التأريخ الهادف أو الترويج للاختلافات في مسلسل “معاوية” .. الأزهر يُعارض فقط التجسيد لكن لا يسعى للوحدة

التأريخ الهادف أو الترويج للاختلافات في مسلسل “معاوية” .. الأزهر يُعارض فقط التجسيد لكن لا يسعى للوحدة

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

لطالما يُقدم “الأزهر” نفسه باعتباره مدافع عن الوحدة الإسلامية، لكنه يتبّنى على الصعيد العملي موقفًا متناقضًا، ذلك أن تلك المؤسسة التي كانت قد أعلنت سابقًا حظر عرض وجوه الصحابة في مسلسل (عمر)؛ بحُجة الحُرمة الشرعية، تلتزم الصمت حاليًا إزاء مسلسل (معاوية)؛ الذي لا يصَّور فقط شخصية تاريخية، وإنما يُقدم بوضوح رواية خاصة ومثُير للاختلاف عن التاريخ الإسلامي. بحسّب ما استهل موقع (سياق) الإخباري-التحليلي؛ الإيراني تحليله الذي أعده ونشره.

والسؤال: لماذا لم يبَّدي “الأزهر”؛ (الذي يدعي حراسة الوحدة)، أي رد فعل على هذا المشروع المثَّير للفُرقة ؟

هذا الصمت هو دليل على نهج “الأزهر” المتَّحيز ومعاييره المزدوجة. ورغم اعتراف بعض علماء هذه المؤسسة بانتهاك المسلسل للأعراف، لكن ينتابهم القلق فقط من تجسيّد الصحابة.

ووفق فتوى “هيئة كبار العلماء”؛ بـ”الأزهر”، لا يجوز تجسيّد الشخصيات مثل “معاوية بن أبي سفيان”؛ الذي كان من كتّاب الوحي، إذ أن هذه المسألة تؤدي إلى سوء فهم وخلق تحديات عقائدية.

كذا أكد بعض علماء “الأزهر”، أن مناقشة الاختلافات التاريخية في شكل عملٍ درامي، قد يُفضي إلى بروز اختلافات جديدة بين المسلمين وتهديد وحدة الأمة الإسلامية. وكان “الأزهر” قد عارض قبلًا إنتاج وتوزيع أعمال على شاكلة مسلسل (عمر بن الخطاب)؛ وهذا الموقف ثابت لا يتغير إزاء تجسيّد الصحابة.

وقال الدكتور “عبدالفتاح عبدالغني العواري”؛ عضو “هيئة كبار العلماء”: “الخلافات التاريخية حول الحكم والخلافة، شأن إلهي لا يجب تحويله إلى عمل درامي يخضع للتفسيّرات المتبَّاينة، ما قد يؤدي إلى فهم خاطيء للتاريخ واشعال الاختلافات المذهبية”.

بدوره أكد الدكتور “محمد علي”؛ من علماء “الأزهر”، عدم جواز مشاهدة مسلسل (معاوية) من الناحية الشرعية، لأنه يشوش الحقائق التاريخية في ذهن المشاهد؛ لا سيّما جيل الشباب، وأضاف: “تجسيد شخصيات الصحابة بواسطة ممثل قد يلعب في أعمال درامية أخرى أدوارًا لا تتناسب ومكانة الصحابة المقدسة، قد يُفضي إلى تجريح مكانتهم وغيرهم من شخصيات الإسلام التاريخية”.

الحكومة العراقية تحظر عرض المسلسل..

“العراق” أيضًا؛ كدولة يُشّكل الشيعة نسبة كبيرة من سكانها، عارضت عرض هذا المسلسل على أراضيها. وأعلنت “هيئة الإعلام والاتصالات” العراقية، أن القرار يهدف للحيلولة دون اندلاع توترات مذهبية والمحافظة على السلم المجتمعي.

وجاء في بيان هذا الجهاز: “إن إنتاج وتوزيع الأعمال التاريخية التي تتناول موضوعات حساسة ومثيرة للجدل، قد يُثير الخلافات ويهدد السلم المجتمعي”.

انتقاد عرض مسلسل (معاوية)..

كان إعلان بعض القنوات التليفزيونية عرض مسلسل (معاوية) التاريخي، قد أثار موجة احتجاج بين العلماء المسلمين؛ لا سيّما رجال الدين الشيعة.

وهذا المسلسل الذي أنتجته مجموعة قنوات (mbc) السعودية، يروي الأحداث بعد مقتل الخليفة الثالث؛ “عثمان بن عفان”، وصعود “معاوية بن أبي سفيان” للسلطة، وبينما تصف هذه المجموعة الإعلامية، المسلسل: بـ”الملحمة التاريخية”، يعتقد الكثير من المسلمين؛ لا سيّما أتباع مكتب آل البيت (عليهم السلام)؛ أن هذه المجموعة الإعلامية تسعى إلى تحريف التاريخ، وإضفاء الشرعية على شخصية لعبت دورًا مهمًا في إيجاد فجوة بالأمة الإسلامية.

قلق من اشعال الخلافات المذهبية..

يروي مسلسل (معاوية) مرحلة حساسة من تاريخ الإسلام، فيها واجه خليفة المسلمين؛ الإمام “علي بن أبي طالب”، (عليه السلام)، بعض التحديات التي انتهت بتمهيد أجواء انتقال السلطة إلى “معاوية” بعد فرض صلح إجباري على الإمام “الحسن بن علي بن أبي طالب”؛ (عليه السلام).

ولم يستحوذ “معاوية”؛ في هذه الفترة، على الخلافة دون وجه حق فقط، وإنما صرف مسّار الإسلام عن محوره الحقيقي باتباع سياسات جائرة وتحريف التاريخ.

لذلك فإن تقديم هذه الشخصية دراميًا، من جانب وسائل إعلام تخضع لنفوذ حكومات ذات سوابق خصومة مع مكتب آل البيت، مسألة مثيرة للقلق.

مسلسل تاريخي أم ترويج رواية خاصة ؟

يدعي صنَّاع المسلسل أن هذا العمل هو فقط رواية تاريخية، وأنهم لا يُريدون تشويه المعتقدات المذهبية.

مع هذا دفع اختيار “معاوية”؛ كشخصية محورية في المسلسل، والتركيز على روايته للتاريخ، الكثيرين إلى الاعتقاد بأن مجموعة قنوات (mbc) تسعى إلى إضفاء الشرعية على حكومة الأمويين وتبرير أداءهم، في حين يرى المؤرخون وعلماء الشيعة، أن أداء “معاوية” كان في الغالب يتنافى والإسلام ويفتقر للعدل.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة