خاص: إعداد- سماح عادل
“محمد الطنجاوي” شاعر وصحفي مغربي شهير.
حياته..
ولد في 6 يونيو مدينة تطوان في 1936، تلقى تعليمه بالمسيد، وبالمعهد الديني لتطوان، والمعهد الحر ثم بجامعة القرويين في فاس. وقد كشف عن اهتماماته بالصحافة في سن صغيرة، أصدر مجلة خطية قبل أن يزاول مهمته كصحفي بجريدة “النهار” وجريدة “الأمة” بتطوان.
وتعتبر قصيدة ”صباح الحب” أول قصائده متميزة في الكتابة وفاز بجائزة محمد الخامس للشعر (جائزة العرش).
وفي 1956 التحق بجريدة ”الصحراء” التي أسسها الزعيم “علال الفاسي”، لينضم في 1959 إلى الإذاعة المركزية بالرباط، ثم إلى أسرة جريدة “التحرير”.
سافر “محمد الطنجاوي” إلى القاهرة 1962، للمشاركة في دورة صحفية استمرت عامين ونصف ليعود بعدها في 1964 إلى المغرب، حيث تحمل مسؤولية رئاسة تحرير جريدة الأنباء.
مولد القمر..
” محمد الطنجاوي” صاحب كلمات قصيدة “مولد القمر” التي أداها الفنان “عبد الوهاب الدكالي”، يعد واحدا من أشهر الشعراء المغاربة الذين جذبت أشعارهم فنانين مشارقة وتغنى من كلماتهم كبار الفنانين العرب منهم الموسيقار “محمد عبد الوهاب” الذي لحن وأدى من كلماته أغنية “الرائد الأكبر” والفنان “عبد الحليم حافظ”، الذي أدى من كلماته وألحان الموسيقار أحمد البيضاوي أغنية “من المصري إلى المغربي”.
ومن الآثار الإبداعية الوطنية له، ملحمة العهد بأجزائها الثلاث، التي ميزت الاحتفالات الوطنية في أواخر الثمانينات.
قصائد إنسان..
في الحفل الذي نظمته مؤسسة “بيت الشعر في المغرب” بمناسبة صدور الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر “محمد الطنجاوي”، والتي قام بتجميعها ابنه “قيس بنيحيى” تحت عنوان “قصائد إنسان”.
قال ابنه “قيس بنيحيى الطنجاوي”: “إن هذا الحفل المتميز سيترك بصمته على الساحة الشعرية في المغرب والعالم العربي، مشيرا إلى أن الديوان الشعري للراحل يعكس كل المحطات التي مر منها الراحل، وكذا انشغالاته بمشاكل المجتمع ورهاناته”. وأكد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الأمسية تسلط الضوء على أعمال الشاعر “محمد الطنجاوي”.
قال “مراد القادري” رئيس “بيت الشعر في المغرب” إن هذه المبادرة تعد خطوة إيجابية لجمع كل الأعمال الشعرية لأحد أبرز الشعراء المغاربة، مضيفا أن “أعمال الراحل الشعرية ستبقى موروثا للأجيال القادمة”.
قال الفنان “عبد الوهاب الدكالي”: “لي الشرف الكبير أن أكون من بين الفنانين الذين عايشوا الشاعر الراحل، وأدوا عددا من أعماله الشعرية الرائعة”.
الكتابة..
زاوج “محمد الطنجاوي” بين كتابة قصائده وكتابة المقالة الصحفية”، بعد أن اختار منبر صحفية لهذا الغرض من بينها جرائد “النهار والأمة والصحراء”. وبحكم أن الإذاعة الوطنية “كانت فضاء اجتذب إليه أسماء لامعة فقد انتقل الشاعر والصحفي الطنجاوي للإذاعة باقتراح من الأستاذ عبد الوهاب بن منصور”. حيث سيعد الرجل برنامجه الأدبي تحت عنوان “مجال الأدب”. إلا أنه “سيغادر الإذاعة بدافع الرغبة في الكتابة الصحفية بجريدة “المحرر” بجانب الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي وأسماء أخرى”. لكن هناك مرحلة أخرى ذات أهمية بالغة في مسار الراحل الشاعر محمد الطنجاوي ترتبط بسفره بعد أن “رحل إلى القاهرة من أجل الاستفادة من دورات تكوينية في مختلف الأجناس الصحفية”.
ابتداء من سنة 1964 تم تعيين “محمد الطنجاوي” مديرا لجريدة الأنباء التوجهات الرسمية للدولة المغربية التابعة لوزارة الإعلام، حيث تعتبر “هذه المحطة مهمة جدا في مساره الصحفي والتي ستمتد لسنوات طويلة برزت فيها مواهبه وطاقاته ورؤيته المتفتحة والمنفتحة على كل الحساسيات”. في هذا السياق كان “الطنجاوي” يصر على أنه” لن أمارس الصحافة كوظيفة للعيش. ولا أجد مسافة بين الشعر والصحافة. أنا شاعر، أنا صحفي. أنا موجود في الساحة”.
ديوانه الشعري (تطوان التي تسكنني) نسخة مفقودة. علما أنه ترك “إنتاجا غزيرا وضخما من الأشعار ظلت موزعة على أعمدة الصحف والمجلات”. مما جعل أسرته الصغيرة تنكب على جمع كل تراثه وعززته بسيرته الذاتية فضلا عن تقديم للأديب محمد أديب السلاوي”.
تنوعت مواضيع شعره وأغراضه إن الشاعر “محمد الطنجاوي” توزعت كتاباته الشعرية بين الشعر الوطني والقومي، وشعر الغزل والمدح والرثاء والتوسل والتأملات ووصف الطبيعة والتعلق بمدينة تطوان وموضوعات كثيرة.
العمق الوجداني..
يعتبر من الشعراء الذين أغنوا العمق الوجداني والعمق الوطني من خلال كتابته لنصوص زجلية بالعامية المغربية، وكتابته للون القصيدة الفصيحة”. حيث غني صوت ” محمد عبد الوهاب” بواحدة من أروع قصائده تحت عنوان “الرائد الأكبر” سنة 1960، تلك القصيدة الطافحة بنفحات العزة الوطنية، والتي وصفت بالمستوى الرفيع جماليا وبأسلوب الفنان العربي تلحينا. بل أنها اجتمعت فيها المشاعر الوطنية وروعة اللحن الموسيقي.
تميز بغزارة كتاباته الشعرية في موضوعات وطنية ووجدانية فتحت أبواب التلحين والغناء خلال سنوات الستينيات والسبعينيات والثمانينيات “تعامل مع قصائده الملحن القدير السي أحمد البيضاوي، والملحن العربي الكوكبي، والملحن محمد فيتح (قطعة الجهاد الأكبر)، والمرحوم الفنان المزكلدي (قطعة معنا الله). لذلك عرفت نصوصه الغنائية شهرة كبيرة خصوصا مع الموسيقار الفنان عبد الوهاب الدكالي (قصائد وطنية وعاطفية)، فضلا عن الأغنية الذائعة الصيت تحت عنوان (مليون هكتار) التي خلد بها شاعرنا “الاختيار الاستراتيجي للمغرب باعتماد الفلاحة لتأمين الاكتفاء الذاتي وتنمية الاقتصاد الوطني”. والتي يقول فيها: بالحب بالإخلاص شعبنا فلاح/ الأرض نزرعها حبا نحصدها تفاح/ أقلامنا مناجل…
“محمد الطنجاوي” عرف “بميله إلى التجديد وتأثر بالتيار الحداثي، وزاوج بين كتابة القصدية العمودية وقصيدة الشعر الحر. ونجده يلجأ في هذا اللون من أشعاره إلى التنويع في التفعيلة”. بعد أن قرأ بعضا من أبيات قصيدتين تحت عنوان (من أسماء الشعر اسمك) و(أين أمسي؟).
مكتبة وطنية..
تسلمت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، خزانة “محمد الطنجاوي” في حفل بمقر المؤسسة بالرباط، بحضور زوجة وأبناء الفقيد وأفراد من أسرته، وعدد من مسئولي وأطر المكتبة الوطنية.
وتناول الكلمة بهذه المناسبة “عبد الاله التهاني” المدير بالنيابة للمكتبة الوطنية، و”قيس بنيحي”، حيث استعرضا معا محطات وملامح من سيرة الأديب والصحفي الراحل. كما أبرزا دوره المتميز واسهامه المتواصل، في الحياة الثقافية والساحة الإعلامية بالمغرب، منذ شبابه المبكر .
وتتشكل هذه المجموعة القيمة من خزانة “محمد الطنجاوي” من 1128 مطبوعا، تغطي مجالات معرفية متنوعة، وخاصة في ميادين الآداب والتاريخ والحضارة ، والعلوم الإنسانية، والقانون، والعلوم السياسية، والمعرفة الدينية، والموسوعات العلمية، ومؤلفات ومجلات ومصنفات متنوعة المواضيع.
وجرى توقيع عقد الهبة من طرف “قيس بنيحيى”، ممثلا لورثة “محمد الطنجاوي”، وعبد الإله التهاني المدير بالنيابة للمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، ممثلا لهذه المؤسسة. وتعهدت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بمقتضى عقد الهبة الموقع، بضمان صيانة “مجموعة “محمد الطنجاوي”، ومعالجتها ببليوغرافيا، في شروط لائقة تضمن حفظها وتوفير الشروط والظروف المناسبة، والكفيلة بضمان استفادة الباحثين والطلبة من محتوياتها، والاطلاع على ما تضمه من أمهات الكتب والمصنفات والمطبوعات، في مختلف مناحي المعرفة.كما تعهدت المؤسسة برقمنة الرصيد الوثائقي لهذه المجموعة القيمة، طبقا للمعايير التوثيقية المعتمدة من طرفها، والتي تتسم بالمهنية العالية،وتحترم جميع الحقوق والضمانات المتعلقة بحقوق التأليف والملكية الفكرية.