سوريا ما بعد “الأسد” والحذر الاستراتيجي الإماراتي (1)

سوريا ما بعد “الأسد” والحذر الاستراتيجي الإماراتي (1)

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

بعد جهود إعادة “بشار الأسد”؛ تردّدت “الإمارات”، في قبول الحكومة السورية الجديدة بهدف إحتواء صعود تيار الإسلام السياسي، وفرض نفوذها على التحالفات الإقليمية، والمحافظة على مصالحها في “منطقة الشام”. بحسّب تحليل “موادا اسکندر”.

وبينما تسّرعت دول الخليج وغيرها من الدول العربية في الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة، تجنبت “الإمارات” التطبيع الكامل مع “دمشق”، ولم تكن تلك الاستراتيجية عشوائية أو رد فعل، وإنما تقيّيم للجوانب المختلفة بغرض المحافظة على المصالح والأمن الإماراتي.

ذلك أن “أبوظبي” تعلم جيدًا التحديات السورية، تلك التحديات التي قد تُهدّد موازنة القوة التي تُريد “الإمارات” المحافظة عليها.

رد فعل محسّوب..

بالماضي؛ حين سيطرت المعارضة السورية على السلطة، سارعت دول الخليج إلى التعامل مع القيادة السورية الجديدة، وأصدرت البيانات التي تُعلن الاعتراف الرسمي باختيار الشعب السوري.

لكن بالنسبة إلى هذه الدول، فالتناغم مع إنهيار الحكومة المفاجيء كان ضروري بهدف المحافظة على نفوذها بـ”سورية”.

وكانت “الإمارات” أول عاصمة عربية تقطع العلاقات مع “سورية” عقب اندلاع الحرب الأهلية، وحاولت التقرب من انقلاب كانون أول/ديسمبر، بضبط النفس.

وشدّدت “الإمارات” في بيان رسمي؛ عشية سقوط “دمشق”، على أهمية الحفاظ على الحكومة الوطنية ومؤسساتها والحيلولة دون أي سقوط قد يُفضي إلى الفوضى. وتكررت هذه المخاوف في اجتماع “الرياض” حول “سورية”؛ حيث شدّد وزير الخارجية الإماراتي؛ “عبدالله بن زايد”، على أهمية الحفاظ على الوحدة السورية، ومكافحة التطرف، والاحتكار السياسي.

بدوره؛ أكد “أنور قرقاش”، مستشار “محمد بن زايد” الدبلوماسي، على تحوط “الإمارات”، وحذر بوضوح من مخاطر الفصائل الإرهابية التي تُسيّطر على السلطة حاليًا في “سورية”، ووصف فصائل مثل (تحرير الشام) المدَّرجة على قائمة المنظمات الإرهابية لـ”الأمم المتحدة”، وقوات المعارضة في السلطة السورية الجديدة وسوابق علاقاتها مع “جماعة الإخوان المسلمين” و(القاعدة)، بالخطر الدائم على الاستقرار السوري.

أول لقاء مثُير للجدل..

رُغم الملاحظات؛ لم تُغلق “الإمارات” باب الحوار مع القيادة السورية الجديدة تمامًا؛ حيث التقى “عبدالله بن زايد”؛ وزير الخارجية الإماراتي، نظيره السوري؛ “أسعد الشيباني”، بعد فترة وجيزة من تعييّنه في منصب وزير الخارجية السوري، وبحث الطرفان مجالات التعاون الثنائي.

وبلغت هذه المباحثات ذورتها بسفر “الشيباني” إلى “الإمارات”، مطلع الشهر الجاري، في زيارة رسمية هي الأولى، بعد أسبوع على زيارة مشابهة إلى “المملكة العربية السعودية”. تلك الزيارة التي تحولت سريعًا إلى موضوع للجدل؛ حيث سلط النقاد الضوء على تجاهل وضع العلم السوري الجديد خلال اللقاء، واعتبروه إهمال متعمد للوزير السوري، كما لفتت ملابس وزير الخارجية الإماراتي وارتداء حذاء رياضي خلال مراسم الاستقبال الرسمي انتباه الكثيرين.

تلك التفاصيل تسببت في نقاشات واسعة النطاق حتى أن الكثيرين تسألوا عن هدف “الإمارات” من هذه الإجراءات، وطبيعة علاقاتها مع الحكومة السورية الجديدة.

وقارن المراقبون بين هذه الزيارة وزيارة رئيس “أبوظبي” السابق عام 2023م؛ حيث تم الترحيب بـ “الأسد” على المستوى الحكومي.

تأثير الفعل أوقع من الكلام..

يتضح تشاؤم “الإمارات” من الحكومة السورية الجديدة عبر مجموعة من المواقف التي عكست تردد “الإمارات” في التعامل الكامل مع “دمشق”، أولها: تعليق الرحلات الجوية بين البلدين بشكلٍ مفاجيء دون إصدار أي توضيحات رسمية حول الأسباب، بعد يوم واحد من إعلان شركة طيران (أجنحة الشام) تسيّير رحلات يومية بين “دمشق” و”الشارقة”، مع خطة لإضافة وجهات جديدة تدريجيًا.

كذلك طلبت “منظمة الطيران الإماراتية” إلى المسؤولين السوريين، الحصول على تصريح جديد بعد الفحص الشامل للمطارات.

في الوقت نفسه؛ أدرجت “الإمارات” عدد: (19) شخص وكيان على قوائمها الإرهابية، في رسالة واضحة عن سياسات “أبوظبي” الصارمة تجاه تيار الإسلام السياسي، والمعارضة الكبيرة للحركات السياسية التي تُمثل خطرًا على الأمن الإماراتي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة