23 فبراير، 2025 11:35 م

على الحلفاء والخصوم .. ترمب يوسع دائرة حربه الجمركية منتظرًا المكاسب السريعة دون المخاطر البعيدة

على الحلفاء والخصوم .. ترمب يوسع دائرة حربه الجمركية منتظرًا المكاسب السريعة دون المخاطر البعيدة

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

في خطوة جديدة تُزيد من شدة المواجهات الاقتصادية على نطاقٍ أوسع؛ وقّع الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، على خطة لزيادة الرسوم الجمركية على جميع الشركاء التجاريين لـ”الولايات المتحدة” لتُناسب الرسوم التي تُفرضها هذه الدول على السلع الأميركية، كمحاولة للقضاء على العجز التجاري الأميركي.

وقال “ترمب” أثناء توقّيع الخطة في “المكتب البيضاوي”: “قررت، بهدف تحقيق العدالة، فرض الرسوم الجمركية وفقًا لقاعدة المعاملة بالمثل. الرسوم على الجميع، ولا يمكن لأي دولة أخرى أن تشكو من ذلك”.

وأضاف: “نُريد ميزان تعامل تجاري عادلًا”، مشيرًا إلى أن: “التجارة مع دول (بريكس) قد تخضع لرسوم بنسبة: (100) بالمئة على الأقل”.

وتصَّر إدارة الرئيس الجمهوري؛ “ترمب”، على أن الرسوم الجديدة ستُحقق المسّاواة بين شركات التصّنيع الأميركية ومنافساتها الأجنبية، رُغم أنه من المحتمل أن يتحمل المستهلكون والشركات في “الولايات المتحدة” هذه الرسوم سواء بشكلٍ مباشر أو في صورة أسعارٍ أعلى.

نتائج عكسية..

ويمكن أن تأتي سياسة الرسوم الجمركية بنتائج عكسية بسهولة على “ترمب”؛ إذا أدت أجندته إلى ارتفاع التضخم وخفض النمو، وهو ما يجعلها رهانًا عالي المخاطر بالنسبة لرئيس حريص على فرض سلطته على الاقتصاد الأميركي.

وبحسّب خطة “ترمب”؛ ستكون الزيادة في الرسوم خاصة لكل دولة على حده مع هدف جزئي يتمثل في بدء مفاوضات تجارية جديدة ثنائية، ولكن الدول الأخرى قد تشعر أيضًا بالحاجة إلى الرد بزيادات في الرسوم المفروضة على السلع الأميركية.

لذلك؛ قد يحتاج “ترمب” إلى إيجاد طرق لطمأنة المستَّهلكين والشركات في “الولايات المتحدة” بأن النمو الاقتصادي في البلاد سيّقاوم أي حالة من عدم اليقين ناجمة عن العواقب المحتملة لرسومه الجمركية.

ضرائب القيمة المَّضافة..

ويحدَّد إعلان “ترمب” ضرائب القيمة المَّضافة التي تُفرضها الدول على السلعة المبَّاعة في أسواقها وتُشبّه ضرائب المبيعات في “الاتحاد الأوروبي” باعتبارها حاجز تجاري يجب تضمينه عند حساب الرسوم التي ستُفرضها “الولايات المتحدة” على سلع أي دولة، وفقًا لمسؤول كبير في “البيت الأبيض” أصر على عدم الكشف عن هويته.

كما أن الرسوم الجمركية التي تُفرضها الدول الأخرى على وارداتها والدعم المقدمة لصناعاتها واللوائح المنظمة وإمكانية تقليل قيمة العملات المحلية، ستكون من بين البنود التي ستستخدمها إدارة “ترمب” لتحديد الرسوم التي ستُفرضها.

ووفق المسؤول الأميركي؛ فإن حصيلة الرسوم الجمركية المتوقعة سوف تُساعد في سدّ العجز المتوقع في الميزانية المقدر بحوالي: (1.9) تريليون دولار، مضيفًا أن المراجعات اللازمة لتحديد الرسوم الجمركية يمكن أن تكتمل في غضون أسابيع أو بضعة أشهر.

فخ اقتصادي معقدَّ..

لفت “محمد العريان”؛ رئيس كلية (كوينز) في جامعة (كامبريدج)، إلى أن الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، يعتبر التعريفات الجمركية “أجمل” كلمة في قاموسه، ويستخدمها لتحقيق أهداف متعدَّدة. غير أن خبراء الاقتصاد حذروا من مخاطر اعتماد أداة واحدة لتحقيق نتائج مختلفة، ما قد يوقّع “الولايات المتحدة” في فخ اقتصادي معقَّد.

في الأيام الأخيرة بدا أن الإدارة الأميركية تعتمد نهجًا جمركيًا يُحقق مكاسب سريعة، لكنه قد يُسبب أضرارًا طويلة الأمد، تبعًا لمدى تكرار استخدام الرسوم وكيفية استجابة الأسواق والدول الأخرى لها.

وكتب “العريان”؛ في (بلومبيرغ)، أن القاعدة الاقتصادية التي وضعها “يان تينبرغن”، الحائز على جائزة (نوبل)، تؤكد ضرورة تخصيص أداة سياسية لكل هدف على حدة، محذرًا من أن محاولة تحقيق أهداف متعدَّدة بأداة واحدة قد يؤدي إلى نتائج جزئية أو فشل تام.

تضارب الأهداف..

استنادًا إلى هذه الحكمة الاقتصادية؛ رفض العديد من الخبراء في تشرين أول/أكتوبر الماضي، فكرة أن إدارة “ترمب” قد تستخدم التعريفات الجمركية في آنٍ واحد لتوليد الإيرادات، وحماية الصناعات المحلية، وممارسة ضغوط سياسية. فحماية الشركات المحلية تعني خفض الواردات، ما يُقلّل العائدات الجمركية، كما أن استخدام الرسوم لتحقيق أهداف سياسية قد يتعارض مع استقرار الأسواق والحد من التضخم.

ثلاثة محاور رئيسة..

تُشير التطورات الأخيرة إلى أن استراتيجية التعريفات الأميركية تتشّكل حول ثلاثة محاور رئيسة:

  • فرض رسوم جمركية على دولٍ عدة لزيادة الإيرادات وتحقيق معاملة تجارية متكافئة.
  • فرض تعريفات محدَّدة لحماية قطاعات معيُنة مثل “الصلب والألومنيوم”.
  • التلويح بفرض رسوم مشدَّدة على دولٍ بعينها لتحقيق أهداف سياسية.

المكاسب والمخاطر..

يمنح حجم الاقتصاد الأميركي وقوته دوريًا الإدارة الأميركية اليد العُليا في المفاوضات التجارية، ما يسَّهل تحقيق انتصارات سريعة، كما حدث مؤخرًا مع “كولومبيا”.

غير أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة، إذ يمُكن أن تتسبب التعريفات في رفع الأسعار وإبطاء النمو، خاصة مع ضعف القدرة الشرائية للفئات محدّودة الدخل وتأثر الشركات بالتضخم المتسَّارع بعد الجائحة.

وعلى المدى البعيد؛ قد تؤدي هذه السياسات إلى إضعاف مكانة “الولايات المتحدة” كشريك تجاري موثوق، مما يُقلّل من التبادلات الثنائية ويقوض دورها في النظام الاقتصادي العالمي.

من منظور نظريات اللعبة الاقتصادية، فإن التجارة تعتمد على التعاون لتحقيق مكاسب مشتركة. ورغم أن “الولايات المتحدة” تستفيد حاليًا من نهجها الأحادي، فإن استمرار التعامل مع التجارة كمنافسة صفرية قد يؤدي في النهاية إلى خسائر للجميع، بما في ذلك الاقتصاد الأميركي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة