أكاذيب في متغيرات السياسة الجديدة عربياً وعالميا

أكاذيب في متغيرات السياسة الجديدة عربياً وعالميا

مع العام الجديد حصلت متغيرات جديدة في مقاليد الحكم عربياً ودوليا، هي في مجملها أقرب الى النكسات على الصعيد العربي وأهمها نكسات المقاومة اللبنانية والفلسطينية وتغير الحكم في سوريا أمام مسلحين كانوا يوصَمون بالإرهاب حتى وقت قريب ليكتسحوا سورية في أيام معدودات ويستولوا على مقاليد الحكم في عموم سوريا ماتسبب في صدمة ما زالت آثارها حتى الساعة..وقد تفاجأ هؤلاء المسلحون أنفسهم بسرعة وصولهم للحكم وانسحاب إيران والروس أهم حلفاء نظام الأسد مما تسبب بما يشبه سونامي، الأمر الذي كشف عن أيد أقليمية داعمة لهؤلاء المسلحين وأهمها تركيا أولا والولايات المتحدة وحتى إسرائيل التي لم تُخفِ إرتياحها عن تقلص الدور الإيراني الداعم للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية؛ وكذلك الإدارة الأمريكية الداعمة لقسد بقوة ما جعل سوريا أمام تجاذب وتنافس كبير بين تركيا والولايات المتحدة مما يضع وحدة التراب السوري على المحك!..

ولكون القوى المسلحة بقيادة أبو محمد الجولاني الذي عرف عنه كإرهابي عريق نفّذ عدة عمليات إرهابية في العراق والذي اعتقل أيضا في العراق واختلط بعتاة الإرهابيين في السجن ليتصلب عوده ويصبح قائداً منشقاً عن القاعدة وسيحتل إدلب بدعم من عدة جهات أهمها تركيا التي وجدت فيه متراسا ضد قسد الكردية وضد حزب العمال الكردستاني، ما مكنه من التحالف مع قوى إرهابية وجدت في نفسها القوة لإسقاط نظام الأسد الذي غدا في أواخر أيامه كريشة في مهب الريح، لهذ حاول الجولاني أن يبشر بتغير في مخططه الإصلاحي وبدا مقتربا من العلمانية وركز على سوريا وضمان حقوق كل المكونات الدينية والقومية وسعية الى سوريا الحرية،واحترام حقوق الإنسان، ويكشف عن اسمه الحقيق أحمد الشرع ليساعده في نزع ثوب الإرهاب المتمثل باسمه الحركي الذي اشتهر به “أبو محمد الجولاني”! أما عن إسرائيل المحتلة للجولان السوري بل أخذت تقدم بعمق مع معداتها أمام مرأى العالم، فلم يأت على ذكرها الجولاني الذي ينتسب إليهاقط، مما أثبت كذبة وحدة سوريا شعبا وأرضا.!!

هل أحمد الشرع جاد في بناء تحالف سياسي يمثل جميع الاتجاهات والأحزاب السياسية التي عارضت النظام السابق والتي مكنها بناء سوريا سياسياً واقتصاديا وبناء جيش يضمن وصون سوريا براً وبحراً وجوا؟ لوكان الأمر كذلك لدعا الى حوار وطني شامل للمرحلة الانتقالية التي تمهد لانتخابات سياسية وقادرة على تعزيز الاستقلال السياسي والاقتصادي، وهذا لم يحدث إنما اتخذ قراراً فرديا لمنح الجنسية للعناصر مسلحة (ستون) من آسيا وبلدان بعيدة عن سوريا لغة وثقافة لا لشيء سوى أنهم عناصر مسلحة متشددة دينيا وعنيفة في تصرفاتها، فهي  تستطيع أن تساهم في نقاط تفتيش وتنزل الشباب من السيارات ولاكتفي بالبطاقات الشخصية،وأنما تسأل عن الدين والمذهب وتطلب من المسيحيين ترديد الشهادتين فإن أبوا أوسعوهم ضرباً لأنهم “مشركون” أو كفار!.. يقومون بدوريات على طريقة “الحسبة” ويقبضون على من يبدو بملابس عصرية وإذلالهم وتصويرهم وهم يقومون بحلق رؤوسهم عنوة كما حصل لمراهقين اثنين بدعوى التحرش بالنساء! وكان أغرب مشهد هو قيام مسحلين(يتنكبون أسلحتهم) بانتهاك الحرم الجامعي وإخراج استاذ من قاعة الدرس أمام طلبته واقتياده بفظاظة من قبل المسلحين إلى مكان مجهول، مما شكل سابقة خطيرة!! أما محاولة تجنيد عناصر معروفة لديهم لأجل أدخالهم في دورات عسكريةومنحهم رتباً دون غيرهم فلا شك أنهم مستوفون الشروط من الدين والمذهب والولاء! أما ملاحقة الشباب العلويين وضربهم أمام الناس باعتبارهم من أزلام النظام السابق أو كونهم شبيحة فقد أصبح أمراً مألوفاً في مدن الساحل مثل اللاذقية وطرطوس ويتعداه الى حمص وحماة ..غدا ممارسة يومية إضافة الى ظاهرة تخويف ومساءلة النساء السافرات!

وتبقى هناك بارقة أمل في لبنان من خلال البرنامج الذي طرحه رئيس الجمهورية المنتخب برلمانيا جوزيف عون في خطاب الترسيم الذي كان يصلح برنامج عمل يعوَّل عليه، وكذلك خطاب رئيس الوزراء المكلف لتكوين وزارة تكنوقراط يمكنها أن تقوم ببناء ما دمّره العدوان في ظروف سلام وتنمية كفيلة بتعزيز استقلالية لبنان سياسياً واقتصاديا لتلافي كل سلبيات الفساد الذي كان ينخر بجسد لبنان -بما في ذلك تجارة المخدرات وإعادة ازدهار السياحة باعتماده على نفسه أولا وبالمساعدات غير المشروطة للأشقاء العرب!

ولا شك أن متغيرات أي بلد في المنطقة ستؤثر بالضرورة على بقية البلد، وهنا تبدو أن الهدنة مع إسرائيل في غزة تنطوي على أهمية استثنائية من أجل إعادة بناء غزة، وتوفير أماكن إيواء مناسبة ريثما يتم رفع الأنقاض وأعادة بناء ما دمّره العدوان الإسرائيلي تحت مراقبة الأمم المتحدة فإسرائيل ما زالت تتحين الفرص وبشتى الذرائع لمواصلة عدوانها، وهي إذ أرجأت عدوانها على غزة نقلت العدوان الى الضفة الغربية وتحديداً جنين فهي تنوي تكرار مافعلته بغزة مع فارق أن القوات الأمنية للسلطة الفلسطينية أصبحت من خلال تعاملها مع أبناء الضفة وخاصة جنين والخليل تقدم عونا لإسرائيلطامحة أن تنال دعم اسرائيل لتكون هي الحاكمة لغزة بدلا من حماس! والدليل محاولتها لكبح جماح أبناء شعبها وإطفاء وهج الانتفاضة الشعبية،وتعدى الأمر بتقييد الإعلاميين ومراسلي الجزيرة كما حصل مع جيفارا البديري واليوم تم القبض على مراسل الجزيرة محمد الأطرش من قبل القوات الفلسطينية وإحالته الى محكمة الخليل وهذه الممارسات تعتبر سابقة خطيرة ولم تعملها القوات الإسرائيلية رغم استهدافها للإعلاميين الفلسطينيين!

ومجيء ترمب الى السلطة وخطابه الرئاسي المفعم بالتبجح والكذب والوعيد لدول عريقة ذات ثقل مثل ضم الجارة كندا وكذلك ضم كرينلاند أو شرائها، وكذلك ضم بناما تكشف عن شخصية متهورة بعيدة عن الحكمة، فهو لم يتعظ من دروس التاريخ وبدأت أكاذيبه تظهر شاخصة، منها أنه سيوقف الحرب الروسية الأوكرانية خلال أربع وعشرين ساعة!!! وها هي تمر الأيام ولم يحرك ساكناً!ومن كذباته أنه هو السبب في الهدنة بين إسرائيل وحماس، بينما الجهود الكبيرة كانت لقطر ومصر وبايدن ولا دخل لترمب بها. أما حول مراقبة الحدود مع المكسيك فتتطلب جهداً كبيرا لسد الفتحات التي فرضتها التضاريس ونشر القوات المسلحة سيكلف مبالغ كبيرة.. وعن مزاعم ضم كندا وغرين لاند وبنما فهي نفخ في الرماد لا طائل من ورائه!

أحدث المقالات

أحدث المقالات