22 فبراير، 2025 10:08 م

أضاءة .. في التشيع

أضاءة .. في التشيع

وضعت هذا العنوان العام للمقال / حتى أتنقل في جوانب الموضوع – بشكل أكثر أنسيابية ، علما أن الموضوع شكل وجهة نظر خلافية لأهل السنة والجماعة والشيعة معا / على أختلاف فرقهم .. ولا بد لي أن أبين ، من أنني سأكون حياديا كعادتي في الطرح .. أن المقال مبني على الروايات والسرديات الموثقة . وسأستعرض رؤيتي الشخصية في ختام البحث .

الموضوع :                                                                                                                                لا بد لي أولا ، أن أقدم أستهلالا عن مفردة التشيع ، فمن موقع / المعاني ، أنقل التالي { معنى تَشِيعَ في القرآن الكريم :  ” أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ / 19 سورة النور أن يظهر الكلام القبيح وينتشر .. يقال : شاع الخبر ، أي : كثر وقوي ، وشاع القوم : انتشروا وكثروا ، والشيعة : من يتقوى بهم الإنسان وينتشرون عنه ، ومنه قيل للشجاع : مشيع .. قال تعالى :   ﴿ وإن من شيعته لإبراهيم 83 سورة الصافات ﴾ ، ﴿هذا من شيعته وهذا من عدوه / 15 سورة القصص ﴾ .. وغير ذلك } .                                                          1 . سأطرح بعض المصادر المختلفة حول بدأ التشيع ، منها التالي / دون الدخول في حيثيات الأفكار والأراء قدر الأمكان:-                       * من موقع / فيصل نور : المصدر يطرح ثلاث أراء حول بدأ التشيع ، سأعرضها باختصار ، وهي كما يلي :                                                                                              

الرأي الأول : أن التشيع قديم ولد قبل رسالة النبي ، وأنه ما من نبي إلا وقد عرض عليه الإيمان بولاية علي .. وقد وضع الشيعة أساطير كثيرة لإثبات هذا الشأن ، ومن ذلك ما جاء في الكافي عن أبي الحسن قال : ” ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء ، ولن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد ، ووصية عليّ عليه السلام ” [الكليني/ أصول الكافي : 1/437.] .

الرأي الثاني (من آراء الشيعة) : ويزعم بعض الروافض في القديم والحديث أن الرسول هو الذي وضع  بذرة التشيع ، وأن الشيعة ظهرت في عصره ، وأن هناك بعض الصحابة الذين يتشيعون لعليّ ، ويوالونه في زمن الرسول ..               الرأي الثالث : يجعل تاريخ ظهور الشيعة يوم الجمل . قال ابن النديم / كان معتزلياً متشيعاً : إن علياً قصد طلحة والزبير ليقاتلهما حتى يفيئا إلى أمر الله ، فسمى من اتبعه على ذلك الشيعة ، فكان يقول : شيعتي ، وسماهم – الأصفياء الأولياء .. * ومن مقال للدكتور نور الدين الهاشمي ، بعنوان الشيعة والتاريخ ، يطرح أراءا أخرى حول بدأ التشيع :                     الرأي الأول – إن الرجوع لكتب التاريخ يظهر تبايناً واضحاً في تحديد تاريخ تأسيس المذهب الشيعي . فبعضهم يرىٰ أن التشيّع ظهر بعد وفاة الرسول من قبل بعض أنصار الإمام علي الذين اجتمعوا في بيت فاطمة ، بحيث تخلّفوا عن بيعة أبي بكر وهم قوم من المهاجرين والأنصار ، ومالوا مع علي بن أبي طالب ، منهم العبّاس بن عبد المطلب ، والفضل بن العبّاس ، والزبير بن العوام وخالد بن سعيد والمقداد بن عمرو ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري .. ويرىٰ أصحاب هذا الرأي أنّ المرحلة التأسيسيّة قد ظهرت خلال هذه الفترة وقد عبر عنها ” أحمد أمين ” بأن هذه المعارضة لبيعة أبي بكر كانت البذرة الأولىٰ للشيعة ، وهم الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي أنّ أهل بيته أولىٰ الناس أن يخلفوه . وعبّر عنها المستشرق ” جولدتيسهر ” بكون : النشوء بدأ مع الخلاف الحاصل حول نقمة مجموعة من الناس علىٰ طريقة إنتخاب الخليفة .                                                                                                      الرأي الثاني – يبين أن التشيّع وليد الفتنة التي وقعت في عهد عثمان ، وآخرين يرون أنّ التشيّع وليد زمن علي لمّا تسلم  الخلافة بحيث كانت الأرضيّة السياسيّة ملائمة ، وأشار الشهيد الصدر بكتابه بحث حول الولاية إلى هذا الرأي قائلاً : ومنهم من يرد ظاهرة التشيّع إلىٰ عهد خلافة الإمام علي وما هيّأه ذلك العهد من مقام سياسي وإجتماعي علىٰ مسرح الأحداث ..

2 . في هذا المحور سأطرح ، ما قاله العلامة المرجع كمال الحيدري ، من أن التشيع نشأ وفق قراءة الشيخ المفيد :                    أولا ، لا بد لنا أن نعطي لمحة عن الشيخ المفيد ، هو { أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي 336 – 413 هج .. 947 – 1022 م .  المشهور بأسم الشيخ المفيد . هو فقيه ومحدث ومتكلم من علماء الشيعة الاثني عشرية . وهو أحد أبرز العلماء المسلمين الشيعة خلال القرن الرابع و القرن الخامس الهجري .. وقد قام بتدوين أصول الفقه الشيعي } .              * العلامة الحيدري ، في كتاباته ولقاءأته يبين :من أن التشيع ظهر من قراءات الشيخ المفيد ، والتي تنص على ” أن الأمام منصوصا ومعصوما والأئمة الأثنى عشر وأن يكون الأمام الأثنى عشر حيا . ومن ذلك صار أصول المذهب الشيعي ” ويعبر عن مما سبق ب القراءة المفيدية لآل البيت .. ويبين الحيدري : بانه لم نسمع بالتشيع في زمن الأمام الصادق ! .      * رأي الحيدري ، جاء بضده الشيخ مروان خليفات ، أنقل رأيه بأختصار ، من موقع / مركز الرصد العقائدي ، والذي يبين بأن المذهب الأمامي موجود من حقبة محمد وآل البيت { مذهبُ الإماميّةِ هوَ أطروحةُ الإسلام ، والذي أسّسَه هوَ النبيُّ وأئمّةُ أهلِ البيت ، فعقائدُ التشيّعِ مذكورةٌ في رواياتِ أهلِ البيت .. فلو أخَذنا النصَّ على الأئمّةِ وعددِهم فهناكَ عشراتُ الرواياتِ في هذا الشأنِ تبلغُ حدَّ التواتر ، وقد جمعَها بعضُ المُصنّفينَ في كتبٍ خاصّة . أمّا العصمةُ فيوجدُ حولَها أكثرُ مِن ثمانينَ نصّاً ، ممّا يفيدُ تواترَ هذهِ العقيدة ، وكذا الإمامُ المهدي ، فالرّواياتُ حولَهُ وحولَ غيبتِه كثيرةٌ جدّاً ، تجاوزَت حدَّ التواتر . إذا فهِمنا هذهِ المُقدّمةَ يتبيّنُ لنا جهلُ أولئكَ الذينَ يزعمونَ تأسيسَ الشيخِ المُفيد للنّهجِ الإمامي .. } .

أضاءة :                                                                                                                                          * بدءا لا بد لنا أن نقول ونؤكد ، من خلال ما ورد في أعلاه من روايات وأخبار وأراء ، أنه لا يوجد أيأتفاق ، ولا حتى توافق ، بين كل المذاهب والفرق والجماعات / سنة أو شيعة ، على تاريخ وبدأ التشيع ! .                                                        * المذهب الشيعي ، وضع هالة أسطورية على زمن وتاريخ التشيع بقوله / وفق الكليني ” أن التشيع قديم ولد قبل رسالة النبي ، وأنه ما من نبي إلا وقد عرض عليه الإيمان بولاية علي ” و ” ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء ” .. وهذه الرواية عارية عن الصحة ، لأنها أدخلت التشيع في نفق أظلم من الأسطرة ، فنحن لا نعلم من أي صفحة من صحف الأنبياء قد تكلمت بهذه الولاية .فهل ذكرت ولاية علي في التوراة أو الأنجيل ! ، لأجله ليس من أي أعتبار لهذا الرأي ! .              * أما قول العلامة كمال الحيدري ، من أن التشيع ظهر من خلال قراءة الشيخ المفيد ، فهذا الأمر وضع الحيدري في مرمى الأنتقاد ، لأن رأيه لا يتوافق مع جمهرة أئمة الشيعة .. وعلى ما أشيع انه تحت الأقامة الجبرية في أيران ! .               * الأراء الأخرى ، هي محل نقاش وتمحيص ، فبعضهم يشير الى أن التشيع بدأ بعد الأحداث التالية : أثناء التصارع على الخلافة الذي حصل بعد موت الرسول في سقيفة بني ساعدة سنة 11 هج / وبها بويع أبو بكر بالخلافة ، أو بعد مقتل عثمان سنة 35 هج ، أو بعد تسنم الأمام علي بن أبي طالب الخلافة سنة 35 هج ، أو بعد معركة الجمل سنة 36 هج ..

خاتمة :                                                                                                                                        # رأي : من قول بعض شيوخ الشيعة من ” أن الرسول هو الذي وضع  بذرة التشيع .. ” ، وأرى أن هذا القول مخالف للمنطق ، لأنه ليس من فرد أن يتجرا ويشكل تشيعا لعلي أو لغيره ، بوجود صاحب الدعوة / أي محمد ، ولكن من الممكن أن تكون حقبة محمد ، قد أظهرت بعض التكتلات ، فمثلا أبي بكر وعمر كانا جدا مترابطين فيما بينهما ، لذا في سقيفة بني ساعدة 11 هج ، مرر عمر الخلافة لأبي بكر ، كذلك كان لعثمان شيعته – وهم قومه من بني أمية ، وقس على ذلك من أن علي كان له شيعته من آل البيت وغيرهم ، يتقدمهم ولديه الحسن والحسين ، أضف لذلكالعبّاس بن عبد المطلب ، والفضل بن العبّاس ، وعمار بن ياسر وأبو ذر الغفاري .. وهذه المجموعة أتسعت بسقيفة بني ساعدة / عندما سلب حق علي بالخلافة – وفق رأي الشيعة ، وأرى أن مقتل الحسين بن علي سنة 65 هج ، كان أنطلاقة محورية لبدأ التشيع ، حيث أعتبروا أنصار علي ، من أن آل البيت : ظلموا وسلب حقهم وقتلوا ! .. وهم الأولى بالمكانة العليا بين المسلمين ، ومن جانب أخر الأحق بالخلافة – التي أكدت بخطبة الغدير ( وهي الخطبة التي خطبها النبي في18 ذي الحجة سنة 10هج ،  بعد حجة الوداع في منطقة يقال لها غدير خم . ونصب عليا خليفة من بعده على المسلمين ، وذلك حين قال من كنت مولاه فهذا علي مولاه “ ، وقد رواه من علماء العامّة والخاصة عن الرسول ..  / نقل من ويكي شيعة ) .                                                                                                                   # أرى مما سبق ، والذي يتلخص ب { بدءا من تعاطف تكتلات وأنصارعلي في حقبة محمد ، ثم أنفراد آل البيت خلال تحضير محمد للدفن ، ثم سقيفة بني ساعدة / ومبايعة أبو بكر ،فمقتل الحسين .. ويمكن أن نضيف الى ذلك واقعة ضلع فاطمة الزهراء ( طلب عمر بن الخطاب الحطب وجعله على الباب ثمّ احرق الباب ورفس الباب برجله وكانت فاطمة خلف الباب فعصرها بين الباب والجدار ، فقالت فاطمةيا أبتاه يا رسول الله ، ثمّ ضرب عمر فاطمة بغمد السيف وركزه في جنبها ، فصاحت فاطمة ، ثمّ ضربها بالسوط على عضدها وكانت فاطمة تصيح : وا أبتاه .. وحين ضرب ذراعها نادت يا رسول الله لبئس ما خلفك به / نقل من موقعالعقائد الأسلامية ) .. كل ذلك كان ك ” كرة الثلج ” التي أظهرت طلائع بدأ التشيع } ، لأجله لا يمكن ان نسمي حدثا أو واقعة واحدة هي بداية للتشيع ، وذلك لوجود عدة أمور قادت أليه .                                 # ويمكن أن نصنف شيعة علي الواردة في أعلاه ب ” الشيعة السياسية ” . أما الشيعة كمذهب ك ” أن الأمام منصوصا ومعصوما والأئمة الأثنى عشر وأن يكون الأمام الأثنى عشر حيا ” أي ” أصول المذهب الشيعي “ فتأسس فيما بعد ، وكان نتيجة أو رد فعل للشيعة السياسية ، وكان ذلك على أيدي شيوخ التشيع ، ومن المؤكد أن الشيخ المفيد كان من أبرزهم .