرفش مطنش و دايخ مدروخ و آخر إنسطال , أحبك مكبر دماغك مخدر ممشي أمورك كده بإتكال , وأحب اللي ينصب و أحب اللي يكذب وأحب اللي ينهب و يسرق تلال , وأحب اللي شايف وعارف تمامه وبالع لسانه و كاتم مقال , وأحب اللي راضي وأحب اللي فاضي وأحب اللي عايز يربي العيال , وأحب اللي يائس و أحب اللي بائس وأحب اللي محبط وشايف محال , واحبك تسافر وتبعد تهاجر وتبعت فلوسك دولار أو ريال , واحبك تطبل تهلل تهبل عشان ماتش كوره وفيلم ومقال , واحبك تأيد تعضد تمجد توافق تنافق وتلحس نعال , تحضر لشادر تجمع كوادر تلمع تقمع تضبط مجال , لكن لو تفكر تخطط تقرر تشغلي مخك وتفتح جدال , وتبدأ تشاكل وتعمل مشاكل وتنكش مسائل وتسأل سؤال , وعايز تنور وعايز تطور

وتعمللي روحك مفرد رجال , ساعتها هجيبك لا يمكن أسيبك وراح تبقى عبرة وتصبح مثال , هبهدل جنابك واذل اللي جابك وهيكون عذابك ده فوق الاحتمال , وامرمط سعادتك واهزأ سيادتك واخلي كرامتك في حالة هزال , وتلبس قضية وتصبح رزية وباقي حياتك تعيش في انعزال )) .