7 فبراير، 2025 10:05 ص

المال التكفيريّ والإعلام المحرض على العنف في عمل الإخوان المسلمين

المال التكفيريّ والإعلام المحرض على العنف في عمل الإخوان المسلمين

الأشياء تُستهلك بفعل استخدامها وعوامل سنن التاريخ والتطوّر والطبيعة التي تفرض انتهاء صلاحيتها، ثم تحاول بعض الجماعات المنتهية الصلاحية مثل جماعة الإخوان المسلمين استثمار كل شيء وذلك لإعادة تدوير أفكارها ونظريتها البالية المتردية. المصيبة العظمى أن الجماعة تعلم يقينا أن وجودهم يتناقض كليّا مع قوانين التاريخ وناموس التطور الطبيعي والاجتماعي، كونهم الغدة المتسرطنة التي تجثم داخل هذه الأمة بجراثيم الفكر الإرهابي المتطرف. لاسيما أن الجماعة ومنذ نشأتها ما يقارب قبل مئة عام كانت وما تزال تنفذ أوامر أسيادها في محاولة لتدمير الوطن والدولة، ولا غرابة من قبول هذا الدور لأن من يؤدونه يمتلكون كل مؤهلات العميل وقابلية تمثيل الأدوار البطولية على مسرح الزيف السياسي.

 لكن الحقيقة التاريخية التي لا غبار عليها هي أن تركيبة هذه الجماعة الإرهابية وقاعدة استناد بناءها لا تتقبل التغيير بوجوب استحقاق التطور الإنساني، وأن تطلعات الشعوب العربية تتناقضجوهريّا مع كل توجهات هذه الجماعة المتخلفة. ولمن يتقن علم حساب معادلات السياسة وفن تفكيك شفرات طلاسمها، سيجد أن جماعة الإخوان المسلمين وكل من على شاكلتها المتخلفة، زائدا لا يصلح استعمالها.

الجانب المالي:

القصة بدأت بهروب (سعيد رمضان) زوج ابنة حسن البنا مؤسس الجماعة وأحد قادة الرعيل الأول للجماعة إلى أوروبا وتحديداً سويسرا عام 1958 إذ أسس رمضان المركز الإسلاميّ في جنيف. لاسيما أن سعيد رمضان هو من وضع اللبنة الأولى لتأسيس التنظيم الدوليّ لجماعة الإخوان المسلمين. ومن ثَم تشعبت دوائر الإخوان في أوروبا مع إنشاء جمعيات خيرية وشركات كانت غطاء لجمع الأموال من الخارج وإدخالها إلى مصر. تجدر الإشارة إلى أن أهم الشخصيات الاقتصاديّة في جماعة الإخوان المسلمين، وأصحاب رؤوس الأموال هم كل من، حسن مالك، وخيرت الشاطر، ويوسف ندا، وعصام الحداد، وأحمد عبد العاطي وغيرهم. بالتالي فقد استطاعت جماعة الإخوان المسلمين على مدار ثمانين عاماً أن تصنع إمبراطورتيها الماليّة في كثير من دول العالم.

في شهادة علي عشماوي، آخر قادة التنظيم الخاصّ للإخوان المسلمين، يذكر عشماوي أن الإخوان قد تلقَّوا الدعم الماليّ من الأمريكان وبطرق مختلفة، فأحياناً كانت هذه الأموال تُدفع عن طريق وسيط، وأحياناً أخرى تُدفع على هيئة صفقة تِجارية مع أحد أعضاء التنظيم، أو عن طريق أحد الإخوان العاملين في الخليج العربيّ. كما أن عمر التلمسانيّ، المرشد العام الثالث للجماعة، قد انهالت عليه الأموال من جميع بلاد العالم دون معرفة مصادر هذه الأموال. (التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين: علي عشماويص41ص42).

في السياق ذاته يذكر الكاتب محمد الملاح في كتابه (الذين سرقوا الإسلام ص22ص23) أن جماعة الإخوان المسلمين أنشأت بما يسمى 23 جمعية خيرية في كل من سويسرا وبريطانيا، حيث تدير هذه الجمعيات أصولاً قيمتها تصل إلى 100 مليون جنيه إسترلينيّ، ويتحكم في هذه الجمعيات ثلاثة من قيادات الجماعة، وهم كل من عصام الحداد، وإبراهيم الزيات، وإبراهيم منير عضو مكتب التنظيم الدوليّ لجماعة الإخوان المسلمين في لندن. أما رجل الأعمال (يوسف ندا) فكان يشغل منصب المفوض العام لجماعة الإخوان المسلمين في الخارج حيث أسس ندا (بنك التقوى) في جزر الباهاما إضافة إلى شركتي (ندا إنترناشيونال للخرسانة، وشركة التقوى للإدارة).

ويشير الكاتب سامح أيجبستون في كتابه (الكذب الأبيض المقدس) أنه بعد أيام من أحداث 11سبتمبر عام 2001، اتُّهم بنكُ التقوى من قِبل الولايات المتحدة الأمريكيّة بتمويل تنظيم القاعدة. وفي يناير 2003 أرسلت وزارة الخزانة الأمريكيّة خطاباً إلى السلطات السويسرية أكدت فيه أن المدعوّ يوسف ندا قد قدم خدمات استثماريةً غير مباشرة لتنظيم القاعدة حتى أواخر 2001.

وأفاد تقرير عن الاستخبارات الإسبانية فى سبتمبر 2017، أن التنظيم الدوليّ للإخوان المسلمين يحاول وبصورة سرية نقلَ الكثير من الأصول التي يتملكها في فرنسا إلى إقليم كاتالونيا في أسبانيا، وذلك نتيجة للضغوط الكبيرة التي تعرض لها قادة التنظيم من قِبل الحكومة الفرنسيّة من أجل خفض مستوى الدعم الماليّ والاستثمارات في أنشطة التنظيم في أحياء باريس المهمشة، حيث تم رصد مؤسسات ومنظمات دولية تُرسل أموالاً لكيانات تابعة للإخوان، من هذه المنظمات الدوليّة (هيئة الإغاثة الإسلاميّة) التي بدأت مؤخراً في التكثيف من فعالياتها من أجل جمع التبرعات. أما بنك التقوى الذي تأسس على يد القياديّين في جماعة الإخوان المسلمين: (يوسف ندا، وعلي غالب همت) في جزر الباهما، فقد أشار التقرير نفسه إلى أن البنك قد بلغ رأس ماله ما يعادل (229) مليون دولار، ومن ثَم قامت مجموعة التقوى بتأسيس العديد من الأفرع لها في بعض الدول، مثل ليختنشتاين وبريطانيا. وكذلك بنك أكيدا الدوليّ الذي تأسس فى مدينة ناسو في جزر الباهما أيضاً، فهو متورط في تمويل عدد من الجماعات الأصولية، من بينها حركة حماس، وجبهة الخلاص الإسلاميّة، والجماعة الإسلاميّة المسلحة في الجزائر، وجماعة النهضة التونسية.

(التقرير الصادر عن المركز الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب حولأبرز المراكز المالية لجماعة الإخوان المسلمين في أوروبا والغرب2019).

وسائل إعلام جماعة الإخوان المسلمين المحرضة على الكراهية باعتبارها جريمة ضد الإنسانية:

يصف مؤلف كتاب (الصحافة في زمن الكراهية الإعلامية) توماس كاميليندي وسائل الإعلام المحرضة على الكراهية أنها شكل من أشكال العنف، تساعد على شيطنة ووسم الأشخاص المنتمين إلى مجموعات مختلفة. حيث لعب هذا النوع من وسائل الإعلام دورًا مؤثرًا في تأجيج حوادث الإبادة الجماعية.

لقد انطلقت جماعة الإخوان المسلمين في نشاطها الإرهابي علىالاستراتيجية الإعلاميّة للجماعات التكفيريّة والإرهابيّين إذ ينطلق الإرهابيّون في نشاطهم الإرهابيّ، وفي تعاملهم مع وسائل الإعلام من استراتيجية محددة واضحة المعالم، تلك الاستراتيجية التي تُعدّ الإرهاب حرباً دعائية ونفسية وإعلامية ذات عقيدة سياسيّة أو دينية، وإن تلك الجماعات تسعى إلى كسب الناس وتعاطفهم معهم. ولهذا أصبح نشر العمل الإرهابيّ عبر وسائل الإعلام أمراً إلزاميًّا وضروريًّا في استراتيجة الجماعات التكفيريّة. ويقول المؤرخ والصحفي الأمريكيّ (وليتر لاكوير) بهذا الصدد” إن الإرهاب لوحده لا شيء، بل نشره عبر وسائل الإعلام هو كل شيء”.

في تحليلنا للخطاب الإعلاميّ لجماعة الإخوان المسلمين يُمثل ذلك الخطاب بصورة عامة أحد أهم المؤثرات في الخطاب الإعلاميّ الإسلاميّ المعاصر، وأهم الروافد المغذية للتطرف. ويمكن رصد عدة محاور في منهج خطاب المؤسس حسن البنا من خلال مجموعة رسائله، وكذلك بعض كتابات منظري الجماعة، أبرزها وأخطرها قضية (حتمية الصراع) فخطاب الجماعة يؤكد دائماً المواجهة مع من يخالفهم. الأمر الآخر، هو ادّعاء أعضاء الجماعة أنهم وحدهم يمتلكون الفهم الصحيح للإسلام، بالتالي فهم كفّروا كل من يختلف مع آرائهم ومعتقداتهم. ولهذا فقد حَوَّلَ هذا الخطاب الإعلاميّ المتشدد التنافس السياسيّ إلى معركة وجودية دينية يكون انتصارهم فيها يمثل انتصاراً للإسلام من منظورهم، وخسارتهم تمثل هزيمة الإسلام أمام خصومهم من أعداء الإسلام.

ويوضح الكاتب عبد الباسط هيكل في كتابه (أزمة الخطاب الإسلامي ص3) إن الإعلام التكفيريّ للجماعة جعل من صراعهم مع الغرب صراعاً وجوديًّا بين الأديان، بعيداً عن السياسيّة والاقتصاد. فقد استخدمت الجماعة في خطابها مصطلحات شديدة مثل الإسلام والصليب، وبالتالي فإنه انعكس على أفراد الجماعة إذ أصبحواً أكثر انتماءً والتصاقاً بالتنظيم، في الوقت نفسه فإن هذا الخطاب خلق حالة من الكراهية والعدائية للغرب. وعليه يُمثل الخطاب الدينيّ لجماعة الإخوان المسلمين السبب المباشر الذي يدفعهمللمارسة العنف الإرهابي ضد كل من يختلف معهم.

وبناء على ما تقدم، فقد وظفت جماعة الإخوان المسلمين تقنيات وسائل الإعلام في الترويج والدعاية للفكر المتطرف ونبذ الآخر. وكما ذكرنا آنفاً جعلت من الاختلاف في الرؤى والمشروعات السياسيّة خلافاً دينيًّا عقائديًّا لا مكان للفكر المغاير فيه.

أحدث المقالات

أحدث المقالات