كتب هادي ندا المالكي : أطاحت الانتخابات النيابية الأخيرة بعدد من نواب دولة القانون المحسوبين على حزب الدعوة، وجبهة الصقور تحديداً، وبطريقة غريبة تكاد تكون معدة سلفا من قبل المعنيين بملف الدعاة ورئيس الحكومة نوري المالكي، خصوصاً، وأن هذا الانحدار والسقوط والانكسار شمل أسماء كبيرة عايشت مسيرة الدعاة، وكانت حتى وقت قريب ركنا أسياسيا من أركان الهرم النيابي والإعلامي لدولة القانون.
من بين الأسماء التي وجدت نفسها خارج مظلة الكابينة النيابية: خالد العطية وحسن السنيد وكمال الساعدي ووليد الحلي وعباس البياتي وعلي شلاه ومحمود الحسن وغيرهم الكثير، قبالة صعود جميع أقرباء ونسباء المالكي في كربلاء وفي الحلة وبنجاح ساحق.
السؤال الذي يراود الذهن ويطرح نفسه بقوة لماذا خسر أعضاء حزب الدعوة، وهم نواب فاعلين ومتصدين ولديهم واجهات إعلامية مؤثرة؟ وكيف فاز نسباء وأقارب المالكي وليس فيهم نائباً أو مسؤولاً تنفيذيا حقيقياً في الحكومة المركزية، أو الحكومة المحلية؟ والجواب بكل بساطة: أن المالكي قد سخر كل امكانيات الدولة المشروعة وغير المشروعة، ووضعها تحت تصرف نسبائه وأقاربه وبطريقة مفضوحة، في الوقت منعها عن النواب الدعاة، بحيث أن أبا رحاب صهر المالكي قام بفتح عشرات المكاتب في أقضية ونواحي كربلاء يديرها مئات الموظفين التابعين لدولة المالكي ويتقاضون رواتبهم من أموال الشعب العراقي.
وشاهدنا كيف أن هذه المكاتب كانت توزع الأراضي وتمنح الهبات والمسدسات والعطايا والأموال؛ وتعين العاطلين عن العمل وبصورة فورية وسريعة غير قابلة للرد أو الطعن أو الخضوع للموازنة المالية المتوقفة بسبب الكرد وأعضاء دولة القانون حصرا، وكان السقوط سيكون حتميا لنواب آخرين أمثال حيدر العبادي وغيره لو أنهم رشحوا في محافظات غير بغداد.
وواضح أن هدف المالكي من حركته بدعم أقاربه ونسبائه، والتخلص من منافسيه وأقرانه من الدعاة هو لضمان أكبر قدر من الولاء والطاعة والسير باتجاه الفردية والديكتاتورية؛ وحكم القرية والعائلة يعاضد هذا النهج السيطرة على المؤسسة العسكرية والمفاصل المالية والإدارية المهمة، وبذلك سنكون أمام مرحلة جديدة قديمة يعاد فيها استنساخ تجربة النظام الصدامي المقبور حتى وان بدت صعبة لكنها ليست مستحيلة في ظل ديمقراطية لا يفهما الكثير.
إن خطر المالكي ورغبته في التسلط والتفرد ستضرب ابتداءً قائمته والمقربين منه من الدعاة؛ كي يمهد الطريق للمملكته ولابنائه ونسبائه وأقاربه؛ وإذا كانت الدورة الحالية قد أطاحت بنصف الدعاة، فإن الدورة الثانية إذا ما ثنيت الوسادة للمالكي ستطيح بمن تبقى، وعندها سيكون الجميع أمام عصر حجري وحكم قرية سيمتد إلى عشرات السنين القادمة.