غياب الفأل في الخطاب السياسي العربي

غياب الفأل في الخطاب السياسي العربي

الفأل في الخطاب السياسي العربي يمثل عنصرا مهما في تشكيل الرؤى والأفكار قديما وحديثا. اذ يعبر الفأل عن التشبث بالأمل في تحقيق توجهات مستقبلية مبنية على ارهاصات وصيغ اسطورية،غالبًا ما يستخدمها السياسيون لرفع معنويات الجماهير.يحمل الفأل رموزًا معينة تعني دلالات ثقافية أو تاريخية، تعزز من تأثير الخطاب السياسي،كذلك يختلط الفأل في الخطاب السياسي مع القص التاريخي الذي يعزز الهوية والانتماء، مثل الحكايات عن النضال والتحرر.يُستخدم الفأل لخلق حالة من الحماس والتحفيز لدى الجماهير، اذ يتم سرد التجارب ومواقف تثير العواطف يمكن ان تساعد في بناء دلالات ومعاني معينة لدى الجمهور، مما يسهم في تشكيل الرأي العام.كثيرا ما يمزج السياسيون بين الفأل والواقع لخلق تأثير نفسي قوي، يسعون لتحفيز الجماهير من خلال تقديم رؤية مستقبلية مشوقة بشكل خيالي .تتجلى أهمية الفأل في الخطاب السياسي العربي في قدرته على تشكيل رؤى جماعية والتأثير على مسارات سياسية واقتصادية. لكن اغفال دور السياق الثقافي والتاريخي في فهم تأثير الفأل في الخطاب السياسي يعد امرا كارثيا ، حيث يؤثر السياق الثقافي والتاريخي على كيفية تلقي الرسائل السياسية وتفسيرها من قبل الجماهير، كون الثقافات حالة متغيرة وتحمل رموزًا ومعاني خاصة تؤثر في كيفية فهم الفأل في سياق تاريخي محدد . قد تكون بعض الرموز محملة بدلالات تاريخية أو دينية تعزز من قوة الخطاب في سياق تاريخي محدد أو قد لا تكون، اذ يستند الفأل إلى تجارب تاريخية معينة، مثل الحروب والنضالات. لذا، فإن السياق التاريخي يؤثر في كيفية تفاعل الجماهير مع هذه الرسائل .التغيرات الاجتماعية والسياسية تؤثرايضا في كيفية تشكيل  الفأل داخل السرد، حيث يمكن أن تعكس هموم الناس واهتماماتهم. تختلف اللغة والأسلوب المستخدمان في الخطاب السياسي بناءً على السياق الثقافي والتاريخي، مما يؤثر على فعالية الفأل والسرد. السياق الثقافي يحدد كيفية تفاعل الجماهير مع الفأل والسرد، حيث يمكن أن تكون الاستجابة عاطفية أو عقلانية ،كما يمكن أن يعزز السياق الثقافي من الشعور بالانتماء، مما يجعل الرسائل السياسية أكثر تأثيرًا. يعتبر السياق الثقافي عنصرًا أساسيًا لفهم تأثير الفأل في الخطاب السياسي وذلك من خلال التفاعل بين الثقافة والسياسة، ويمكن للخطاب أن يؤثر بشكل عميق على الرأي العام والسلوك الاجتماعي.
العلاقة بين السرد والفأل
يمكن أن يُستخدم الفأل داخل السرد لإضافة عمق نفسي للاحداث. على سبيل المثال، يمكن أن يتضمن النص إشارات إلى أحداث أو رموز تُعبر عن الأمل والتفاؤل في توجيه الأحداث نحو مسارات إيجابية، مما يُعزز من الرسالة الثقافية للنص ويُعطي المواطن شعورًا بالراحة والأمل. تُعتبر العلاقة بين السرد والفأل مهمة في بناء خطابات السياسة، حيث يُساهم كل منهما في تعزيز المعنى الثقافي. الفأل والرجاء حالها حال الاساطير هي قصص تقليدية أو معتقدات غير قائمة على حقائق علمية، وغالبًا ما تتضمن مخلوقات خارقة أو أحداث غير واقعية، وتُستخدم لتفسير الظواهر الطبيعية أو الأحداث الحياتية و كوسيلة لتعزيز الأمل والتفاؤل، وغالبًا ما تمتزج مع السرد لتعطي الشخصيات دافعًا للمضي قدمًا ، وغالبًا ما تُستخدم لتوجيه سلوك الأفراد أو المجتمعات.
الأساس الثقافي
الفأل يرتبط بالثقافة والتقاليد، ويعكس القيم الإيجابية في المجتمعات. يُعتبر جزءًا من الأدب الشعبي ويمكن أن يظهر في القصص كعنصر يساعد على بناء الأحداث التي تتجذر في الثقافة الشعبية، واحيانا يحمل دلالات أخلاقية أو فلسفية و يعتبر جزءًا من التراث الثقافي، لكنه قد يفهم على أنه أقل جدية أو أكثر خرافية.
الاستخدام في السرد
الفأل يُستخدم لتعزيز الحبكة السردية، حيث يمكن أن يُشير إلى أحداث مستقبلية إيجابية أو يُعطي دلالات على تغيرات في حياة الشخصيات و يستخدم كأداة لخلق جو من الغموض أو الخوف، وغالبًا ما يكون محوري في بناء العالم المستقبلي أو توقع نتاج الصراعات. يمكن القول إن الفأل يعكس النظرة الإيجابية نحو المستقبل ويُعزز من الأمل، بينما الخرافات أدوات ثقافية تُستخدم لتفسير وتوجيه السلوك البشري. كل منهما يلعب دورًا مهمًا في تشكيل الخطاب الثقافي والسياسي ، لكنهما يختلفان في المعنى والوظيفة.
الخطاب السياسي
يمكن للخطاب السياسي أن يتضمن الفأل كوسيلة لتعزيز الثقة في المستقبل. يعتمد السياسيون على التفاؤل لجذب الناخبين وإلهامهم بالتغيير. يُستخدم الفأل في الحملات الانتخابية لإظهار القدرة على تحقيق نتائج إيجابية، مما يُعزز من صورة الاستعراض لدى القادة.
الخطاب الاجتماعي
في النقاشات حول القضايا الاجتماعية، يمكن أن يُستخدم الفأل لتقديم الأمل في التغيير وتحفيز المجتمع للعمل نحو تحسين الأوضاع،يُعبر الناشطون عن التفاؤل من خلال سرد قصص نجاح أو أمثلة على التغيير الإيجابي، مما يُعزز من حماس الجماهير.
الخطاب الإعلامي
تُستخدم وسائل الإعلام الفأل لتقديم الأخبار بطريقة إيجابية، مما يساهم في تشكيل الرأي العام،يُظهر الصحفيون من خلال الفأل كيف يمكن للأحداث أن تؤدي إلى نتائج إيجابية، مما يُساهم في تعزيز الثقة في المؤسسات. يمكن أن يُعتبر الفأل أداة فعّالة في العديد من أنواع الخطاب، حيث يُستخدم لتعزيز الرسائل الإيجابية، وتقديم الأمل، والاستعراض الثقافي أو الاجتماعي. بذلك، يمكن اعتبار الفأل أداة فعالة لتحويل السرد إلى أساطير في قراءة الطالع، حيث يُعزز من العمق الثقافي والرمزي للنصوص. إجمالًا، يختلف الفأل كعنصر أسطوري عن الفأل كعنصر واقعي في مصادره، ودلالاته، وتأثيره على الشخصيات، وسياق السرد، والهدف من استخدامه. بينما يرتبط الفأل الأسطوري بالعوالم الغامضة والقوى الخارقة، فإن الفأل الواقعي يعكس تجارب الحياة اليومية والتطلعات الإنسانية،استخدام الفأل كعنصر بنيوي في السردية السياسية المعاصرة يحمل الكثير من السلبيات:
توجيه الرسالة بشكل غير واقعي
الاعتماد المفرط على الفأل يمكن أن يؤدي إلى تقديم رسائل غير واقعية حول الحياة والمصير،قد يُشعر المواطن بأن الأحداث تخضع لقوى خارقة، مما يُقلل من شعورهم بالمسؤولية الشخصية وقدرتهم على تغيير واقعهم.
إغفال العوامل الاجتماعية والاقتصادية
التركيز على الفأل قد يُغفل العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على حياة الأفراد،يمكن أن يُنتج سردًا سطحيًا لا يُعبر عن التعقيدات الحقيقية للواقع.
تعزيز المعتقدات الخاطئة
استخدام الفأل قد يعزز من معتقدات سلبية أو غير صحيحة حول الحظ والمصيريمكن أن يؤدي ذلك إلى تعميق الخرافات أو الاعتماد على الحظ بدلاً من العمل الجاد والتخطيط.
تكرار الأشكال السردية
قد يؤدي استخدام الفأل إلى تكرار نفس الأنماط السردية والأساطير، مما يُقلل من الابتكارو يجعل السرد يبدو مكررًا أو متوقعًا، مما يُقلل من جاذبيته.
الإفراط في الرمزية
الاعتماد على الرمزية في الفأل قد يُعقد السرد ويجعله صعب الفهم وقد يُشعر بعض المواطنين بالإحباط إذا لم يستطيعوا فهم الرسائل الرمزية بشكل واضح.
تأثير سلبي على الشخصيات
قد يُستخدم الفأل لتحديد مصائر الشخصيات بشكل قاطع، مما يُقيد تطور الشخصيات، يمكن أن يُعطي انطباعًا بأن الشخصيات ليس لديها خيارات أو قدرة على تغيير مصيرها.
إضعاف الفأل الواقعي
قد يظهر الفأل كعنصر أسطوري في السرد الواقعي بشكل سطحي يُمكن أن يؤدي إلى فقدان الاتصال مع تجارب الحياة اليومية، مما يُقلل من إمكانية التعاطف مع الشخصيات. بشكل عام، بينما يمكن أن يكون للفأل دور إيجابي في السردية السياسية التاريخية، إلا أن استخدامه كعنصر بنيوي قد يؤدي إلى مجموعة من السلبيات التي تؤثر على جودة الرسالة وعمق التجربة الانسانية.لذا يمكن اعتبار الفأل في الخطاب السياسي نوع من الارتباك في الخطاب ووسيلة للهروب من دائرة الإحباط في تناول مواقف معقدة، مثل اتخاذ القرارات مصيرية أو التعامل مع الخسارة وكذب التوقعات.