خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
حدّد “دونالد ترمب”؛ موعدًا نهائيًا توّعد بعده باستئناف الحرب إذا لم تقم (حماس) بإطلاق سراح “جميع” الرهائن الإسرائيليين بحلول ظهر السبت 15 شباط/فبراير، وشكى آلية الإفراج التدريجي عن هؤلاء الرهائن، قائلًا: “لا ينبغي الإفراج عن اثنين أو ثلاثة منهم في كل مرة، بل يجب الإفراج عنهم جميعًا دفعة واحدة بحلول ظهر السبت المقبل”، وبينما يُحدّد “ترمب” هذه المهلة النهائية، فقد كان هو نفسه جزءًا من “اتفاق غزة”، والذي ينص على الإفراج التدريجي عن الرهائن، وقد ضغط على؛ “بنيامين نتانياهو”، للقبول ووقف الحرب. بحسّب “صابر گل عنبري”؛ في تحليله المنشور على قناة (الكاتب) الإيرانية على تطبيق (تلغرام).
كما كان مبعوثه للشرق الأوسط؛ “ستيفن ويتكوف”، مشاركًا بفاعلية في مفاوضات وقف إطلاق النار.
سيناريوهات مقبلة..
والسؤال: ماذا سيحدث ظهر السبت 15 شباط/فبراير الجاري ؟ هل تستسلم (حماس) وتقوم بالإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين ؟ أم لا؛ وتُستأنف الحرب مرة أخرى ؟.. وإجابتي على السؤال الأول، أنه من غير المُرجّح الإفراج عن جميع الرهائن تقريبًا؛ يوم السبت، وبالنسبة للسؤال الثاني يمكن القول: من غير المستبَّعد استئناف الحرب نتيجة عدم الإفراج عن “جميع” الرهائن، لكن هذا غير مُرجّح أيضًا بشكلٍ كبير.
والأسلوب الأمثل في تحليل هكذا موقف، هو الدخول في آلية تفكير أطراف المسألة، حتى يتسّنى الخروج بتوقع نسّبي للأفعال والقرارات، وهو الأمر الذي يستّلزم المعرفة العميقة المسبَّقة.
والحقيقة أن (حماس) لا ترى سببًا للعمل بموجب مهلة “ترمب”؛ لأن نتيجة الالتزام بهذه المهلة من عدمه واحدة بالنسبة لـ (حماس).
موقف “حماس”..
وعلى أية حال يحمل “ترمب” في ذهنه فكرة ترحيل سكان “غزة”، وفي هذه الحالة قد تعتبر (حماس) أن الالتزام بالمهلة سيؤدي إلى نتائج أسوأ، وأن عدم الالتزام بها قد يكون الخطوة الأولى نحو إفشال مخطط ترحيل سكان “غزة”.
لكن بالمقابل إذا ننظر للمسألة من المنظور الفكري للكيان الإسرائيلي و”نتانياهو”؛ فإن مهلة “ترمب” لا تخلق ضغطًا شديدًا على (حماس) فقط، وإنما تضع نوعًا ما “نتانياهو” نفسه تحت المقصّلة.
والواقع أنه بهذا التهديد الأشد تطرفًا من وزير الأمن القومي الإسرائيلي؛ “إيتمار بن غفير”، ووزير المالية الإسرائيلي؛ “بتسلئيل سموتريتش”، قد وضع “نتانياهو” تحت ضغط أكبر من جانب اليمين المتطرف، لكنه في المقابل يقع تحت ضغط شديد من المجتمع الإسرائيلي لإكمال المرحلة الأولى من الاتفاقية والانتقال إلى المرحلة الثانية.
لذلك يجب عليه أن يتخذ موقفًا غامضًا إلى حدٍ ما، بحيث لا يُفسّر الرأي العام الداخلي ذلك على أنه محاولة منه لإفشال الاتفاقية، ولا يُثير غضب “ترمب” بالوقت نفسه.
“نتانياهو” في مأزق..
في هذا المأزق؛ يُدرك “نتانياهو” أن (حماس) من جهة؛ لن تعبأ بمهلة “ترمب”، لكن تحويل هذه المهلة، من جهة أخرى، إلى أجندة عمل سيعني انهيار الاتفاقية، مما يضعه تحت ضغط غير مسّبوق من الرأي العام الإسرائيلي؛ حيث يؤيد أكثر من: (80%) استمرار وقف إطلاق النار والاتفاقية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العودة إلى الحرب قد تؤدي إلى مقتل المزيد من الرهائن وكذلك الجنود، دون وجود أفق واضح لهزيمة (حماس) وإنهاء الحرب.
في الوقت نفسه، “تنانياهو” غير متأكد من استعداد “ترمب” للضغط مرة أخرى لوقف الحرب حال استئنافها من جديد.
في ضوء ذلك؛ أصد مكتب رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي أربع بيانات تعكس جزءًا من الاضطراب، إذ لم يؤكد أيًا من البيانات الأربعة على فكرة الإفراج عن “جميع” الرهائن، وركزت على استئناف الحرب في حال لم تُفرج (حماس) عن الرهائن حتى ظهر السبت.
في غضون ذلك؛ أوضحت مصادر الإعلام الإسرائيلية، أن المقصود هو الأسرى الثلاثة الذين كان من المَّقرر الإفراج عنهم يوم السبت؛ وفق اتفاق وقف إطلاق النار؛ إلا أن (حماس) ربطت الإفراج عنهم بالتزام “إسرائيل” ببنود حقوق الإنسان المنصوص عليها في الاتفاق.
تحركات دبلوماسية..
بشكلٍ عام يمكن القول: احتمالية التوصل إلى اتفاق بين (حماس) و”إسرائيل” لحل الأزمة بحلول يوم السبت؛ واستمرار المرحلة الأولى هي الأكبر.
وتجري حاليًا تحركات دبلوماسية مكثفة جارية في “القاهرة”، ومن المقرر أن يسَّافر مبعوث “ترمب” أيضًا إلى “قطر وإسرائيل”. كما تقوم “السعودية” والوسّطاء بمشاورات مكثفة، حسّبما ذكرت صحيفة (الشرق الأوسط)، لإلزام “إسرائيل” ببروتوكول الاتفاق الإنساني، وفي المقابل، تنازل (حماس) عن تعليق إطلاق سراح ثلاثة رهائن يوم السبت. لكن يوم السبت يُمثل اختبارًا مهمًا لـ”ترمب”، وفهم سلوكه ليس فقط في ملف “غزة”، بل في الملفات الأخرى أيضًا بعد انتهاء المهلة في حال عدم الإفراج عن جميع الرهائن. لننتظر ونرى ما سيحدث.