خاص: قراءة- سماح عادل
حكي الكتاب عن الإلياذة وكيف صورت حصار طراودة. وذلك في الحلقة السادسة بعد المائة وثمانين من قراءة “قصة الحضارة” الكتاب الموسوعي الضخم وهو من تأليف المؤرخ الأمريكي “ويل ديورانت” وزوجته “أريل ديورانت”، ويتكون من أحد عشر جزء.
الإلياذة..
يحكي الكتاب عن الالياذة: نرى اليونان في مستهل القصيدة وقد قضوا في حصار طروادة تسع سنين دون أن يظفروا بها، وقد غلبهم اليأس والحنين إلى الوطن، وفتك بهم المرض. وقد وقفوا طويلا عند أوليس لأن المرض وسكون الريح في البحر قد حالا بينهم وبين مواصلة السير، وأثار أجممنون غضب كلتمنسترا، وهيأ السبيل لسوء مصيره بأن ضحى بابنتهما إفجينيا لكي تهب الريح. وكان اليونان قد وقفوا في أماكن متفرقة في طريقهم ليأخذوا حاجتهم من الطعام والسراري، فأخذ أجممنون الحسناء كريسيس وأخذ أكليز بريسيس البارعة الجمال. ثم يقول عراف إن أبلو يمنع النصر عن اليونان لأن أجممنون قد اعتدى على عفاف ابنة كاهنه كريسز.
فيرد أجممنون كريسيس لأبيها ولكنه يواسي نفسه ويخلق في القصة موقفا مثيرا بأن يرغم بريسيس على أن تفارق أكليز وتحل محل كريسيس في الخيمة الملكية. ويدعو أكليز الجمعية العامة إلى الانعقاد، ويشكو إليها أجممنون وهو غاضب ثائر، وينطبق بأول كلمة في الإلياذة ويثير الموضوع الذي يتردد فيها مرارا وتكرارا، ويقسم أنه لن يمد هو أو جنوده يدا لمساعدة اليونان. ثم ننتقل بعدئذ إلى استعراض سفن الجيوش المتجمعة وقبائلهم، ثم نشاهد منلوس المتعجرف يبارز باريس مبارزة يراد بها وضع حد للقتال؛ ويتهادن الجيشان مهادنة المتحفزين، ويشترك بريام مع أجممنون في تقديم القربان إلى الآلهة.
ويظفر منلوس بباريس ولكن أفرديتي تنقذه وتختطفه في سحابة ثم تلقيه على فراش زوجته بعد أن تعطره وتمسحه بالمساحيق الربانية. وتأمره هلن أن يعود إلى القتال ولكنه يعرض عليها بدلا من هذا أن “يصرفا الوقت في الفراش”. وتتغلب على هلن شهوتها فتجيبه إلى طلبه، ويعلن أجممنون انتصار منلوس، ويلوح أن الحرب قد وضعت أوزارها، ولكن الآلهة تعقد مجلساً على جبل أولمبس للتشاور في الأمر كما يتشاور البشر، وتقرر أنها في حاجة إلى أن يسفك فوق ما سفك من الدماء”.
السلام..
ويواصل الكتاب عن تلك القصيدة الشهيرة: “ويقترع زيوس لمصلحة السلم ولكنه يسحب صوته وينقلب مرتاعا حين توجه زوجته هيرا خطابها إليه، وتقترح أن تسمح لزيوس بأن يدك ميسيني وأرجوس وإسبارطة دكا إذا وافق على تدمير طروادة. ويبدأ القتال من جديد ويهلك عدد كثير من الرجال تمزق أجسامهم السهام أو الحراب أو السيوف “ويخيم الظلام على أعينهم”.
وتشترك الآلهة في هذه اللعبة المرحة لعبة التقتيل والتقطيع، فتنفذ حربة ديوميد في جسم أريس إله الحرب الرهيب، ويصيح صيحة كأنها صادرة من تسعة آلاف رجل”، ويسرع إلى زيوس ليبثه شكواه. وتعقب ذلك فترة يودع فيها هكتر البطل الطروادي زوجته أندرمكا وداعا حارا قبل عودته إلى القتال. وتخاطبه بصوت رقيق قائلة: “حبيبي، إن بسالتك ستؤدي إلى هلاكك؛ إنك لا ترحم طفلك ولا ترحمني، أنا التي سأكون عما قريب أرملة، لقد قتل أبي وأمي وإخوتي جميعاً، ولكنك أنت يا هكتر أبي وأمي، وأنت زوج شبابي، فأشفق علي إذن وأقم هنا في البرج”. فيرد عليها بقوله: “إني أعلم حق العلم أن مآل طروادة هو السقوط، وأرى بعين الخيال أحزان إخواني وأحزان الملك؛ غير أني لا أحزن من أجلهم؛ أما الذي يكاد يزلزل كياني فهو أن أراك أسيرة رقيقة في أرجوس؛ ولكني مع هذا لن أحجم عن القتال”.
ويصرخ ابنه الطفل أستياناكس، الذي قدر له أن يلقيه اليونان المنتصرون من فوق أسوار المدينة بعد قليل فيسقط على الأرض جثة هامدة، يصرخ مرتاعاً حين يبصر الريش يتماوج في خوذة أبيه. فيرفع البطل خوذته حتى يستطيع أن يضحك، ويبكي ويصلي للطفل الحائر المندهش. ثم يتخذ طريقه إلى المعركة. ويبارز أجاكس ملك سلاميس. ويستميت البطلان في القتال ثم يفترقان في المساء بعد أن يتبادلا الثناء والهدايا. يالها من زهرة مجاملة تسبح في بحر من الدماء. وبعد أن يقضي الطرواديون يوما كاملا ينتقلون فيه من نصر إلى نصر يأمر هكتر المحاربين بالكف عن القتال ليستريحوا.
هكذا خطب فيهم هكتر؛ وحياه الطرواديون بأعلى أصواتهم وصفقوا له بأكفهم. ثم رفعوا النير عن جيادهم الحربية والعرق يتصبب من أجسامها وعقل كل منهم جواديه بالسيور بجوار عربته، وجاء من المدينة بالثيران والضأن السمين؛ وقدم هكتر لهم النبيذ وهو يخاطبهم بأعذب الألفاظ وأرقها..
وجاءهم بالحب من البيوت، وجمع الرجال وقود النار، وحمل الهواء الرائحة الذكية من السهل إلى السماء، وسهر من كانوا على جانبي الميدان الليل الطويل يملأ الأمل صدورهم، وأوقدوا نار المراقبة، وعلا لهب النيران الكثيرة التي أوقدها الطرواديون مروضو الخيول بجوار إلْيوم بين السفن السود ونهر زنثوس، وتلألأت تلألؤ النجوم حول آية الليل، فكان منظرا من أعجب المناظر، وسكنت الريح، ولاحت قمم الجبال والرؤوس، وظهرت الخلوات التي بين الجبال، وبدت السماء الواسعة ذات الجلال، وتلألأت نجومها التي يخطئها الحصر على قلب الراعي الذي أضناه النصب. وفي هذه الأثناء كانت خيل القتال المتعبة تلوك القمح والشعير الأبيض بالقرب من مركباتها تنتظر مقدم الفجر فوق عرشه الجميل”.
بريسيس..
ويضيف الكتاب: “ويشير نسطور ملك ببلوس الإيلية على أجممنون أن يرد بريسيس إلى أكليز، ويجيبه أجممنون إلى طلبه، ويعد أكليز بأن يعطيه نصف بلاد اليونان إذا انضم مرة أخرى إلى المحاصرين، ولكن أكليز يظل غاضباً. ويفاجئ أديسيوس وديوميد معسكر الطرواديين بهجمة في أثناء الليل يقتلان فيها اثني عشر من رؤساء العشائر. ويقود أجممنون جنده ويستبسل في القتال ويُجرح ثم ينسحب من الميدان. ويلتف الأعداء حول أوديسيوس فيقاتلهم قتال الأسود، ويشق له أجاكس ومنلوس الطريق وينجيانه ليقاسي فيما بعد حياة مريرة ويتقدم الطرواديون إلى الأسوار التي أقامها اليونان حول معسكرهم. فتنزعج هيرا وتصمم على إنقاذ اليونان، فتدهن بالزيت وتتعطر وتلبس أفخر الثياب، وتتمنطق بمنطقة أفرديتي المقوية؛ وتغوي زيوس فيضاجعها، ويعمد بوسيدن في هذه الأثناء إلى مساعدة اليونان على طرد الطرواديين. وتظل الحرب سجالا فيصل الطرواديون إلى سفن اليونان، وهنا تصل حماسة الشاعر ذروتها وهو يقص علينا كيف كان اليونان يحاربون مستيئسين وهم يتراجعون تراجعاً سيؤدي بهم إلى الهلاك.
ويقنع بتركلوس حبيب أكليز هذا البطل فيسمح له بأن يقود جنوده لمحاربة طروادة، ويقتله هكتر بيده. ويحارب أجاكس حرباً شديدة فوق جثة الشاب القتيل. ويسمع أكليز بموت بتركلوس فيصمم آخر الأمر على القتال، وتقنع أمه الإلهة ثيتيس الحداد الإلهي هفستوس بأن يصنع له أسلحة جديدة ودرعاً سابغة ضخمة. ويتصالح أكليز مع أجممنون، ويقاتل إينياس ويوشك أن يقتله لولا أن بوسيدن ينقذه ليتخذ منه فرجيل موضوعاً لشعره. ويقتل أكليز عددا كبيرا من الطرواديين ويقذف بهم إلى الجحيم مودعين بخطب يتحدث فيها عن نسبهم”.
قتال الآلهة..
وعن قتال الآلهة يكمل الكتاب: “وتواصل الآلهة القتال: فتقذف أثينة أريس بحجر يطرحه أرضا وتحاول أفرديتي وهي في زي جندي أن تنقذه، فتضربها أثينة ضربة على صدرها الجميل تلقيها على الأرض. وتصفع هيرا أرتميس على أذنيها، أما بوسيدين وأبلو فيكتفيان بحرب الألفاظ. ويولي الطرواديون الأدبار من أكليز عدا هكتر وحده؛ ويشير بريام وهكيبا على هكتر أن يبقى وراء أسوار المدينة ولكنه يرفض مشورتهما، حتى إذا تقدم أكليز نحوه ولي الأدبار فجأة؛ ويطارده أكليز حول أسوار طروادة ويطوف بها ثلاث مرات؛ ثم يقف هكتر ليلاقي عدوه فيخر صريعاً.
وفي ختام هذه المسرحية تحرق جثة بتركلوس بالمراسم الفخمة؛ ويضحي أكليز من أجله بعدد كبير من الماشية، وباثني عشر من أسرى الطرواديين وبشعره هو الطويل. ويقيم اليونان الألعاب تكريماً له و يجر أكليز جثة هكتر خلف مركبته ثلاث مرات حول كومة الحريق. ويقبل بريام بموكبه وحزنه يرجو أن يسمح له بجثة ولده، ويرق قلب أكليز له، ويرضى بعقد هدنة تدوم اثنى عشر يوماً، ويسمح للملك الشيخ بأن يأخذ جثة ولده بعد تطهيرها ودهنها بالزيت، ويعود بها إلى طروادة.