التفاهة حاسمة جريئة:
في عالم التفاهة هنالك من هو جرئ على الحق متدني في سلوكه ونواياه، وخُلقه وأخلاقه لان ضحيتهم ابن الأصوللا يردع إلا بعدل الأثر ويكون قد أحيط به عندما يتحقق هذا الأثر لهذا تجد النخبة “ابن الأصول“ لا يسجل له انتقاما من هؤلاء التافهين ودوما اقل الناس قدرة وانشغالا في الدفاع عن نفسه وتجد أخوة التفاهة جاهزون للرد وتبرئة انفسهم وجعلها كملائكة، فالتفاهة منهج وقيمة سلبية إذن وليست عن جهل وإنما عن جهالة وأنانية، فترى البلاد في سلطة التافهين منظومة لتنمية التخلف، تقع في أزمات ولا تجد لها حلا لانها أصلا أبعدت من يحل الأزمات وأبدلت العلماء بالأدعياء والمخلصين بالفاسدين، وتخفي أي نصح أو اثر للعاملين وتصفهم بالطامعين المزايدين وتسفه نصحهم وهو اليقين؛ فالأمر في قاعة التفاهة المكتظة بجثامين القيم محسوم وان قلبت الدنيا فهنالك الف تعليل وتكييف ومن يجيد الفهم والإفهام مثل سطحية التافهين، نعم هي جريئة في التسفيه والحديث بما لا تعلم، لانها ليست وحدها لا تعلم، ففي منظومة تنمية التخلف السامع والمتحدث كلاهما عميان في عالم التفاهة.
التفاهة في القيادة:
في منظومة تنمية التخلف يتولى التافهون الجاهلون القيادة وهم على جرأة وتصريف، ويحيطهم جيش من المنتفعين والتافهين يجعلهم كما هم في اعلى كفاءة التفاهة وفاعليتهم جميعا تدمر البيئة مفاخرين أن هذا الدمار بناء، فالمعايير معكوسة، هم ينظرون إلى النجاح تحقيق النفع لهم وليس مهما كم يسحق أمامهم أو بهم، بقاء التافهين يعده التافهون نجاحا، ولا يهتمون إلابخاص الاهتمامات، التافهون غالبا فارغون مقلدون للفرح بلا قوة إحساس لأمر قد لا يتفق وثقافة امتهم، بالحركة بالكلمة باستخدام اللغات الأخرى دون أن يكون لهذا داع أو يبرره الاختصاص العلمي.
التافهون يسرقون الجهد فلا تستغرب أن يأتي غنيا ابله يتحرك كرجل أعمال أو رجل دولة ناجح ليعرض نفسه كراعي للابتكار والعلوم، لكن لا ينسجم خلقه مع وصفه وممكن أن يشتري بأمواله طاقات خفية قد تشبع الأنا عنده لتجيّر مشروعها باسمه؛ ثم ترى بصمة اللص أحيانا وهي تُحوِّل أمراً إيجابيَّاً إلى امرٍ سلبيِّ مروج للتفاهة وبالتالي يعج بالتافهين.
عندما تتحول السياسة ساحة للرعاع والمحبين للظهور والمزايدات، والوصولية شهادة موسوعية في كل العلوم ومنها العلوم السياسية بلا دراسة أو جهد تاتي الشهادات، عندها تصبح السياسة بلا محتوى، فيحتضر البلد بل يموت المجتمع عندما تمزقه روابط هابطة فهي كزلزال يشق الأرض والحتمية هي الخراب والاستثناء البناء المحدود الذي ليست غايته البناء وإنما أبواب للفساد، فالبرامج كلمات لا معنى لها، ولا رؤية، وإنما تفاهمات لاقتناص الغنيمة وتمرير شكل مرسوم، لهذا يتكرر نفس الناس تذكرك بأوبريت سولا لاري لثلاثي أضواء المسرح بمدلولاته، فالمصلحة من توزع الأدوار وتختار الأشخاص الذين يفتكون بأوطانهم ما لا يصدق تحقيقه العدو الحاقد.
التفاهة عبر العصور: التفاهة نوع من الجاهلية موجود في كل العصور لكنها ترتفع وتنخفض بدرجتها وفق الوعي والاهتمامات ونوعها، ولا شك أن المتصفح لأقوال النخب في التاريخ يجد أن الكلام يصف لحد كبير واقعنا في السلبيات، ثبت في أقوال قرون سابقة عبر قصص وأشكال، وثبت في بداية القرن العشرين ومنتصفه ذات الأوصاف من سيطرة التفاهة واستعمارها لعامة الشعب التي تظن أن الجدية توقف حياتها والتمتع بها بينما الشر يضحك قبل أن يجهز على المواطن، ولتفاهة سائدة في المجتمع تستطيب حياة العبودية ولا تعرف ضبط السلوك في الحرية وتصمت إن عاد الطغيان، أو تبقى معيقة للحياة حتى تجبر الوديع أن يتحول دكتاتورا أو تنصر عليه من يستعبدها بل أنها تمجد من بيده النفوذ وان كان شر خلق الله وافسد الناس وهم يعلمون كالقوم يوم الزينة بين موسى والسحرة، فالتفاهة بحد ذاتها هي طغيان الضياع والفوضى في الفكر والحياة والمعاني والأهداف واستنزاف للطاقة الإيجابية، أن الكفاءات تعرف بإيجاد الحلول وتوجه العمل وليست تنتظر أن تؤمر فترفع عنها أية مسؤولية أو محاسبة للخطأ.
جدلية التفاهة:
التفاهة هي طغيان الفوضى بعلو الظلم وانتكاس القيم ليس لجهل تلك القيم بل لغياب أبناء الأصول، فمن هم أبناء الأصول ونحن نلاحظ أن الفاسد أبوه صالح أو وزير أو برلماني أو من أصحاب الأملاك في زمن ماضي لم يعد غابرا بعد، فالكلمة وان تبدو نسبا لكنها لا تنسب للبطن ولا الظهر ولا المعاش وإنما تنسب إلى عوامل مهمة ذكرت بالمجمل في حديث لرسول الله، فبلال ابن أصول رغم أن أبويه عبيد وهو كان عبد أصلا، والوليد ليس ابن أصول رغم انه من سادة قومه، لكن ابنه خالد ابن أصول، هذا النوع من البشر قد يكون فلتة في قومه أو عائلته وليس كما متعارف عندنا انه لعائلة كذا أو من الطبقة كذا فالقياس هو الخلق أو رد الفعل الحسن فالأصول هي:
قد يطلق المصطلح أبناء الأصول اليوم على سلالة نسب وهو خائن، لص، ثرثار، لاتأمن شره ولا تأمل خيره، وقد تجده متعالما متعاليا لا يفقه، ظالم غدار مبعد للخير وأهله لا يحس إلا بنفسه، إن التفاهة مظهرا لعجز المصلحين إن جمدوا واملوا بشفاء المسعور بإصلاحه وغادروا سنن الكون والتغيير أحدها، ومهادنة التفاهة والتافهين ظلم للآدمية والبلاد والعباد لأنهم لا يجهلون بل لا إرادة لتمكين الصواب والخبرة، فما يعلو هو ما يشبع الغريزة وأوهام العاجزين.