بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية والتي أجريت في أواخر نيسان الماضي ،بدأت الكتل الفائزة التحرك وتشكيل الكتلة الأكبر والحصول على رئاسة الوزراء .
المكونات الشيعية من جهتها انقسمت على نفسها ، فهناك من أراد أحياء التحالف الوطني ، وإعادة هيكلته ليكون المؤسسة الأكبر التي تطرح رئيس الوزراء دون سواها لانها تمثل الكتلة الأكبر في البرلمان وقادة هذا التوجه المجلس الأعلى والأحرار ، واللذان يشكلان اليوم رقماً صعباً في المعادلة الشيعية ، بل ليس على صعيد الكتلة الأكبر ، بل تعداه ليكونوا رقماً أمام الكتل الأخرى التي تقف بقوة أمام الولاية الثالثة للسيد المالكي .
التوجه الثاني هو توجه دولة القانون التي تسعى إلى الحصول إلى الأغلبية السياسية وتشكيل الحكومة القادمة بعيداً عن التحالف الوطني ، وهذا الأمر بدا مستغرباً في ظل التصريحات الأخيرة لأعضاء التحالف والتعهد بضرورة الحفاظ على أركان التحالف وعدم السماح بتفتيته أو تمزيقه .
الأخبار والتقارير التي تتحدث عن حصول السيد المالكي على 148 مقعد ، ودخول بعض الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات ، فيها شيء من الغرابة والحيرة ، وإلا أين كانت هذه الكتل ، وهل فعلاً هي فازت ، وعندما نقرأ ونحلل نجد أن اغلب هذه الكتل هي فعلاً في داخل دولة القانون ، ولكن الدعايات الإعلامية تحاول توجيه الرأي العام نحو هذه حصول السيد المالكي على الأغلبية .
تبقى المكونات الأخرى (الكردية – السنية ) والتي البعض منها يقف بقوة أمام الولاية الثالثة للسيد المالكي ، بل هناك من وضع الخطوط الحمراء أمام توليه للمنصب مرة ثالثة ، كما أن هناك قوى دخلت الملعب السياسي أمثال عبد الملك السعدي وحارث الضاري ، والجناح البعثي من نواب البرلمان الذين فازوا بمقاعد في البرلمان ، أمثال مشعان ومن سار على نهجه ، لهذا أصبحت الجبهة الأخرى ، والتي تمثل ( النجيفي – المطلك – علاوي ) حرجة أمام هذا التحرك ، لهذا الصراع أصبح واضحاً اليوم بعد الدعم الحكومي لهذه القوى السنية المتشددة .
كما أن التجاذبات والخلافات والمشاكل التي حدثت بين مكونات التحالف الوطني في الحكومة الحالية هددت التحالف بالتشظي والتفكك وسط مخاوف من تلاشيه بعد الانتخابات الأخيرة ، خصوصاً بعد تفرد دولة القانون في عقدها الاتفاقات الجانبية مع الكتل الأخرى ، وإعلانها ترشيح المالكي لرئاسة الوزراء ، وهذا ما سبب إحراجا للتحالف الوطني ، فيما عده البعض من الكتل الأخرى عدم وجود وحدة في الرؤية والقرار في داخل التحالف الوطني ذات الأغلبية النيابية .
أن الواقع السياسي للبلاد يتركز في التنافس بين الكتل السياسية التي شاركت في الانتخابات . وان الحراك السياسي هو ترسيخ لمفاهيم الديمقراطية والتنافس ، على الرغم من أن بعض جوانبه غير حضارية، لان بعض الكتل السياسية تحاول تحقيق مكاسب سياسية بعيداً عن محورية التحالف الوطني ، إذ أن العملية السياسية تواجه تحديات كبيرة منذ 2003 وحتى الآن لغرض إفشالها. كما أن بعض الدول الإقليمية تسعى لضرب العملية السياسية من خلال زجّ قوائم سياسية بوجوه جديدة مختلفة ومسميات مختلفة ، وراءها أجندات سياسية من اجل إسقاط العملية الديمقراطية والمشروع السياسي .
يبقى علينا أن ننتظر ما ستفرزه الأيام القادمة من تفاهمات سواءً في داخل التحالف الوطني للخروج بمرشح لرئاسة الوزراء ومن ثم طرحه إلى الفضاء الوطني وحصوله على المقبولية ، وأمام كل هذه التحديات يبقى التساؤل المطروح عن مدى قدرة وصمود التحالف الوطني أمام كل هذه المعطيات والمتغيرات ، أم أن أرادة دولة القانون ستكون هي الغالبة وتحقيق الثالثة رغم الاعتراضات ؟ ومن سيكون في المعارضة في البرلمان القادم ؟