خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
كما سبق وأن توقع وحذر منظروا السياسة الخارجية، ومراقبوا السياسة الداخلية، لم تسَّفر زيارة وزير الخارجية؛ “عباس عراقجي”، الأحد الماضي، إلى “كابل” عن إنجازات؛ بل على العكس منحت حكومة (طالبان) المزعومة امتيازًا كبيرًا دون مقابل. بحسّب “مسیح مهاجري”؛ في افتتاحية صحيفة (الجمهورية الإسلامية) الإيرانية.
زيارات “الشاورما” و”الشاي” !
وبنظرة سريعة على تصريحات وزير الخارجية الإيراني بعد العودة في وصف هذه الزيارة، يمكن بوضوح استنتاج أن حكومة (طالبان) المزعومة لم تُقدم أي امتيازات لـ”الجمهورية الإيرانية”، ويمكن تصّنيف زيارة السيد “عراقجي”؛ إلى “كابل”، ضمن رحلاته إلى “دمشق” بالأيام الأخيرة من حكم؛ “بشار الأسد”، وتناول “الشاورما” في أحد مطاعم تلك المدينة، خاصة وأنه بتناوله الشاي في سوق “كابل”، كرر التقليد الشهير لـ”الشاورما”.
أهمية زيارة “كابل”..
وتنطوي زيارة وزير الخارجية إلى “كابل” على الأهمية من ثلاث زوايا، الأولى: قدرة حكومة (طالبان) المزعومة؛ والتي لا تكاد تُذكر في كثير من النواحي؛ إذ تفتقر إلى الشرعية القائمة على التصّويت الشعبي، وهى أكثر الحكومات رجعية على وجه الأرض، ولم تعترف بها أي دولة، وتنتهك حقوق الشعب، وتحولت إلى مركز لدعم الإرهاب، ولا تلتزم بأي من تعهداتها.
والثقة في هكذا جماعة يتنافي وكل المعايير العقلية، والقانونية، والأعراف الدولية.
الثانية: النظرة الاستراتيجية للمصالح الوطنية مع الأخذ في الاعتبار لقضية الشعب الأفغاني تجاه حكومة (طالبان) المزعومة.
وترفض كل طوائف الشعب المختلفة في “أفغانستان” وأتباع المذاهب المختلفة، حكومة (طالبان) ولا يقبل بالوقوع تحت وطأة هذه الحكومة العرقية والمتخلفة وقديمة الطراز.
والوقائع على مدار السنوات الثلاث الماضية من صعود (طالبان) للسلطة مجددًا في “أفغانستان” أثبتت ذلك. وخلال هذه المدة لم يرفض الشعب الأفغاني الخضوع لـ (طالبان) فقط، وإنما أصبح أكثر عزامًا على مجابهتا وأعلن بوضوح عدم الرضوخ لتلك الحكومة العنصرية والمتخلفة.
ولا يمكن لـ”الجمهورية الإيرانية” ربط مصالحها الوطنية بتلك الجماعة. وتلك الرابطة الشاملة التي تربطنا بـ”أفغانستان”، كما يقول السيد “عراقجي”، هي مع الشعب الذي يقف في مواجهة (طالبان)، وليس مع هذه الحركة التي تتعارض من جميع الجهات مع الشعب الأفغاني والمصالح الوطنية الإيرانية.
مكانة “عراقجي”..
الثالثة: مكانة وزير الخارجية. تطرق السيد “عراقجي”، في تصريحاته بعد العودة من “كابل”، من منطلق إضفاء المنطق على الزيارة، للحديث عن موضوعات مثل حصة “إيران” من المياه، وقضايا تأمين الحدود، ووجود أفغانيين في “إيران” بشكلٍ غير قانوني، والتجاره مع “أفغانستان”، والنقطة الأكثر إثارة هي وعد قادة (طالبان) بحل هذه المشاكل.
وقد كان من الممكن تحقيق هذه الإنجازات عبر إيفاد مدير “وزارة الخارجية” إلى “كابل”، أو مباحثات رئيس السفارة الإيرانية في “كابل”، أو حتى تبادل عدة رسائل دون الحاجة إلى سفر وزير الخارجية.
والأهم أن مثل هذه الزيارات يكون فقط للدول ذات الشرعية والمعترف بها رسميًا لا حكومة تفتقر للشرعية أولًا، وتحصل ثانيًا على امتيازات دون تقديم أخرى في المقابل.
والأكثر إثارة للأسف استقبال بعض صغار الموظفين في “وزارة الخارجية” الأفغانية؛ السيد “عراقجي”، وزير الخارجية الإيراني، في “مطار كابل”؛ حيث لم يكن في استقباله نظيره الأفغاني.
كذلك غاب علم “الجمهورية الإيرانية” في لقاء وزير الخارجية الإيراني مع رئيس وزراء حكومة (طالبان) المزعومة، وقدم السيد “عراقحي” تحت راية (طالبان) التي تفتقر للشرعية كحكومتها المزعومة، وعودًا شرعية متكررة وغير مدعومة ! وبالنسبة لـ”الخارجية الإيرانية” وشخص وزير الخارجية نفسه، فإننا نطالب بالشفافية التي للأسف لم يتم مراعاتها في أداء السيد “عراقجي”.
والمتوقع من وزير الخارجية الإيراني أن يعمل بشكلٍ مستقل، وألا يعبأ بمطالب هذا وذاك، وأن يُراعي المصالح الوطنية الإيرانية. وفي الحقيقة لم يكن للمصالح الوطنية الإيرانية مكانًا في زيارة السيد “عراقجي” إلى “كابل”.