حل الفصائل المسلحة .. بين رغبة الحكومة والضغط الأميركي لإنهاء النفوذ الإيراني في العراق !

حل الفصائل المسلحة .. بين رغبة الحكومة والضغط الأميركي لإنهاء النفوذ الإيراني في العراق !

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

قال وزير الخارجية العراقي؛ “فؤاد حسين”، في لقاء مع (سكاي نيوز عربية)، إن المفاوضات مع الفصائل المسلحة مستمرة من أجل تسليم أسلحتها، مؤكدًا أن الهدف من هذه المفاوضات أن يكون القرار الأمني والعسكري بيد الحكومة.

وسبق وأن نفى رئيس الوزراء العراقي؛ “محمد شيّاع السوداني”، وجود أي ضغوط خارجية على حكومته لحل الفصائل المسلحة الشيعية، إلا أنه أشار إلى وجود رغبة قوية بحصّر السلاح المنَّفلت بيد الدولة.

إلا أن مصادر سياسية عراقية ومسؤولون حكوميون في حكومة؛ “محمد شيّاع السوداني”، لـ (عربي بوست)، أكدت وجود تلك المطالب الخارجية، والضغوط الأميركية على حكومة “السوداني” لحل الفصائل المسلحة الشيعية الموالية لـ”إيران” في “العراق”.

وقالوا إن تلك المطالب تصاعدت بعد الإطاحة بنظام “بشار الأسد”؛ في “سورية”، والهزيمة الثقيلة التي تعرضت لها “طهران” وسط التطورات الإقليمية الحالية، لا سيّما ما تعرض له (حزب الله) في “لبنان”.

حل الفصائل منعًا للاستهداف..

مسؤول عراقي مقرب من “السوداني”؛ قال لـ (عربي بوست)، مفضلًا عدم ذكر اسمه: “زار بلينكن؛ بغداد، بشكلٍ سري قبل تولي؛ ترمب، منصبه، وأكد على السوداني طلب واشنطن بضرورة حل الفصائل المسلحة المقربة من إيران في العراق، كما أن طلبه حمل تهديدًا غير مباشر في حال رفضت هذه الفصائل حلها، وإلقاء سلاحها”.

وأضاف: “كان طلب حل الفصائل ليس من قبل إدارة؛ جو بايدن، فقط، ولكن قبل تولي؛ دونالد ترمب، منصبه بأيام قليلة، إذ تواصل مسؤولون من فريقه للسياسة الخارجية مع الحكومة العراقية، وأكدوا ضرورة حل الفصائل المسلحة في أقرب وقتٍ، منعًا لاستهداف واشنطن لهم”.

أشار كذلك المسؤول الحكومي إلى أن التهديدات الأميركية تناولت أيضًا فكرة إدراج سياسين شيعة مخضرمين على قوائم الإرهاب الأميركية.

وأوضح أن: “الأميركيين هددوا بإدراج شخصيات سياسية بارزة من (الإطار التنسّيقي)، مثل حيدر العبادي ونوري المالكي، وإلى حد إبلاغ واشنطن للسوداني بأنه ليس من المسَّتبعد توجيه ضربات عسكرية إسرائيلية وأميركية لقواعد ومخازن أسلحة هذه الفصائل”.

زيارة “لندن”..

وكانت تصريحات وزير الخارجية العراقي؛ “فؤاد حسين”، خلال زيارته إلى “لندن”، في 16 كانون ثان/يناير 2025، أعادت فتح ملف نزع سلاح الفصائل المسلحة في “العراق”.

قال وزير الخارجية؛ في لقاء مع وكالة (رويترز)، إن “بغداد” تُحاول إقناع فصائل مسلحة عراقية خاضت قتالًا ضد القوات الأميركية وأطلقت صواريخ وطائرات مُسيّرة على “إسرائيل” بالتخلي عن سلاحها أو الانضمام إلى قوات الأمن الرسمية.

وتقول (رويترز)؛ إن إدارة الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، تعهدت بتعزيز الضغوط على “طهران”، التي طالما دعمت عددًا من الأحزاب السياسية ومجموعة من الفصائل المسلحة في “العراق”.

يشعر بعض المسؤولين في “بغداد” بالقلق من احتمال أن يكون الدور على “العراق” في تغيّير الوضع القائم، وفق (رويترز).

لكن “حسين” قلّل من أهمية هذا الأمر في مقابلة مع (رويترز)؛ أثناء زيارته الرسمية إلى “لندن”، حيث قال: “لا نعتقد أن العراق هو الدولة التالية”.

وأضاف أن الحكومة تُجري محادثات للسيّطرة على هذه الجماعات مع الاستمرار في الحفاظ على التوازن بين علاقاتها مع كل من “واشنطن وطهران”. وقال: “منذ عامين أو ثلاثة أعوام، كان من المستحيل مناقشة هذا الموضوع في مجتمعنا”.

إنهاء النفوذ الإيراني..

في هذا السيّاق؛ أوضح الباحث في (مركز الجزيرة للدراسات)؛ “لقاء مكي”، أن: “هناك معلومات تتناقلها وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث تتمحور حول رغبة الرئيس؛ ترمب، في إخراج العراق من النفوذ الإيراني، وموضوع حل الفصائل هو أحد أوجه هذا النفوذ”. وأضاف “مكي” أن: “هناك جوانب أخرى لهذا النفوذ تتعلق بعلاقة العراق الاقتصادية مع إيران، ولا يُريد ترمب أن يكون العراق مصدرًا للتمويل المالي لإيران، فإبعاد العراق من هذا النفوذ لا يشمل حل الفصائل فحسب، بل من المحتمل أن يمتد إلى قطاعات الجيش والشرطة، فإيران وبحسب تقارير أميركية متوغلة في الشرطة الاتحادية، وإنهاء التوغل الإيراني سيمتد إلى الأجهزة الإدارية والسياسية والأمنية والاقتصادية”.

حل الفصائل وليس “الحشد الشعبي”..

ورأى أستاذ الدراسات الأمنية والاستراتيجية في (معهد الدوحة) للدراسات العُليا؛ “مهند سلوم”، أن: “الحكومة العراقية قد تدفع باتجاه حل الفصائل، لكنها لا تمتلك قرار حل ميليشيات (الحشد الشعبي)، لأنها لم تشترك في تأسيس (الحشد الشعبي) بقرار تنفيذي، لأن منح (الحشد) الشرعية جاء عبر تصويت في مجلس النواب العراقي”.

وأوضح “سلوم”؛ أن: “قرار حل (الحشد) هو بيد القوى السياسية، مثل حزب (الدعوة) ومنظمة (بدر) و(العصائب) وغيرها، التي شاركت في تشكيل نواة (الحشد الشعبي) ودعمته سياسيًا. وعليه فإن حل (الحشد الشعبي) قرار سياسي (عراقي-إيراني)، فإيران حريصة على بقاء هذا (الحشد)، مثلما صرح المرشد الأعلى الإيراني”.

موضحًا أن: “الولايات المتحدة تمتلك أدوات للضغط على العراق لحل الميليشيات الموالية لإيران، منها اغتيال قيادات هذه الميليشيات، إضافة إلى فرض عقوبات فردية على وزراء وأعضاء في الحكومة ينتمون لهذه الجماعات”.

توافقات سياسية..

ولا يبتعد الباحث في الشأن العراقي؛ “رعد هاشم”، من الرأي السابق، إذ رأى أن: “أحد سيناريوهات حل الفصل إن حدث ضغط أميركي بهذا الاتجاه، ويعتمد على ضرورة الوصول إلى التوافقات السياسية. وقد توجه إيران أذرعها بعدم الاستجابة لقرار الحل، وسيطرح المشروع على البرلمان، وقد يرفض بصورة أولية، ومن ثم يأتي تهديد لاحق بضرورة إقراره، لا بُدّ من الحصول على توافق أميركي مع الحكومة العراقية على التنفيذ بسلاسة”.

حلول وسط ومناورات..

في سيّاق آخر؛ أشار الباحث في الشأن السياسي؛ “ياسين عزيز”، أن: “الحكومة العراقية الحالية لن تتمكن من حل الفصائل نظرًا إلى تنامي نفوذها داخل المؤسستين التنفيذية والتشريعية”، لافتًا إلى أن: “السيناريو المتوقع في حال عدم حل (الحشد) والفصائل ومع استمرار الضغوط الأميركية، فإن الحكومة العراقية ستلجأ في الغالب إلى الحلول الوسط أو المناورات، ومنها دمج بعض قوات (الحشد) مع القوات الأمنية العراقية”.

تفاوض إيراني..

أما المحلل السياسي العراقي؛ “العباس الدوري”، فرأى أنه: “إذا كان القرار الأميركي اتخذ بحل (الحشد) أو دمجه مع القوات الأمنية فلن يكون هناك رأي للحكومة العراقية، لأن الرفض من حكومة (الإطار) يعني حل (الحشد) من واشنطن بالقوة العسكرية”، مشيرًا إلى: “احتمالات كثيرة قد تدفع بحل (الحشد) والفصائل، فمن الممكن أن تفاوض إيران على الملف النووي في مقابل الموافقة على حل (الحشد) أو قد لا ترضخ للضغوط الأميركية ولن تعطي الضوء الأخضر لبغداد بحل (الحشد) أو دمجه”، واعتبر “الدوري” أنه: “في حال إصرار الجانب العراقي على عدم حل (الحشد) والفصائل فقد تفرض على العراق عقوبات اقتصادية مع توجيه ضربات جوية لمواقع الفصائل”.

عقلية الميليشيات أم عقلية الدولة ؟

وأشار مدير (مركز الإعلام العراقي) في واشنطن؛ “نزار حيدر”، إلى أن: “العراق يقف عند مفترق طرق، بين أن يتغلب عقل الدولة على عقل الميليشيات أو العكس”، مؤكدًا أن: “نجاح مشروع حل الفصائل يعتمد على ضرورة الضغط على قوى وزعامات (الإطار التنسيّقي) لإعلان موقف واضح وصريح لا لبس فيه ولا تأويل في تأييدها ودعمها للمشروع”، مضيفًا أن: “رئيس الوزراء؛ محمد شيّاع السوداني، ليس بإمكانه فعل شيء بهذا الصدّد إِذا لم تدعمه قوى وزعامات (الإِطار)، خصوصًا المستَّفيدة من سلاح الميليشيات في حماية الدولة العميقة”. ورأى: “ضرورة في توجيه الجهود السياسية والدبلوماسية نحو إقناع إيران بوجوب الكف عن التعامل مع الميليشيات، وتجاوز الدولة ووقف كل أنواع الدعم”.

الدستور العراقي..

وتساءل “نزار حيدر” عن السبب الذي يجعل الميليشيات تحتفظ بسلاحها خارج سلطة الدولة مع أن الدستور العراقي وقانون هيئة (الحشد الشعبي) رفعا الشرعية القانونية عن الميليشيات، وأضاف أن: “الدستور العراقي نص في المادة التاسعة على حظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة؛ ثم إن قانون (الحشد) نص في الأسباب الموجبة لتشريعه، أن مهمته حفظ السلاح بيد القوات المسلحة وتحت القانون وتعزيز هيبة الدولة”.

تفاوض لإيقاف النشاط العسكري فقط..

واستبعد مدير (مركز الإعلام العراقي) في “واشنطن”: “وجود حل في الأفق يُفضي إِلى حصّر سلاح الفصائل بيد الدولة ويُفكك تنظيماتها العسكرية لتسّريح عناصرها أو دمجهم بمؤسسات الدولة”، واعتبر أن: “الدولة عاجزة عن فعل أي شيء حقيقي على رغم أن الحكومة الحالية أدرجت ملف حصر السلاح بيد الدولة في برنامجها الحكومي؛ إلا أنها عاجزة، إما خوفًا أو تخادمًا، والنتيجة واحدة هي انتشار سلاح الميليشيات في البلاد وضعف الدولة ومؤسساتها الدستورية”. ورأى “حيدر”؛ أن: “الدولة قد تفاوض الفصائل لإيقاف نشاطها العسكري؛ وليس أكثر من ذلك، فما زالت “إيران” قادرة على توظيف هذه الفصائل في مشاريعها السياسية في المنطقة، فإِن إصبعها سيبقى على الزناد تحت الطلب”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة