خاص: ترجم- د. محمد بناية:
رُغم ضوء “دونالد ترمب” الأخضر؛ لـ”بنيامين نتانياهو”، في الكثير من الأمور وأطلق يده في اتخاذ إجراءات ضد الفلسطينيين، إلا أن صحيفة (هاآرتس) الإسرائيلية اليسارية كتبت مؤخرًا: “أوضح (ترمب)؛ لـ (نتانياهو)، عدم وجود خطة للهجوم على إيران”. بحسّب تقرير “نادر كريمي جوني”؛ المنشور بصحيفة (عالم الصناعة) الإيرانية.
وهذا الرفض سبق وأن عبّر عنه “ترمب” في مقابلة مع (نيويورك بوست)؛ حين سأل المراسل: “ماذا ستُقدم الولايات المتحدة؛ للجمهورية الإيرانية، مقابل الامتيازات التي ستحصل عليها الولايات المتحدة ؟”؛ فأجاب: “سأقول لإسرائيل ألا تهاجم إيران” ! في حين أنه أعلن أثناء تهديد (حماس)، باستئناف الحرب في “غزة” مجددًا حال عدم الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين ظهر السبت المقبل، وأردف الرئيس الأميركي على الفور: “بالطبع لا يمكن لرئيس الوزراء الإسرائيلي ألا يتبع هذه الرغبة”.
وهذا النمط من التعامل يخلق إمكانية أنه على فرض قبول “إيران” جميع مطالب “ترمب” وتنفيذها، فإن “إسرائيل” ستظل تمتلك القدرة على مهاجمة بلدنا، وحتى بعد الهجوم الإسرائيلي، يمكن لـ”ترمب” التنّصل من مسؤولية عن عدم الوفاء بوعده بالقول: إن “تل أبيب” لم تسمع كلامه.
وفي هذه الفرضية؛ لن تحصل “إيران” على أي شيء لقاء جميع الامتيازات التي ستُقدم لـ”الولايات المتحدة”. في هذه الحالة، هل من العقل أن توافق “طهران” على طلبات “واشنطن” وتسَّلم بتنفيذها ؟
الاستسلام بدلًا عن التفاوض..
لقد أصبح من الواضح أن المفاوضات مع “الولايات المتحدة” لا تحمل، على الأقل في الإمكانيات المتوقعة، أي أفق للتنفيذ.
وبالطبع فقد أبدى الكثير من نشَّطاء وسائل الإعلام الناطق بالفارسية في الخارج، عبر تحليلات مندفعة، القلق إزاء الرفض الإيراني مقترح “ترمب” بالتفاوض، وتوقعوا مستقبلًا لـ”الجمهورية الإيرانية” يُشبّه ما حدث في “زيمبابوي”.
لكن بالواقع فقد اقترح “ترمب” على “إيران” الاستسلام بدل التفاوض، وإلا فإن عليهم التغاضي عن الكثير من قدراتهم حال الرفض. لكن حتى لو وافقت “إيران” على مقترح الاستسلام، فهي ستنتهي قائمة المطالب الأميركية ؟
من المستبَّعد أن تتوقف “الولايات المتحدة”؛ والأهم “إسرائيل”، عن المطالب وتكتفي بما تم الإعلان عنه حتى الآن.
من جهةٍ أخرى، فالتجربة الليبية في الرضوخ للمطالب الأميركية ماثلة أمام “إيران”؛ التي ترى كيف لم يتمخض تماهي “طرابلس” مع “واشنطن” عن أي مصالح لـ”القذافي”؛ وانهارت حكومته كقصرٍ من ورق.
بالوقت نفسه؛ تبدو التهديدات المَّعلنة والتي تُفيد بتحول “إيران”، حال امتناعها عن الخضوع لعرض الاستسلام، إلى “زيمبابوي” وستواجه الدمار، تبدو وكأنها عمليات نفسية أكثر من كونها حقيقة، يتم توجيهها وإدارتها من قبل معارضي “الجمهورية الإيرانية”.
إيران والسيناريو الزيمبابوي..
لأن طبيعة ما يوجد في “إيران”، يختلف عما كان موجودًا في “زيمبابوي” وتسبب في انهيار وتدمير حكومة؛ “روبرت موغابي”، في “هراري”، إذ أن أنشطة “إيران”، تعاونها، ومكانتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لا توفر أي إمكانية لتحول بلدنا إلى “زيمبابوي”.
كذا تنتظر “إيران” ما سيحدث ظهر السبت المقبل؛ حيث سيتم طرح أول استراتيجية لـ”ترمب” في قضية دولية مهمة للنقد والتحليل.
ومن المتوقع؛ في ظل الأوضاع الراهنة ومن خلال التجارب السابقة، أن تتخذ “إيران” قرارًا بالاستفادة من القُدرات الصينية والروسية والماليزية والدول الأخرى التابعة لها، في تلبية احتياجاتها الحيوية وكسب الوقت.
في هذه الحالة؛ سوف تنتهي فترة “ترمب” الرئاسية، كما حدث سابقًا، وتزداد آمال “إيران” في تخطي الصعوبات والمطامع المفرطة.
وبالطبع يتعين على “طهران” الانتباه إلى مسألة ضرورة عدم الثقة في وضع البيض كلها بسلة “روسيا والصين”، لأن “موسكو” أثبتت حسَّن النية عبر الإفراج عن المُعلم الأميركي المحتجز لديها، ويأمل “بوتين” الاتفاق على خريطة هزيمة “زيلينيسكي” في “أوكرانيا”؛ خلال لقاء نظيره الأميركي؛ “ترمب”.
و”الصين” كذلك؛ وإن كانت سعيدة برفع الحظر عن تطبيق (تيك توك)، فإنها تبحث عن وسيلة للتوصل إلى تسّوية بشأن التجارة مع “الولايات المتحدة”. وبالتالي، فإن كلا البلدين لديهما مصالح تتعارض مع مسّار “إيران”، مما يُقلّل بشكلٍ مُقلق من إمكانية الاعتماد على “موسكو” و”بكين”.