أصبحت حكاية هذا القانون سياسية بعد أن كانت إنتخابية، يحصد قادتها آلاف الأصوات التي تؤهلهم لمراكز قيادية في مراكز السلطة بشقيها التشريعي والتنفيذي.
قانون تقاعد الحشد الشعبي الذي أصبح مادة دسمة للصراع بين الكتل والزعامات السياسية يزداد ضراوة تحت قبة البرلمان، الغرابة في ذلك التنافس أنه في الوقت الذي تنادي فيه الولايات المتحدة بحل سلاح الفصائل وتسليمه إلى الدولة العراقية يأتي الصراع على قانون تقاعد الحشد الشعبي الذي تعتقد بعض الكتل إن إقراره سيخفف من الضغط الأمريكي والغضب بعد تجاوز أعداد منتسبيها أكثر من 250 ألف منتسب بعد أن كان لا يتجاوز الـ 50 ألف مقاتل في حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي وتضخم ميزانيته من ملياري دولار إلى ثلاثة مليارات حالياً.
معضلة الخلاف على القانون أنه سيزيح أكثر من أربعمائة من قادته يشغلون مناصب مهمة بدءاً من رئيس الهيئة فالح الفياض الذي لازالت تتصارع كتل وفصائل مسلحة بالإستئثار بالمنصب بعد إحالة رئيسها على التقاعد، وأسماء ومسميات لقادة فصائل وشخصيات بدأت تترشح لرئاسة الهيئة.
يقود طرف المقاطعة إئتلاف دولة القانون الذي يرى أنه لا أهمية لتضرر عدد قليل إذا كان قانون الحشد يخدم آلاف المنتسبين الذين هم جزء من المنظومة الأمنية، حسب تعبير المتحدث بأسم الإئتلاف النائب عقيل الفتلاوي، ويشير الفتلاوي إلى مقاطعة نواب الإئتلاف لجلسات مجلس النواب لحين إدراج قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي على جدول الأعمال للتصويت عليه.
في حين ترى بعض الكتل السياسية ترحيل القانون إلى ما بعد الإنتخابات، إلا إن تلك الخطوة قد تواجهها صعوبات خصوصاً وإن الجانب الأمريكي وإدارته الجديدة قد أوصلوا رسائلهم إلى الحكومة العراقية لضرورة هيكلة الحشد الشعبي أو إيجاد مخرج لسلاح الفصائل في العراق.
يُعتقد أن الإتفاق النهائي ولأجل الخروج بحل يرضي جميع الأطراف “الفصائلية” فقد تم التوصل إلى قرار يقضي بأن يكون السن التقاعدي لمنتسبي الحشد الشعبي 68 سنة حسب صلاحية القائد العام للقوات المسلحة كون الذين تطوعوا كانوا بأعمار كبيرة خلال الحرب مع داعش، وفي ذات الوقت هو قرار يخدم تلك القيادات “الحشدية” ويبعدها عن مقترح تحويلهم إلى مستشارين في الهيئة بعد بلوغهم السن التقاعدي.
السن التقاعدي المقترح بـ 68 سنة هو أعلى من سن التقاعد الطبيعي في العراق والبالغ 63 سنة، والذي يراه البعض بأنه إرضاء لتلك القيادات للبقاء في مناصبهم ولو على حساب الغضب الأمريكي.
من بين كواليس البرلمان العراقي يجد بعض النواب إن سيناريو قانون الحشد الشعبي هو مغازلة للأمريكان ومحاولة لمسك العصا من المنتصف كمحاولة عراقية لإعادة هيكلة الحشد الشعبي وتقليل أعداده المتزايدة وإزاحة بعض القيادات الحشدية التي تعارض الوجود الأمريكي في العراق.
خلاصة الصراع االشيعي-الشيعي يدور حول منصب من يتولى رئاسة هيئة الحشد الشعبي بعد فالح الفياض الذي طار إلى إيران من أجل التوسط لحل الخلاف المتصاعد بين أطراف الإطار التنسيقي حول المنصب، ويُعتقد إن هناك حلاً بأن يتولى الرئاسة شخصية عسكرية من خارج الفصائل المسلحة كمحاولة لتسوية الخلاف، إلا إن ذلك المقترح قد يواجه بالرفض من بعض الكتل التي ترى أحقيتها بالمنصب.
في الوقت الذي تشير كل الوقائع والأحداث إن العراق مقبل على إنهيار إقتصادي وشيك بسبب قلة السيولة ومشاكل في توزيع رواتب الموظفين والمتقاعدين وعمليات النهب اللامعقول من العملة الصعبة إلى خارج الحدود وإحتمالية أن تُشعل هذه الأحداث إحتجاجات واسعة في الشارع العراقي في إنتفاضة قد تكون أشد من ثورة تشرين تحرق أخضرها بيابسها، تتصارع تلك الكتل على منصب رئاسة هيئة الحشد الشعبي، وهي تعلم إن العقوبات الأمريكية القادمة ستكون الأشد على نظامهم السياسي، فأي صورة قاتمة يعيشها العراق وشعبه؟.