حماية “الدروز” .. حجة “نتانياهو” ليطأ بقدمه أرض سورية في ظل حكومة “الشّرع”

حماية “الدروز” .. حجة “نتانياهو” ليطأ بقدمه أرض سورية في ظل حكومة “الشّرع”

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

في تطور دراماتيكي لافت؛ أوعّز رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، ووزير الدفاع؛ “يسرائيل كاتس”، السبت، للجيش بالاستعداد للتدخل في مدينة “جرمانا”؛ بريف “دمشق”.

وبرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ هذا القرار، بأنه يأتي للدفاع عن الأقلية الدرزية في المنطقة.

وقالت “وزارة الدفاع” الإسرائيلية في بيان: “أصدر رئيس الوزراء؛ بنيامين نتانياهو، ووزير الدفاع؛ يسرائيل كاتس، تعليماتهما للجيش الإسرائيلي بالاستعداد للدفاع عن مدينة جرمانا الدرزية الواقعة في ضواحي دمشق، والتي تتعرض حاليًا لهجوم من قبل قوات النظام السوري”.

وأضافت: “أصدرنا تعليماتنا للجيش الإسرائيلي بالاستعداد وتوجيه رسالة تحذيرية حادة وواضحة: إذا أقدم النظام على مسّاس بالدروز فإننا سنمسه”.

وتابعت: “إننا ملتزمون تجاه إخواننا الدروز في إسرائيل ببذل كل ما في وسعنا لمنع المساس بإخوانهم الدروز في سورية، وسنتخذ كل الخطوات اللازمة للحفاظ على أمنهم”.

ووصفت القناة الإخبارية (12) الإسرائيلية الإعلان بأنه: “تطور دراماتيكي”.

درع “جرمانا” !

وفي وقتٍ سابق من يوم السبت؛ نقلت وكالة (سانا) السورية؛ عن مدير مديرية أمن ريف دمشق المقدم؛ “حسام الطحان”، قوله: “مساء أمس وأثناء دخول عناصر تابعة لوزارة الدفاع السورية إلى مدينة جرمانا بهدف زيارة أقاربهم، تم إيقافهم عند حاجز يتبع لما يُعرف بدرع جرمانا ومنعهم من الدخول بسلاحهم، وبعد تسليم أسلحتهم لعناصر الحاجز تعرضوا للضرب والشتائم من قبل عناصر الحاجز قبل استهداف سيارتهم بإطلاق نار مباشر”.

وأضاف: “على خلفية حادثة إطلاق النار من حاجز بجرمانا استشهد أحد العناصر على الفور؛ فيما أصيب آخر وتم أسره من قبل عناصر الحاجز أعقب ذلك هجوم على قسم الشرطة في المدينة، حيث تم طرد عناصر القسم وسط إطلاق الشتائم بحقهم وسلب أسلحتهم، ورغم إنكار درع جرمانا في البداية احتجاز العنصر الأسير إلا أنه تم تسليمه لاحقًا بعد التواصل مع الوجهاء”.

المرة الأولى للتدخل إسرائيلي..

وفي حال حدث التدخل الإسرائيلي فإنها ستكون المرة الأولى التي يتدخل فيها الجيش الإسرائيلي بصراعات سورية داخلية.

وفي 23 شباط/فبراير الماضي؛ قال “نتانياهو”، في خطاب: “ستبقى قوات الجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان والمنطقة العازلة لفترة غير محددة، من أجل حماية بلداتنا وإحباط أي تهديد”.

وأضاف: “يجب الإصغاء. لن نسمح لقوات تنظيم (هيئة تحرير الشام) أو الجيش السوري الجديد بالدخول إلى الأراضي جنوب دمشق”.

وتابع: “نحن نُطالب بترتيب كامل لجنوب سورية – في محافظات القنيطرة، درعا، والسويداء – من قوات النظام الجديد”، في إشارة إلى أن تكون منطقة منزوعة السلاح للقوات السورية.

وأردف “نتانياهو”: “كما أننا لن نحتمل أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سورية”.

تفاقم مشكلات الدروز..

وسلط الكاتب الصحافي؛ “سيث فرانتزمان”، الضوء على المجتمع الدرزي، قائلًا إنه يواجه في جنوب “سورية” تحديات متجدَّدة، وهو يتنقل بين مشهد سياسي وأمني سريع التغيَّر.

يتركز الدروز في منطقة “السويداء”، المعروفة أيضًا باسم “جبل الدروز” أو “حوران”، وقد وجدوا أنفسهم تاريخيًا في مواقف محفوفة بالمخاطر، بسبب وضعهم كأقلية، والبيئة السياسية المعقدَّة في “سورية”.

وأضاف الكاتب المختص بشؤون الشرق الأوسط؛ في مقاله بموقع صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية: “أدت التحولات السياسية والعسكرية الأخيرة في دمشق، بما في ذلك صعود قيادة جديدة تحت قيادة؛ أحمد الشّرع، وإعادة تشكيل هياكل السلطة بعد سقوط؛ بشار الأسد، إلى تفاقم مشكلاتهم”.

تجنب الصراعات..

وحافظ “الدروز”؛ لفترة طويلة على توازن دقيق، وغالبًا ما كانوا يتحالفون مع النظام السوري أثناء الحرب الأهلية في البلاد، بينما يُقاومون الاندماج الكامل في هياكل الدولة. وبينما خدم العديد منهم في وحدات الأمن المحلية أو الجيش السوري، فقد عانوا أيضًا على أيدي تنظيم (داعش) الإرهابي وتحملوا إهمال الحكومة. وخلقت الفترة الانتقالية الحالية حالة من الارتباك، مما أجبر “الدروز” على تحديد ما إذا كانوا سيتحالفون مع الحكام الجدَّد في “دمشق”، أو يسعون إلى مزيد من الحكم الذاتي، أو يتعاونون مع جهات خارجية، مثل: “إسرائيل والولايات المتحدة”.

وأشار الكاتب إلى أن “الدروز” كانوا حذرين على مدار تاريخهم في تحالفاتهم السياسية. عندما حكم “الأسد”؛ “سورية”، سعوا إلى تجنب الصراع من خلال الحفاظ على علاقة مع النظام مع الحفاظ على درجة معينة من الحكم الذاتي.

ومع سقوط “الأسد”؛ يُعيّد “الدروز” تقيّيم موقفهم في “سورية الجديدة” تحت حكم؛ “أحمد الشّرع”، الذي أثارت انتماءاته السابقة لـ (هيئة تحرير الشام) وسلفها (جبهة النصرة) الإرهابية – وكلتاهما معادية للأقليات – مخاوف عديدة.

إنشاء هيكل أمني مستقل..

مع إشارة القيادة السورية الجديدة إلى نهج أكثر شمولًا، فإن المجتمع الدرزي يتعرض لمحاولات استمالة من قِبَل فصائل مختلفة. فقد انخرط بعض القادة مع “الشّرع”، في حين سعى آخرون إلى الحكم الذاتي.

ويُشير تشكيل “المجلس العسكري في السويداء”؛ بقيادة ضباط سوريين منشَّقين، إلى أن بعض القادة الدروز يسعون إلى إنشاء هيكل أمني مستقل أشبه بـ”قوات سورية الديمقراطية”؛ (قسد)، التي تعمل تحت دعم “الولايات المتحدة” في شمال شرق “سورية”.

وأثار هذا المجلس الجديد تكهنات حول التدخل الأميركي المحتمل، خاصة أن المصالح الأميركية في جنوب “سورية”، تُركز على مواجهة الجماعات المتطرفة والحفاظ على الاستقرار الإقليمي.

اهتمام إقليمي ودولي..

يجذب المجتمع الدرزي اهتمامًا كبيرًا من اللاعبين الإقليميين. واقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، مؤخرًا أن جنوب “سورية” يجب أن يكون منزوع السلاح، مما أثار مناقشات حول ما إذا كانت “إسرائيل” تسعى إلى تعاون أوثق مع المجتمعين الدرزي والكُردي في “سورية”.

ويدعو بعض المحللين الإسرائيليين إلى دعم هذه المجموعات كثقل ميزان لنفوذ حكومتي “إيران” و”سورية”.

في غضون ذلك؛ أفادت وسائل إعلام لبنانية موالية لـ (حزب الله)؛ أن المجلس العسكري في “السويداء”؛ الذي تم تشكيله حديثًا، يُنسّق مع “الولايات المتحدة”. وإذا كان هذا صحيحًا، فسيُمثّل تحولًا كبيرًا في الاستراتيجية الأميركية في جنوب “سورية”، مما قد يوفر للدروز الدعم العسكري والمالي في مقابل التعاون في تأمين المنطقة.

الانقسامات الداخلية..

وأوضح الكاتب أن المجتمع الدرزي منقسَّم بشدة بشأن اتجاهه المستقبلي. في حين تدعم بعض الفصائل التعاون مع “الولايات المتحدة” ودولة سورية لامركزية، تُعارض فصائل أخرى بشدة التدخل الأجنبي.

سعت حكومة “الأسد” إلى تصوير القيادة الدرزية على أنها إما انفصالية أو جهات مدعومة من الخارج لنزع الشرعية عن جهودها. وحاليًا، تتواصل “دمشق” مع ممثلي الدروز، في محاولة للحفاظ على نفوذها على المنطقة.

كان الاجتماع الأخير لـ”الشّرع” مع وفد درزي في “دمشق”، والذي غطته وكالة الأنباء السورية الرسمية؛ (سانا)، يهدف إلى إبراز صورة الوحدة.

ومع ذلك؛ كان “حكمت هاجري”، الزعيم الروحي لطائفة الدروز، غائبًا بشكلٍ ملحوظ عن الصور الرسمية، مما أثار تكهنات حول التوترات الداخلية.

احتجاجات ضد تصريحات “نتانياهو”..

واندلعت الاحتجاجات ضد تصريحات “نتانياهو”؛ في جنوب “سورية”، خاصة في “خان أرنبة والقنيطرة ونوى وبصرى الشام”، مما يعكس معارضة أوسع للتدخل الأجنبي المفترض.

تُشيّر بعض المصادر، مثل وكالة أنباء (هاوار) المرتبطة بالأكراد، إلى أن المجلس العسكري في “السويداء” يضع نفسه كجزء من جيش وطني مستقبلي في “سورية الجديدة الديمقراطية اللامركزية”.

ويزعم المجلس أنه يُركز على حماية المجتمع من التهريب والتسَّلل المتطرف؛ وغير ذلك من التهديدات الأمنية. ومع ذلك، تظل هذه الادعاءات محل نزاع، حيث تسعى الفصائل المعارضة إلى تصوير المجلس إما كقوة شرعية للأمن أو كيان مزعزع للاستقرار.

مفترق طرق وضغوط متعددة..

ويجد الدروز في “سورية” أنفسهم عند مفترق طرق، ويواجهون ضغوطًا من اتجاهات متعددة. ويسعى بعض العناصر داخل المجتمع إلى علاقات أوثق مع الحكومة السورية الجديدة، بينما يُفضل البعض الآخر ترتيبًا أمنيًا مستقلًا يمكن أن يتماشى مع القوات المدعومة من “الولايات المتحدة” والأكراد.

ويظل المستقبل القريب للدروز في “سورية” غير مؤكد. فإذا اكتسب “المجلس العسكري في السويداء” قوة دفع وحصل على دعم خارجي، فقد يكون بمنزلة نموذج للحكم الذاتي الدرزي داخل الدولة السورية المعاد هيكلتها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة