يا ضرغامُ() كُنّا في زمانِك،
إمّا صامتينَ
أو مهرِّجينَ
أو توفيقيينَ
ثمّ بعدما هربْنا أطلقوا عليْنا():
مُرْتدِّينَ
باحثينَ عنِ العملِ
أو مُتأرجِحينَ
إلاّ أنتَ ابنَ الاعظمية المبتلاة الذي أمسَكَ بصوتِهِ عالياً
أمسَكَ برأسِهِ عارفاً
أنَّ الدفاعَ عنِ الحقِّ هوَ اغتصابٌ للوطنِ
والحكوماتِ في بُلدانِنا المريضةِ
دافَعَ بأعْلى صوتٍ للرّأيِ عنْ أهلِ الجنوبِ
بأعلى صوتٍ فيما كانتْ أصواتُنا متخاذِلةً
قلِقةً
خائِفةً
بعدما اختزلَتْ فوْضَى القادمينَ من خلفِ الحدودِ
انتفاضةَ جيشِ العراقِ المنسحبِ منَ الكويتِ
فلماذا حدثَ كُلُّ الذي حدثَ؟
كُنّا نسألُ بصمتٍ
لكنَّ مقالاتِ جريدةِ الثورةِ كانتْ تُجيبُ هذا السؤالَ
السؤالَ المسمومَ
بصوتٍ غريبٍ على عراقيّتِنَا
صمْتَنا… نعمْ
ومَنْ يدّعي غيرَ ذلِكَ كاذبٌ
منتحلٌ دورَ الأبطالِ في زورِ التاريخِ
وما أكثرَهُمْ يا شهيدَ الحرّيةِ يا مدافعاً عنْ شعبِكَ
وما هَمُّكَ إن كانوا شيعةَ الجنوبِ أوْ غيرَهُمْ
كنتَ عراقياً صرفاً لا تقبلُ القسمةَ على الطوائفِ
يا مَنْ يُسمُّونَ أهلَكَ اليومَ بأهلِ الغربيةِ()
ويتندَّرُونَ عليهمْ بالمادةِ ٤ إرهاب()
يا ضرغامُ
نتذكّرُ يومَ غضبْتَ
فكيفَ يصفُ كائناً مَنْ كانَ أهلَ الجنوبِ بالطارئينَ
القادمينَ منَ الهندِ خاصةً وأنّنا أكثرُ الشعوبِ عنصريةً بالنظرِ إلى شعبِ الهندِ العظيمِ
كائناً مَنْ يكونُ
وصدّقت أنّ عراقَ ما بعد ١٩٩١ هو عراقُ جريدةِ بابل
ديموقراطيّتُها التي أطاحتْ بالكثيرينَ
وأكلْتَ الطُّعْمَ يا صديقي
فبعدما صفّقوا لكَ
يشتِمُكَ الكاتبُ الافتراضي للمقالاتِ المريبةِ عنْ أهلِكَ الجنوبيينَ
عبد الجبار محسن
الذي سُرعانَ ما بدَّلَ اسمَه به ٢٠٠٣ ليكونَ اللامِي معلناً براءتَهُ ممّا نُسِبَ إليهِ
ووجدَك أنتَ
كتبْتَ
غضبْتَ فالتفّوا عليكَ في أقلِّ من ٢٤ ساعة
بكاريكاتور ساخرٍ
أرادوا تصويرَكَ قزماً يخزّ بإبرةٍ.
هي رأيكَ لا غيرَ قدّم العملاقُ هرقل الكاتبَ الافتراضيَّ الذي لبِسَ قناعَ الرئيسِ معلناً غضبَهُ على مَنْ شاركَ بانتفاضةِ عام ١٩٩١.
أتذكّرُ وجهَكَ الأسمرَ
أتذكّرُهُ يومَ قدِمْتَ لوَداعِنا بشكلٍ مفاجئٍ
في بيتِنا جريدةِ الجمهوريةِ
أتذكّرُ وجهَكَ وقدْ بَدا مودّعاً
صاعداً سلَّمَ الحياةِ هاتفاً بالموتِ:
«بعد متسوه طاح حظّ الصحافة»
مضَيْتَ إلى أمِّكَ الافتراضيةِ
البطلةِ في زمانٍ عقيمٍ بإنجابِ الأبطالِ بعدَ حسن مطلَك
حتّى ولَوْ بالوكالةِ
لكنّها وباسمها الصريحِ
نرمين المفتي() الوحيدةُ التي وقفَتْ وصرخَتْ مطالبةً إيّانا
بحملةِ البحثِ والسؤالِ عنْكَ
مجرَّدَ توقيعٍ لا أكثرَ ولا أقلّ
لِفَكِّ لغزِ اختفائِك يا زميلَنا المغدورَ
نحنُ الصحفيينَ
نحنُ الكتَّابَ
مجرَّدَ التوقيعِ أخافَنا
أرعبَنا فكيْفَ نجرُؤُ على سؤالِ ابنِ الرئيسِ
في زمنٍ عليْنا أنْ نُجيبَ الأسئلةَ لا غيرَ
وأنْ نأخُذَ هذا الدورَ حتّى لوْ مكّنّا المقصلةَ مِن أحبِّ النّاسِ إليْنا
كما كانَ الأطفالُ بِبَراءَتِهمْ يفعلونَ
حينما يسلُبُهمْ طفولَتَهمْ رجالُ الأمنِ أو بمزاحٍ افتراضيّ للرئيسِ
اختفيْتَ ابتلعتْكَ عتبةُ وزارةِ الثقافةِ والإعلامِ
مجلسُ محافظةِ بغدادَ الشاهدةِ على غدرِهمْ
غدَروا بوَعْدِهمْ
غدَرُوا بالحرّيةِ التي كانُوا يَزْنونَ بها علَناً
واختفتْ
هِيَ في ظلمِ ظالميكَ
واختفيتَ أنتَ
ونحنُ وأهلُ بيتِكَ تتقدّمُنا ابنةُ كركوك
ما زلْنا نفتّشُ في عصر ديمقراطيّتنا الأمريكيةِ
عنِ الحرّيةِ المغتصبةِ في كُلِّ الأزمانِ،
التي اختفيتَ منْ أجلها،
لنستعيدَكَ ولوْ حلماً بعراقٍ لا يقبلُ القسمةَ مثلَ قلبِكَ على طائفتين.