خاص: كتبت- نشوى الحفني:
احتجاجًا على سياسات “الإقصاء والتهميش”؛ التي يتعرضون لها على يد سلطات الإقليم، أعلن عدد من الجنود والضباط الإيزيديين المنخرطين في صفوف قوات (البيشمركه) الكُردية، انشقاقهم مؤخرًا من التشكيل العسكري الكُردي، مطالبين بالانضمام إلى قوات الجيش العراقي الاتحادي، مؤكدين أن (03) آلاف مقاتل تركوا واجباتهم العسكرية ضمن حدود الإقليم.
قوات (صقور سنجار)؛ ضمن قوات (البيشمركة)، في “اللواء الرابع سنجار” سابقًا ـ المكون الإيزيدي، ألقوا بيانًا صحافيًا من “ميدان التحرير”، وسط العاصمة الاتحادية؛ “بغداد”، بزيّهم العسكري، أكدوا فيه أنه: “في الأمس؛ كان أغلبنا في واجب عسكري ضمن لواء شنكال (سنجار باللغة الكُردية)، ومن أبناء المكون الإيزيدي في قوات (البيشمركة)، ويعلم الجميع ما عانينا من ظلم وإجحاف بحقنا، بل إقصاء وتهميش لأبناء هذا المكون العريق طيلة (10) أعوام، إلا أننا قررنا ترك الواجب العسكري ضمن حدود إقليم كُردستان وتقديم الاستقالة من كل ما يربطنا حزبيًا وعسكريًا، ونُعلن اليوم ترك ذلك الواجب المهيَّن ولسبب اعتراضنا على سياساتهم الهمجية بحقنا، ومصادرة إرادة شعبنا الإيزيدي، واستغلال معاناته لتحقيق مكاسب سياسية وحزبية، ناسين ما مر علينا من قتل وهتك الأعراض”.
ومن بين الأسباب التي دفعت هؤلاء المقاتلين الأكراد إلى اتخاذ هذا القرار، حسّب البيان: “الإقصاء الممنهج للضباط والمراتب للإيزيديين”.
تشكيل قوة ضد “داعش”..
وشرحوا في بيانهم: “في عام 2014، وبعد اجتياح عصابات (داعش) الإرهابية لمناطقنا، تشّكلت قوة إيزيدية من أبناء سنجار؛ بقوام أكثر من (8.000) منتسب، بينهم أكثر من (300) ضابط برتب مختلفة، بهدف الدفاع عن مناطقنا”.
وزادوا: “رغم تشكيل هذه القوة، لم يتم منح أي من هؤلاء الضباط أوامر إدارية رسمية، مما حرمهم من حقوقهم القانونية والعسكرية، وتم التعامل معهم كمقاتلين دون اعتراف رسمي”.
واشتكى المقاتلون أيضًا مما وصفوه: “التلاعب بالرتب العسكرية وسلب الحقوق”، مبيَّنين إنه: “في عام 2016، صدر قرار من مجلس وزراء إقليم كُردستان، موقّع من رئيس الإقليم، حدد بموجبه الرتب العسكرية، وتم منح عدد من الضباط الإيزيديين رتبًا رسمية، ومن بينهم كنا (14) آمر فوج برتبة عقيد وفق الأمر الإداري الصادر آنذاك، وفي عام 2021، وبشكلٍ مفاجيء، تم إقصاء الضباط الإيزيديين حصرًا من القرار المذكور، وإلغاء رتبهم العسكرية، بينما تمت ترقية ضباط آخرين، في قرار مجحف صدر عن هيئة أركان البيشمركه، دون سابق إنذار ودون أي مبرر قانوني أو عسكري”.
تهميش مستمر في 2025..
وأشار العسكريون الإيزيديون إلى: “الإقصاء الجماعي في عام 2025، والتهميش المستمر”، موضحين أنه: “في العام الحالي 2025، تم تشكيل فرق عسكرية جديدة، وكان من المتوقع أن يتم إدراج أبناء المكون الإيزيدي في مناصب ومواقع عسكرية، خاصة وأننا أكثر المكونات التي تعرضت للإبادة الجماعية على يد تنظيم (داعش) الإرهابي، إلا أن القرار العسكري الأخير جاء ليقصي أكثر من (12) آمر فوج إيزيدي، و(18) آمر سرية، وأكثر من: (1.200) مقاتل من البيشمركه، دون أي حقوق تذكر، مما يؤكد استمرار سياسات التهميش والتمييز ضد أبناء المكون الإيزيدي، وذلك باستبدال ضباط من غير المكون بدلا من أبناء الديانة الإيزيدية”.
استغلال لتحقيق مكاسب سياسية !
وتحدثوا أيضًا عن: “السيطرة على القرار الإيزيدي واستخدام أصواتنا في الانتخابات. ويمُارسون ضغوطًا مباشرة وغير مباشرة على جنودنا وعوائلهم وعلى الناخبين في المخيمات وخارجها، عبر التهديد بقطع المساعدات أو الخدمات أو الرواتب أو الطرد من الخدمة”.
ووفق البيان فإنه تم: “استغلال المأساة الإيزيدية في المحافل الدولية، حيث تم استغلال مآسي الإبادة الجماعية التي تعرض لها الإيزيديون للحصول على دعم سياسي ومالي، دون أن يصل أي من هذه المساعدات إلى الضحايا الحقيقيين”، معتبرًا أن: “الصراع السياسي على مناطقنا التاريخية وإهمال الإعمار وجعل (شنكال) الضحية بين المركز والإقليم، فرض صراعًا سياسيًا على مناطقنا التاريخية في سنجار، مما وضعها في حالة دائمة من عدم الاستقرار، وأدى إلى تعطيل التنمية وإعادة الإعمار، وجعل من سنجار ومحيطها منطقة متنازع عليها، وانعدام التنسيق مع الحكومة المركزية في بغداد لإيجاد حلول طويلة الأمد، ومنع وصول الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والبُنى التحتية، والذي لعب دورًا أساسيًا في عرقلة عودة النازحين إلى مناطقهم عبر إثارة النزاعات السياسية، وإبقاء المخيمات تحت سيطرته كأداة ضغط لتحقيق مكاسبه السياسية”.
مطالب بالانضمام للقوات المسلحة..
وطالبت القوّة المحتجّة: بـ”الانضمام إلى القوات المسلحة العراقية الرسمية؛ وتخصّها وزارة الدفاع. نُطالب بانضمام اللواء إلى صفوف القوات الأمنية الرسمية تحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة العراقية، لنكون جزءًا من مؤسسة عسكرية وطنية تحمي مناطقنا وشعبنا بعيدًا عن أي أجندات حزبية”، مشدَّدين على أهمية: “رفع سطوة الحزب (الديمقراطي الكُردستاني) عن القرار الإيزيدي وضرورة تحرير القرار الإيزيدي من سيطرة الأحزاب، وتمكين الإيزيديين من اختيار ممثليهم بحرية دون ضغوط أو تهديدات”.
إعادة “سنجار” والنازحين..
ودعوا إلى: “ضمان حقوق الإيزيديين في مناطقهم التاريخية. نُطالب الحكومة المركزية بتوفير الخدمات الأساسية والإسراع في إعادة الإعمار، بعيدًا عن الصراعات السياسية التي جعلتنا ضحية دائمة للمتاجرة والمزايدات، وإعادة سنجار وما يتبعها إلى اللحمة العراقية وتفويض الحكومة الشرعية في المركز لإعادة بناء مناطقنا وتوفير العيش الكريم لشعبنا الإيزيدي الأصيل”.
وأكدوا وجوب: “إعادة النازحين إلى ديارهم. يجب وضع حد لمعاناة النازحين في المخيمات، وضمان عودتهم الكريمة إلى منازلهم، مع توفير بيئة آمنة ومستقرة تكفل لهم الحياة الكريمة”.
وقدمت القوة الشكر والتقدير إلى ما وصفتها: بـ”الشخصيات الوطنية التي دعمت قضيتنا”، مؤكدة التزامها: بـ”الدفاع عن العراق وشعبه، وسنظل أوفياء لوطننا، ساعين إلى تحقيق العدالة لأبناء المكون الإيزيدي ضمن دولة عراقية قوية تحمي جميع مكوناتها”.
انشقاق 3000 مقاتل..
في حين كشف مدير حركات اللواء الرابع في قوات (البيشمركه) المنشَّقة؛ العقيد “لقمان كلي”، عن تعرض المكون الإيزيدي إلى ظلم وتهميش وإهانات من قبل (البيشمركه). وحسّب القائد العسكري الكُردي الإيزيدي، فإن: “عدد المنشَّقين يصل إلى (03) آلاف مقاتل”، مبَّينًا أن: “سيّطرات (البيشمركه) منعت دخول المنشَّقين إلى بغداد”.
وأضاف في تصريحات لمواقع إخبارية محلية، أن: “هناك (08) آلاف مقاتل إيزيدي تحت لواء (البيشمركه)”، موضحًا أن: “راتب الجندي الإيزيدي في (البيشمركه): (500) ألف دينار فقط؛ (نحو: 350 دولارًا)، خلاف ما يستلمه باقي المنتسَّبين”.
وأشار إلى أنه: “تمت ترقية الضباط الإيزيديين عكسيًا، كل سنتين ننزل رتبة في (البيشمركه)”، مبَّينًا أن: “ترقيتنا في (البيشمركه) عكسيًا من عميد إلى عقيد وصولًا إلى عريف”.
لافتًا إلى أن: “الحزب (الديمقراطي) استفاد من المنظمات التي تدعم النازحين الإيزيديين”، موضحًا أنه: “تم تهميش أغلب الضباط الإيزيديين”، على حد وصفه. وزاد: “إننا تعرضنا إلى المذلة والإهانة من قبل الحزب (الديمقراطي)”، معبرًا عن: “خشيته من تعرض عوائلنا إلى الخطر”.
وأكد أن: “كل منتسّبي (البيشمركه) يرغبون بالمجيء إلى بغداد لطرح مشاكلهم”.
لا تخلو من أبعاد سياسية..
في تعليقه؛ قال الخبير الأمني والاستراتيجي؛ “أحمد الشريفي”، إن التعامل مع قضية الاستقالة الجماعية في صفوف قوات (البيشمركة) يجب أن يكون حذرًا.
وربط بينها والتجاذبات الإقليمية داخل “العراق”، لـ”إيران” من جهة، و”تركيا” من جهةٍ أخرى.
قائلًا؛ خلال مقابلة مع قناة (الحرة) الأميركية، أن معالجة هذه القضية قد لا تخلو من أبعاد سياسية، لا سيّما في استهداف؛ “مسعود بارزاني”، الذي يرفض التمدَّد الإيراني في المنطقة. وقال إن رئيس “إقليم كُردستان” معروف بقربه من “تركيا”. لذلك: “من الضروري جدًا دراسة دوافع هكذا نشاط. هل هو فعلًا بدافع وطني ؟، أو لانتزاع حقوق (البيشمركة) والتحاقهم بجهاز الدفاع الوطني العراقي ؟ أم أنها تحركات إقليمية رغبة في خلط الأوراق بعد المطالبة بالإفراج عن؛ عبدالله أوجلان ؟”.
وتابع بسؤال جديد: “يجب أن نبحث عن بواطن النوايا.. هل حقًا يبحثون عن حقوق الأقليات أم يقع فعلهم ضمن لعبة النزاع الإقليمي ؟”.
برأيه أيضًا؛ أن التوقيت مهم لا يخلو من مؤثرات سياسية.
وأشار “الشريفي” إلى نزع سلاح حزب (العمال الكُردي)؛ المصَّنف على قوائم الإرهاب في “تركيا”، المشّروط بإطلاق سراح “أوجلان”.
هذا يعني برأيه؛ أن “لا ذريعة”؛ لـ”تركيا”، بعد الآن للتواجد على الأراضي العراقية، وكذلك عدم التدخل في الشأن السوري، بحسّب تعبيره.
ولفت إلى أن (البيشمركة) تُعاني أساسًا من مشكلة الانقسام بين الحزبين الكبيرين في “كُردستان”: (الاتحاد الوطني)، والحزب (الديمقراطي).
شأن اتحادي..
وحول كيفية مليء الفراغ الأمني؛ يقول الخبير العراقي، إن هذا: “شأن اتحادي”؛ ملقيًا مسؤولية (البيشمركة) على “بغداد”.
وقال إن هذه القوات تتواجد في رقعة جغرافية مهمة وحساسة، ويجب ألا يُزج بها في اللعبة السياسية.
وتابع “الشريفي”: “(البيشمركة) جزء لا يتجزأ من منظومة الدفاع العراقي… يجب أن يؤمنوا لهم حاضنة وطنية في مشروع واضح”.
فإن كانت لهم مظلومية (للبيشمركة)، فعلى السلطات الاتحادية حلها، بحسّب “الشريفي”.