سؤال إيراني .. هل “الإمارات” أصبحت في دور الوسيط الجديد ؟

سؤال إيراني .. هل “الإمارات” أصبحت في دور الوسيط الجديد ؟

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

تصاعدت التحركات الدبلوماسية المتعلقة بالملف النووي الإيراني؛ حيث عقد أعضاء “مجلس الأمن”؛ بـ”الأمم المتحدة”، جلسة غير علنية لمناقشة الموضوع، بالتوازي مع زيارة؛ “أنور قرقاش”، مستشار الرئيس الإماراتي للشؤون الدبلوماسية، إلى “إيران”، لتسليم رسالة الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، إلى المسؤولين الإيرانيين. بحسّب ما استهل “أحمد زيد آبادي”؛ تحليله المنشور بصحيفة (هم ميهن) الإيرانية.

رسالة مفاجئة عبر وسيط غير متوقع !

في غضون ذلك؛ من المَّقرر عقد جلسة بين مساعدي وزراء خارجية “الصين وروسيا وإيران”؛ في “بكين”، لمناقشة تطورات مسّار الملف النووي الإيراني.

لكن إيصال رسالة “ترمب”؛ عن طريق “الإمارات”، هو حركة غير متوقعة؛ إذ كان يُعهد بالعادة إلى “عُمان، وقطر، والعراق”، من بين الدول المنطقة، بمهمة تبادل الرسائل بين “إيران” و”الولايات المتحدة”، فيما لم تلعب “الإمارات”؛ حتى الآن، دورًا معلنًا في هذا الملف.

لذلك لا بُدّ من وجود سبب خاص لاختيار “الإمارات” لإيصال رسالة “ترمب” للمسؤولين الإيرانيين.

ما بين إيران والإمارات..

وقد وثقت “الإمارات” علاقاتها الدبلوماسية مع “إسرائيل” في إطار ما يُعرف باسم: “الاتفاق الإبراهيمي”، وتُعتبر بالوقت نفسه أحد منافذ “إيران” للتواصل الاقتصادي والتجاري مع العالم الخارجي، وهي صلة ظلت “الولايات المتحدة”، على الرُغم من العقوبات المفروضة على “إيران”، تغَّض الطرف عنها خلال السنوات الأخيرة؛ ولم تبَّدِ تشددًا كبيرًا لقطعها، لكن حاليًا تسعى إدارة “ترمب” لوضع حدٍ لها.

ولـ”الإمارات”؛ كذلك، علاقات وطيدة ومربحة مع “روسيا والصين”، اللتان تبدَّيان حساسية بالغة للأمن الإماراتي، وتدعمان (بثمن مؤلم لطهران)؛ مزاعم هذه الإمارة فيما يخص ضرورة إحالة مصير الجزر الإيرانية الثلاث في الخليج إلى “محكمة العدل الدولية”؛ في “لاهاي”.

ليس الملف النووي فقط..

لذلك يبدو أن الوفد الإماراتي لم يأتي إلى “إيران” بهدف إيصال رسالة “ترمب” فقط، وإنما من المُرجّح لإجراء مناقشات جادة حول الملف النووي وغيرها من القضايا محل خلاف بين “إيران” و”الولايات المتحدة”، ويعوّلون على علاقاتهم الاقتصادية مع “طهران” وقُربهم من القوى العالمية الثلاث.

و”الإمارات” تقلق كغيرها من ممالك الخليج، وربما أكثر من الجميع، من اشتعال نيران الحرب المحتملة بين “أميركا” و”إسرائيل” مع “إيران”؛ حيث ترى أن مكانتها في معرض الخطر والتهديد.

والحقيقة هناك إجماع على المستوى الدولي لحل القضية النووية الإيرانية من خلال التفاوض والدبلوماسية. وقد اعتبر “ترمب” أن رسالته إلى المسؤولين الإيرانيين بمثابة دعوة للحوار؛ رغم ما يبدو من أنه قد أضاف أيضًا تهديدات في حال عدم إجراء الحوار، كتوابل لرسالته.

وقد أكدت “موسكو وبكين” بشكلٍ صريح على ضرورة حل الخلافات “الإيرانية-الأميركية”؛ عن طريق المفاوضات.

إيران لم ترفض التفاوض..

ولم ترفض “الجمهورية الإيرانية”؛ حتى هذه اللحظة، مبدأ المباحثات والمفاوضات لحل الأزمة النووية، بل إن مندوب “إيران” في “الأمم المتحدة” أعرب عن استعداد بلاده للحوار بهدف التأكد من سلمية البرنامج النووي الإيرانية.

مع هذا؛ ترفض “الجمهورية الإيرانية” إجراء مفاوضات بهدف اقتلاع دورة تخصّيب (اليورانيوم) في “إيران”، أو الملف الصاروخي، أو بعض القضايا الإقليمية.

ومن ثم فقد ظهرت بالواقع بالغة التعقيد في هذا الصدد. ولا يسعى “ترمب”؛ الذي قام خلال ولايته الرئاسية الأولى بإلغاء “خطة العمل المشتركة”، لا يسعى إلى إحيائها أو تقديم نموذج مشابه لها، وإنما سيقبل بأي اتفاق يؤدي إلى رفع العقوبات وتمكيّن “الجمهورية الإيرانية” من الوصول إلى العُملات الأجنبية، شريطة أن تشعر “إسرائيل” والقوات الأميركية بالأمان في المنطقة من أي إجراءات محتملة من جانب “إيران” أو الجماعات المتحالفة معها في الشرق الأوسط.

الشروط الإيرانية..

ورُغم أن هذا الشرط يبدو بسيطًا لكن سيكون له تداعيات سياسية ثقيلة وواسعة النطاق في السياسة الداخلية الإيرانية، وهي المسألة التي زادت من تعقيد القضية للغاية.

من هذا المنطلق لا تحظى التفاصيل المتعلقة بنوع المقترحات حول البرنامج النووي والصاروخي الإيراني بالأهمية في حد ذاتها، لأن هذه القضية قد طغت عليها فعليًا عقود من العداء بين “طهران” و”واشنطن”.

ويبدو أن الوفد الإماراتي يُريد أن يكتشف هل “طهران” على استعداد تام للخروج من دائرة المواجهة مع “الولايات المتحدة” أم لا ؟

وإزاء مثل هذه الأسئلة يرى المسؤولون الإيرانيون أن “الولايات المتحدة” هي المسؤول عن العداء بين الطرفين. من هذا المنطلق، ربما يعلن الجانب الإماراتي عن استعداد إدارة “ترمب” تقديم ضمانات أمنية للجانب الإيراني في حالة إنهاء العداء بين البلدين.

ومن غير الواضح طبيعة رد المسؤولين الإيرانيين على هكذا مقترح. لكن الواضح بالفعل أنه لا يمكن إبرام أي اتفاقيات بخصوص الملف النووي الإيراني مع ضمان استمرارها وديمومتها دون الحد بالفعل من التوتر بين “الولايات المتحدة” و”إيران”.

ولهذا فإن الجهود الدبلوماسية الجارية تركز بشكل رئيس على تهيئة الأرضية لإجراء مفاوضات مباشرة بين “إيران” و”الولايات المتحدة”، بهدف إنهاء عقود من العداء المتبادل. ويبدو أن المبادرات الدبلوماسية الروسية والصينية أيضًا لن تخرج عن هذا الإطار.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة