9 فبراير، 2025 12:19 ص

“جورج ساند”.. عبرت عن المشاعر الصاخبة وعن القضايا الإنسانية

“جورج ساند”.. عبرت عن المشاعر الصاخبة وعن القضايا الإنسانية

خاص: إعداد- سماح عادل

“جورج ساند” روائية وكاتبة مسرحيات وناقدة أدبية وصحفية فرنسية.

حياتها..

اسمها الحقيقي “أمانتين أورور لوسيل دوبين” ولدت في باريس في أول أيام يوليو عام 1804 وتوفيت في الثامن من يونيو عام 1876. تنتمي إلى أسرة أرستقراطية. لم توفق في الزواج فطلبت الطلاق بعد أن أنجبت طفلين أخذتهما معها إلى باريس، حيث أقامت. بدأت تكتب قصصها التي اعتمدت على ما تكسبه منها في تربية ولديها. وأول قصتين لها: «السيدة الأولى» 1831، و«وردي وأبيض»، كتبتهما بالاشتراك مع “جول ساندو”. كتبت وحدها: «المستنقع المسحور» 1846، و«قارعو الناقوس» 1853، وهما من أروع ما كتبت. ومن قصصها المعروفة: «إنديانا» 1832، و«أحاديث جدتي» 1881، وتمتاز هذه القصص بالحس الرومانسي العنيف، والمثالية الخلقية. كتبت أيضا بعض السير، مثل: «قصة حياتي» 1854، و«هي وهو» 1858، و”شتاء في ماجوركا” 1841. وفي هذه المؤلفات تصف علاقتها وحبها لكثير من أدباء عمرها، مثل “موسيه وساندو وشوبان”. كانت رواياتها الأولى رومانسية، واهتمت في الأخيرة بالإصلاح الاجتماعي.

أمضت حياة حافلة بالنشاط الفكري والدعوة للحركات النسائية خاصة، ارتدت أزياء رجالية ودخنت السيجار و تعرفت علي كبار الكتاب في عصرها وخاصة “ألفريد دي موسيه وجوستاف فلوبير” وأقامت علاقة وثيقة مع الموسيقي “شوبان”، وأصدرت عددا كبيرا من الروايات والمسرحيات والتراجم.

أما جوستاف فلوبير فهو من أعلام الأدب الفرنسي وقد منحته رواية «مدام بوفاري» شهرة عريضة، وعرف عنه الدقة في استخدام الكلمات والعناية الفائقة بالأسلوب. ومن النادر أن يختلف كاتبان في المزاج والمذهب والأسلوب، كما كانت تختلف “جورج ساند” عن “جوستاف فلوبير”.

الثورة الفرنسية..

كانت “جورج صاند” ابنة الثورة الفرنسية، ولدت سنة 1804 وتمثل فيها كل ما في الثورة من تحرر وانطلاق وتفاؤل واستبشار، وتطلع نحو المستقبل وكان أسلوبها سهلا لا تكلف فيه تكتب بيسر كما لو كانت تغرف من بحر.

وكان “جوستاف فلوبير” الذي ولد عام 1830 ابنا للإمبراطورية الثانية، إمبراطورية الفشل والهزيمة وكان يعكس هذه المشاعر، مشاعر اليأس والقنوط وعدم الثقة في الطبيعة البشرية والكفر بالشعارات العامة وبوجه خاص الديماغوجية والشعبية، وكان في كتابته، كما هو في فكره السياسي، أرستقراطيًا لا يعني بالكم وإنما يعني بالكيف، يتخير ويحكم الأسلوب ويعاني في هذا كأنما ينحت من صخر، وقد يقضي أسبوعا في صياغة فقرة واحدة، ولكنه في النهاية يخرج درة فريدة مثل «مدام بوفاري».

ومع هذا والتباين، جمعتهما صداقة وثيقة ظلت 12 عاما بما فيها فترة الكوميون القلقة وهزيمة 1870، ولم تقطعها إلا وفاة “جورج ساند”، والعامل المشترك بينهما وقتئذ كان أن كل واحد منهما كان قد طرح فترة القلق والكفاح وآوي إلي ملاذه الخاص، هي في «نوهان» وهو في «كروسيه» هي في السابعة والخمسين وهو في الثالثة والأربعين. وقد أصدر كل منهما عيون إنتاجه ودرر كتاباته واعترف به كاتبا عبقريًا فذا.

نصوص مجهولة..

في مقالة بعنوان (الفرنسية جورج ساند تفاجئ قراءها بنصوص مجهولة) كتبت “مارلين كنعان”: “الكاتبة والروائية الفرنسية الشهيرة “أمانتين أورور لوسيل دوبان دو فرانكوي” المعروفة باسم “جورج ساند” التي جمعتها بالموسيقار الكبير “فريدريك شوبان” قصة حب رهيبة، تعود للواجهة الأدبية الفرنسية وإلى كثير من قرائها عبر ثلاثة كتب جديدة غير منشورة، صدرت حديثا في باريس، وتنمي نصوصها إلى أدب الرحلة التي كانت هي من رواده الكبار، وإلى أدب الرسائل أو المراسلات الذي بلغ إحدى ذرواته في القرن الـ 19.

والكتب هي “في السفر مع جورج صاند في الجنوب الغربي” (دار لوفستين)، “أسفار” (دار أرتو)، و”رسائل جديدة مكتشفة” (دار لو باسور)، عطفا على كتاب صدر للباحثة “فرانسواز جونوفراي” عن علاقة “ساند” بسويسرا وعنوانه “سويسرا جورج ساند” (دار غارنييه).

لابد من إلقاء ضوء على الكتابة الكبيرة مسيرة ومسارا أدبيا، فهي تعد واحدة من أكثر الكتاب الفرنسيين غزارة، ووقعت أكثر من 70 رواية و50 عملا أدبيا توزع معظمها على أدب الرحلات والقصص القصيرة والحكايات والمسرحيات والمقالات والنصوص السياسية، فضلا عن ارتباط اسمها بعلاقات ومغامرات عاطفية عدة وبالتمرد على القيود المجتمعية”.

شوبان..

تواصل المقالة: “ساند وشوبان:

ولدت جورج صاند في باريس لأب ضابط في الجيش الإمبراطوري تزوج سرا من امرأة من الطبقة الشعبية وعاش معها في صراع حتى وفاته، مما ولَّد لدى طفلته شعورا بالاختناق كان السبب، على ما تقول، في تمردها. وقد تلقت ساند تعليمها أولاً في مدينة ريفية صغيرة تقع جنوب غربي باريس تدعى نوهان- فيك، إذ عاشت في كنف جدتها تستمع إلى القصص التي يرويها الفلاحون في جلساتهم، وقد حولتها الأديبة فيما بعد إلى مادة أولية لرواياتها قبل أن تنتقل إلى إحدى المدارس الداخلية للراهبات في باريس فجرت في أعماقها حب التمرد في بادئ الأمر ومن ثم التوق إلى اعتناق الحياة الديرية.

وفور عودتها لنوهان تزوجت ساند وهي في الـ 18 من عمرها من البارون كازمير دودفان ورزقت منه بطفلين، لكنها سرعان ما انفصلت عنه لتعيش حياتها بحرية كاملة مثيرة العديد من الفضائح في علاقاتها مع بعض المشاهير مثل الشاعر ألفرد دو موسيه وبروسبير مريميه والموسيقي فريديرك شوبان والكاتب جول صاندو الذي أوحى لها باسمها المستعار بعدما وقعت وإياه على رواية أولى بعنوان “روز وبلانش” نشرت عام 1831 باسم جول ساند.

وبعد انفصالها بوقت قصير عن هذا الكاتب المغمور قررت أورور دوبان الاستمرار في الكتابة، غير أنها وجدت من المناسب الاحتفاظ بالاسم المستعار “ساند” وإضافة الاسم الأول المذكر “جورج” كي تؤخذ كتاباتها على محمل الجد، وقد وقعت بهذا الاسم كل نتاجها الأدبي الزاخر الذي تميز بأسلوب سهل لا تكلف فيه، وبعد طلاقها من البارون دودفان قررت ساند الاستقرار في باريس لتثير حولها زوبعة من الاستنكار في الأوساط المخملية لخروجها بزي الرجال وانتقائها البنطال وتدخينها الغليون والسيغار، وقد شغلت مغامراتها العاطفية الصالونات الأدبية في أوروبا كافة”.

مشاعر..

وعن روايتها تواصل المقالة : “بدأت شهرة جورج ساند الأدبية عام 1832 حين أصدرت رواية “إنديانا” ثم روايات “فالنتين” و”ليليا” و”جاك” وغيرها من الروايات التي تناولت قصص حب رومانسية، وفيها وصفت تقلبات المشاعر العاطفية والعشق الصاخب كما عاشته مع دو موسيه وشوبان، لكنها سرعان ما اهتمت في روايات أخرى بوصف حياة القرويين مثل “بركة الشيطان” و”فاديت الصغيرة”، وفي كثير من النصوص والسرديات. وقد أبدعت ساند أيضاً في كتابة الرواية المثالية التي ترجمت من خلالها مشاعرها وأفكارها وآرائها عندما غيرت موقفها من الأدب، إذ أصبح بتأثير من الاشتراكية والإنسانية وتجربة الشاعرين لامارتين وهوغو، المتحدث باسم الشرائح الشعبية.

كانت كتابات جورج ساند تدافع أولاً عن تقلبات المشاعر العاطفية الصاخبة والعشق والوله والعوالم الداخلية للمرأة، لكنها تحولت ثانياً إلى الدفاع عن القيم الإنسانية والتضامن الاجتماعي، غير أن هذا الدفاع بجناحيه لم يندرج فقط في إطار جرأة ساند وتحررها في زمن لم تجرؤ فيه النساء على انتقاد السياسات الاجتماعية والاقتصادية المتبعة في بلادها ونشر أفكارهن التحررية والعيش بموجبها، بل تعداها مع هذه الكاتبة الاستثنائية المأخوذة بالبحث عن جوهر الأشياء وسر الذات ليندرج في إطار الفكر الاستشرافي، فاليوم وبعد مضي 200 عام على ولادة جورج ساند تبدو لنا هذه الأديبة المميزة كامرأة ذات أفكار ورؤى تجاوزت العصر الذي عاشت فيه، وهي التي استشرفت بعض ما ستكون عليه فرنسا على المستوى السياسي والأدبي والتي زاوجت بين الحب والكتابة والسفر”.

أهواء..

في مقالة بعنوان (أهواء جورج ساند) كتب: “لم يكن لجورج ساند هوى واحد، وإنما كانت لها أهواء، تقسم الحب قلبها، وتتنقل من خليل مملول، إلى آخر طريف محبوب، لا تمضي عليه برهة حتى تصير طرافته سآمة وحبه قلى. وكان لها قدم راسخة في الكتابة، وبخاصة في الفن القصصي، الذي كانت تبذ فيه فيكتور هيجو؛ فقد كان هيجو لغرامه بالصناعة اللفظية، وتيهه بنفسه، يميل إلى الضخامة والأبهة في وصف أشخاص قصصه؛ فإذا وصف شقيّا، بالغ في شقائه، حتى يخرج عن الصورة المألوفة للشقاء. أما جورج ساند فكانت كاتبة ملهمة، ترسم الناس كما هم، وتخطط أخلاقهم تخطيطًا صحيحًا، فإذا قرأ الإنسان إحدى قصصها شعر أنه في وسط أناس حقيقيين، يقرأ قلوبهم، وتطالعه سرائرهم في أحاديثهم وسلوكهم”.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة