سورية ما بعد “الأسد” والحذر الاستراتيجي الإماراتي (2)

سورية ما بعد “الأسد” والحذر الاستراتيجي الإماراتي (2)

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

تعهد الحاكم السوري الفعلي؛ “أحمد الشرع”، والمعروف باسم: “أبو محمد الجولاني”، بحل جميع الفصائل المسلحة، ودمجها في “وزارة الدفاع” السورية، سعيًا للقضاء على محاوف دول الخليج. بحسب الجزء الثاني من تحليل “موادا اسکندر”.

في حين أن هذه الخطوة؛ التي تهدف لكسّب دعم هذه الدول وتقليص العقوبات، تواجه عقبات كبيرة مثل: ازدياد عدد الفصائل المسلحة ذات المخططات المختلفة، والتحديات الكبرى؛ لا سيّما في الجنوب السوري.

عقبات في طريق تفكيك التنظيمات السورية المسلحة..

وأحد أبرز النماذج على ذلك (غرفة عمليات الجنوب)؛ وهو ائتلاف بقيادة؛ “أحمد العودة”، قائد الفيلق الثامن

وصاحب العلاقات القوية مع “الإمارات”. وكان “الشّرع” قد التقاه غير مرة، لكن لم تُكلل المباحثات بالنجاح حتى الآن.

وبحسّب التقارير؛ فقد طالب “العودة” بامتيازات وضمانات للمجموعة التي يقودها، وعرقل عملية الوصول إلى الوحدة تحت قيادة مركزية.

بالوقت نفسه؛ تتمتع “أبوظبي” بنفوذ كبير في “سورية” عبر تقديم الدعم المالي لـ”العودة”، وبناء علاقات مع؛ “خالد المحميد”، رجل الأعمال السوري المؤثر، لدرجة أن بعض المحللين، قال: “سوف تتمكن الإمارات عبر الاستفادة من هذه العلاقات”، فضلًا عن التأثير على المسّار السياسي السوري، من عرقلة المبادرات التي تتعارض مع رؤيتها في هذا البلد.

الاستياء الإماراتي من نظام حكم “سورية الجديدة”..

وبعكس الدول الأخرى؛ لم توفّد “الإمارات” وفدًا إلى “دمشق”، وكل من يُشاهد ما تبَّثه وسائل الإعلام الإماراتية، سوف يرى الاستياء الإماراتي من فكرة التعايش مع تيار الإسلام السياسي في “سورية؛ إذ لا تتمتع “الإمارات” بالمرونة التي أبدتها “الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية”؛ بشأن قبول النظام السوري الجديد، وأعلنت بشكلٍ صريح موقفها المخالف لذلك.

وعليه؛ يبدو أن “الإمارات” تنتظر عودة؛ “دونالد ترمب”، لـ”البيت الأبيض”، وبذّل جهوده للحد من نفوذ (تحرير الشام)؛ تلك الاستراتيجية التي تتناغم وموقف الجمهوريين، نظرًا لعدم رغبة هذا الحزب في الاعتراف بالقيادة السورية الجديدة.

الموقف المصري يعتمد على الموقف السعودي..

ووفق التقارير؛ تعتنّق “مصر” نفس الموقف، لكن إقناع “السعودية” بدعم مسّاعي إضعاف نفوذ الإسلام السياسي في “سورية” ليس سهلًا.

المستقبل..

لدول الخليج؛ من المنظور التاريخي، مخاوف عميقة إزاء صعود حركات الإسلام السياسي؛ حيث تتخوف من تداعيات ظهور هذه الحركات على استقرار هذه الدول.

وفي هذا الإطار؛ من المبكر أن نُعلن بثقة تقدم مسّار الانتقال السياسي السوري بما يتناغم ومصالح دول الخليج. وتتسبب التناقضات الواضحة بين المواقف الداخلية في “سورية” وأولويات الخليج الخارجية، في تحديات لعملية الحكم في هذا البلد.

وعندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع تيار الإسلام السياسي، يختلف نهج “الإمارات العربية المتحدة” عن “المملكة العربية السعودية”، بما لديها من خبرة في استخدام الحركات الإسلامية السياسية، ولا ترى في استضافتهم خطورة بعكس “الإمارات”.

وما حدث في “سورية” مؤشر على هذا النهج؛ ففي الوقت الذي لعبت فيه “الإمارات” دورًا قياديًا في دعم “خليفة حفتر”؛ قائد الجيش الليبي المتواجد في “طبرق”، في مواجهة فصائل الإسلام السياسي المدعومة من النظام التركي، أبدت “السعودية” أهتمامًا أقل بهذه المسألة.

وتكرر الأمر نفسه في “اليمن”، ففي الوقت الذي تعاونت فيه “السعودية” مع فرع من (جماعة الإخوان المسلمين)، في حين شنّت “الإمارات” حربًا ضدهم من خلال “قوات المجلس الانتقالي الجنوبي”. وامتد هذا الاختلاف أيضًا إلى “الصومال”، حيث اتبعت القوتان الخليجيتان سياسات متعارضة تجاه تيار الإسلام السياسي.

كذلك؛ فإن شخصيات مثل؛ “أحمد العودة”، قد تلعب بدعم “إماراتي-مصري”، دورًا أساسيًا في بلورة المستقبل السوري، وهذا الأمر يقّوي مكانة “أبوظبي” باعتبارها طرف مؤثر ورئيس على صعيد الجيوسياسة السورية، ويُقدمها كموازن في مواجهة الطموحات التركية والقطرية في المنطقة.

كذلك تُمثّل “سورية” بوابة حيوية للعالم العربي ورابطًا تجاريًا مع الخليج. ومن المحتمل أن تستخدم “أبوظبي” منطقة “درعا” كأداة للمسّاومة، وعلاقاتها مع “العودة” لكسّب نقاط اقتصادية وأمنية، بهدف تأمين درجة من المشاركة السياسية تتناغم ومصالحها، والضغط في الوقت نفسه على “دمشق”، وهو نهج يُهدّد بتعطيل العملية السياسية الهشة وإغراق “سورية” في مزيد من عدم الاستقرار.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة