كما هم دائماً ، يتداول من استولوا على حكم العراق ، ومن يطبلون لهم … يتداولون ويطلقون على زوجة الرئيس في العراق لقب السيدة الاولى ، زوراً وظلماً وبهتاناً كبيراً ..
أولاً ، وحسب فقرات ونصوص دستور بريمر عام ٢٠٠٥ لا وجود لمنصب بهذا التوصيف ، ولا يوجد في الدولة التي اعقبت الاحتلال البغيض منصب بهذا المعنى .. ولذلك فهذه مخالفة دستورية فاضحة ، وثانياً فليس هناك ماتقوم به زوجة الرئيس من خوارق وجهود ما يمنحها هذا اللقب ، واذا كانوا قد استعاروه كالببغاوات من التقاليد الغربية وقشور الحضارة فهو رد لهم ، ولهم فقط ولا يعنينا نحن العراقيين الذين عانينا كل المرارات منهم وليس الامرين فقط … مع يقيني التام ان هذا المنصب الذي هو طابو ملك صرف ( وليس استحقاقاً دستورياً او شرعياً ) للمواطنين العراقيين من شمال الوطن ومن القومية الكردية حصراً استناداً الى مقررات مؤتمري لندن وصلاح الدين لمن كانوا يعارضون النظام السابق .. وهو تفاهم ، بل اتفاق علني وعلى المكشوف لن يحيد عنه احد ضمن كعكة المحاصصة المقيتة ولن يجروء احد على المساس به تحقيقاً للّحمة والتوافق والشراكة الوطنية !!
وبعد ان استعرضت لكم الجانب الدستوري والاتفاقات الخفية والعلنية دعوني اطلق العنان لعواطفي هذه المرة .. واخاطب من لا يسمعون ولا يعون من الطبقة التي تحكم وتتسلط واقول : ان السيدة الاولى ايها المنبوذون هي تلك الام او الزوجة التي فقدت ابنها او زوجها الشهيد وهو يدافع عن وطن استباحه الارهابيون والمتسلطون على مقدرات البلد بالتساوي ومازالت هذه المرأة حتى هذا اللحظة تراجع الدوائر والمؤسسات حول مستحقاته القانونية والشرعية دون جدوى .. ان السيدة الاولى هي تلك الفلاحة التي تسكن الاهوار او الصحراء وتكافح من اجل ان تعيل عائلة وتوفر لها قوت يومها في ظل أقسى الظروف الطبيعية ، والسيدة الاولى يا سادة يا كرام هي تلك المراة او الفتاة التي تعمل في معامل الطابوق منذ الفجر حتى الغسق وتتلقى في صدرها كل السموم السوداء والكاربون وثنائي أوكسيد الكربون من اجل عشرة او عشرين الف دينار تسد بها حاجات عائلتها وتداوي بها جسدها النحيل وهو يتلقى هذه السموم المميتة .. ان السيدة الاولى هي تلك المراة الي تقضي جل نهارها بائعة للخضار او الاسماك في الاسواق وسط النظرة القاسية للمجتمع وهي تحت المطر الشديد او الحر القاتل لكي تعود لاولادها ببضعة الاف من الدنانير لا غير .. ان السيدة الاولى هي تلك الفنانة العراقية التي تشع الوانها بهجة واملاً محاولة تغيير الواقع المؤلم لحياة كل ما فيها مكابدات وزحام وفساد او تقف على المسرح لتثبت للعالم ان العراق الجميل باقٍ رغم كل الحروب والدمار والتشتت والفساد .. ان السيدة الاولى هي تلك الطبيبة او الممرضة التي تداوي جراحات العراقيين وتمنحهم الامل بحياة كريمة ، ان السيدة الاولى هي تلك الرياضية الماجدة التي تتحدى اعاقتها التي نالتها من الارهاب الاسود لترفع اسم العراق عالياً في المحافل الدولية .. ان السيدة الاولى هي تلك الماجدة الشجاعة التي استطاعت ان تنقذ عدداً من الشباب من براثن ذلك الارهاب الذي بطش باولادنا ايام مجزرة سپايكر التي هي نتاج الخيانة والجبن والقيادة السيئة وغير المسؤولة .. إن السيدةالأولى هي تلك الطالبة التي كانت تذهب الى مدرستها وسط الاوحال في الستوتة او خلف ابيها في الموتوسيكل وتنجح وتتفوق وتتحدى ظروفها لتحقق حلمها بدخول الجامعة .. والسيدة الاولى هي تلك العراقية التي وجدت نفسها وسط ظروف قاسية بغياب الاب والزوج معيلة لاولادها الصغار وهم يصارعون الزمن للفوز بفرصة عيش كريمة .. وهكذا يمكنني ان اعدد لكم عشرات من النماذج العراقية الشامخة التي تستحق ، وهي فقط من تستحق ان يطلق عليها اسم وليس لقب السيدة الاولى .. اما تلك السيدة التي لا تعمل شيئاً لا هي ولا زوجها وتقبض الملايين ويخدمها ويحميها الالاف ، وتركب افخم السيارات وتسكن ارقى القصور ، وتعد الايام في الإيفادات الخارجية والحفلات والمناسبات البروتوكولية مع ارقى دور الازياء والمجوهرات والموضة والعطور وتستقبل الأجانب وتتكلم بالمثاقيل وتحت البخيخ الذي يشعرك بالنعاس ، فهي ليست بالنسبة لي ( واجزم بالنسبة للغالبية العظمى من العراقيين ) ليست سيدة اولى ، ولا حتى بالمرتبة المليون !