دمج “قسد” في المؤسسات العسكرية السورية .. خطوة نحو الاستقرار والتوازن أم إضاعة لحقوق المكون الكُردي ؟

دمج “قسد” في المؤسسات العسكرية السورية .. خطوة نحو الاستقرار والتوازن أم إضاعة لحقوق المكون الكُردي ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

في خطوة من شأنها إعادة تشكيل المشهد السوري؛ توصلت الحكومة السورية و”قوات سورية الديمقراطية”؛ (قسد)، إلى اتفاق تاريخي يقضي بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية ضمن إطار الدولة السورية.

تفاصيل الاتفاق وبنوده..

وقّع الرئيس السوري الانتقالي؛ “أحمد الشّرع”، وقائد قوات (قسد)؛ “مظلوم عبدي”، اتفاقًا ينص على دمج مؤسسات “الإدارة الذاتية” في الدولة السورية، مع ضمان حقوق جميع السوريين دون تمييّز ديني أو عرقي، والاعتراف بالمجتمع الكُردي كمكوّن أصيل.

وصرح “عبدي”؛ أن (قسد) ستنّدمج في الجيش السوري ضمن خطة إعادة هيكلة، وأن المقاتلين الأجانب سيُغادرون فورًا بعد تثبّيت وقف إطلاق النار.

كما أكد على وحدة الجيش والمؤسسات تحت مظلة الدولة؛ مع ضمان توزيع عادل للموارد، بما فيها “النفط والغاز”.

لكن بعض البنود ستُنفذ فورًا، مثل عودة المؤسسات الحكومية إلى شمال شرق “سورية” وتسليم المعابر الحدودية، في حين ستحتاج بنود أخرى، كدمج القوات وإدارة “النفط”، إلى لجان متخصصة.

تم بضغوط سياسية..

في تعليقه على الاتفاق؛ رأى المحلل السياسي السوري؛ الدكتور “ملهم الخن”، أن هناك دولًا ساهمت في هذا الاتفاق من خلال ممارسة ضغوط سياسية، أبرزها “الولايات المتحدة”؛ التي ترغب بالانسحاب من “سورية”، حيث كانت (قسد) تعتمد على “أميركا” سياسيًا وماديًا وعسكريًا، فيما يُريد الرئيس الأميركي؛ “ترمب”، إنهاء التواجد الأميركي في المنطقة بالكامل، وبالتالي كان هناك ضغوط لضرورة الاندماج في الدولة السورية الجديدة. بحسب مزاعمه.

وأوضح الدكتور “ملهم الخن”؛ لموقع (24) الإماراتي، أنه ليس هناك مبررًا في الوقت الراهن لوجود “قوات سورية الديمقراطية”؛ التي كانت تُحارب تنظيم (داعش) الإرهابي، والآن لم يُعدّ هناك وجود لهذا التنظيم، وبالتالي لا حاجة لوجود قوات (قسد) خارج إطار الدولة السورية الجديدة.

وأشار المحلل السياسي السوري؛ إلى أن الضغط التركي أيضًا كان له دور في تعزيز الاتفاق، بعد أن لوحت في أكثر من موقف بأنها ستتدخل عسكريًا إذا لم تنسحب القوات الأجنبية من (قسد)، وإذا استمرت (قسد)؛ بالتعاون مع حزب (العمال الكُردستاني) في استهداف القوات التركية، خاصة في ظل التعاون التركي مع القيادة السورية الجديدة.

ليست وليدة اللحظة..

وقال “الخن”؛ إن الاتفاق لم يكن وليد اللحظة وكان يسبقه مشاورات عدة ومباحثات بدأت منذ شهرين، حيث كان يشوب هذه المشاورات بعض الخلافات بين الجانبين حول آلية هذا الاتفاق وكيفية اندماج “قوات سورية الديمقراطية”؛ داخل الجيش الوطني والمؤسسات المدنية الأخرى، وكانت هناك مطالب بحكومة فيدرالية للاستفادة من عوائد “النفط والغاز” في شمال “سورية”، وأسفرت هذه المشاورات عن الشكل النهائي للاتفاق والوصول إلى التوقيع.

وأوضح “الخن” أن التوترات في “سورية” ارتفعت جدًا مؤخرًا؛ مما يتطلب تعاونًا بين الدولة السورية وقوات (قسد) لتعزيز الأمن والسلم، في الوقت الذي يُعاني فيه الشعب السوري من الأزمات السياسية والإنهاك الاقتصادي ويُعاني من ضغط بعض الراغبين في الانتصار على الدول السورية الجديدة مثلما حدث في منطقة الساحل السوري من قبل فلول النظام السوري السابق؛ كما يستمر “الخن” في ادعاءاته المضللة.

ويستمر “الخن”؛ في سرد مزاعمه أن هذا الأمر بادرة أمل لجموع السوريين وفيها الكثير من الثروات، ويأتي هذا الاتفاق لإعادة ثُلث الأراضي السورية إلى الدولة دون قتل وسيتم دمج خبرات قوات (قسد) العسكرية ضمن الدولة السورية؛ مما يُعزز الخبرات الأمنية لدى القوات العسكرية الوطنية في “سورية”.

تحديات أمام التنفيذ..

من جهته؛ أكد أستاذ الدراسات الدولية؛ الدكتور “شاهر الشاهر”، أن الاتفاق ضروري للطرفين، لكنه أشار إلى عدة عوائق. وقال خلال حديثه لـ (سكاي نيوز عربية): “هناك محددات تعوق تحول الاتفاق إلى تحالف استراتيجي، مثل وجود تيارات داخل (قسد) ترفض الاندماج الكامل، والتوتر مع تركيا التي تُصنّف (قسد) كتنظيم إرهابي”.

وأضاف: “أي قصف تركي قد يضع الحكومة السورية في اختبار صعب بين الالتزام بالاتفاق أو تجنب مواجهة أنقرة”.

“الشاهر” شدّد أيضًا على ضرورة إزالة الحواجز الأمنية وعودة النازحين لتعزيز الثقة. وعلّق: “بناء الثقة هو المفتاح، إلى جانب الحد من التدخلات الخارجية التي قد تُعرقل التنفيذ”.

اتفاق هش دون إرادة سياسية حقيقية..

من جهته؛ اعتبر الكاتب والباحث السياسي الكُردي؛ “شيرزاد اليزيدي”، أن الاتفاق يُشكل فرصة لتصحيح المسّار السياسي في “دمشق”.

وقال لـ (سكاي نيوز عربية): “لأول مرة، يُعترف دستوريًا بالمكون الكُردي كشعب أصيل، مع حقوق قومية وسياسية وثقافية، وليس فقط ضمن إطار المواطنة العامة”.

لكن “اليزيدي” أشار إلى أن الاتفاق يعتمد على النوايا الحسَّنة. وقال: “الاتفاق هو مدخل صحيح، لكنه هش دون إرادة سياسية حقيقية في دمشق لاحترام التعددية وتقاسم السلطة والثروات”.

“اليزيدي”؛ رفض أيضًا الحديث عن تخلي “واشنطن” عن الأكراد، مشيرًا إلى استمرار دعم “واشنطن”؛ لـ (قسد) في مواجهة (داعش). وأضاف: “هذا الاتفاق برعاية وضغط أميركي، وهو ما يمنحه قوة سياسية ودولية”.

فرصة يجب استثمارها..

واتفق المحللون على أن الاتفاق يُمثل بارقة أمل لـ”سورية” موحدة، لكنه مشروط بالتزام الطرفين بتنفيذ البنود تدريجيًا. ومن المُرجّح أن يكون نجاحه مرتبطًا بقُدرة “دمشق” على استيعاب مطالب الأكراد، وباستعداد (قسد) للتخلي عن طموحات الحكم الذاتي.

وفي ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، قد يُشكل الاتفاق فرصة لتعافي “سورية” عبر استثمار ثروات الشمال الشرقي. ومع تصاعد التهديدات التركية، سيكون على الحكومة المركزية موازنة علاقاتها الإقليمية بحكمة.

في النهاية؛ ورغم التحديات، يرى المحللون أن الاتفاق يُشكل خطوة أولى نحو حل سياسي شامل. كما قال الدكتور “شاهر الشاهر”: “مهما كانت العقبات، الاتفاق يُعيد الأطراف إلى طاولة الحوار، وهو ما افتقدته سورية لسنوات”.

أما “اليزيدي”؛ فختم بتفاؤل حذر: “نحن أمام لحظة تاريخية.. إما أن تُستثمر لبناء دولة ديمقراطية، أو تضيع كفرصة أخرى في متاهات الصراع السوري”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة