من أروع ما يمكن أن يقال عن الكاتب والروائي والإعلامي القدير أمجد توفيق أنه يبقى نهرا متدفقا من المياه العذبة الصافية الرقراقة وإن منبعه الروحي والسردي والثقافي والأدبي والقيمي والإنساني لن يتوقف عن الجريان مادارت الأيام.
بل أن مناجم الرجل ما زالت زاخرة بكل الكنوز الثمينة ولن يكون بمقدور الأقمار الإصطناعية أو عمليات الذكاء الإصطناعي إكتشاف معادن الرجل النفيسة وجواهره الثمينة المخبأة بين جوانحه وفي خلجات ضميره المتوقد إشعاعا معرفيا في وقت تصول سفنه عوالم الإبداع بين محيطات الدنيا بحثا عن لؤلؤة أو محارة ثمينة ليضيفها الى سجله الإبداعي الرصين.
تجاوز الرجل كثيرا من المراحل التاريخية لكتابة الروايات وتجاوز حتى أنظمتها وقوانينها الكلاسيكية ولا يتحمل الرجل أن يوضع ضمن إطار مرحلة زمنية أو مكانية بل هو من أعاد وضع مسارات الكتابة الروائية والسردية الصحيحة بعد أن أطلق العنان للإبداع الروحي والسردي الى آفاق أكثر سموا وأكثر إنتاجا وعطاء معرفيا ثرا ليس بمقدور كثيرين من صناع الأدب والروايات أن يغامروا بالخوض في تجربة الرجل الإبداعية بالرغم من أن كثيرين منهم أيضا حاولوا إنصاف ما أنتجته قريحته من أدب روائي متخيل سما بالأدب الى أعلى ميادين رحلاته عبر العصور لكنه ليس بمقدورهم كشف معادن الذهب واللآليء وكل الجواهر المخبئة داخله لكون مناجمها عميقة ومتشعبة ويصعب تحليل عناصرها الكيمياوية والفيزيائية أو أن يكون حتى بمقدور الأقمار الإصطناعية أو عمليات الذكاء الإصطناعي أن تدخل عالمه وما يخبئه من مناجم ومعادن لاحصر لها بل يصعب على الكثيرين أن يكتشفوا ما يمكن أن يخبئه الروائي أمجد توفيق بين مفردات كلماته المتدفقة قوة ومعان ولمعانا وبريقا تقبل التأويل كل على طريقته الخاصة لكنها ليس بمقدورها أن تعطينا تفسيرا متكاملا لما تكمن في دواخل الرجل من ثيمات وأفكار ورؤى ونظريات حديثة تغني الأدب الروائي وتنتقل به الى محيطاته المترامية الأطراف.
دققوا في كل أعمال أمجد توفيق الأدبية من قصص وروايات وحتى مقالات صحفية تجدون أن الرجل أبدع لنا آفاقا جديدة من القدرة على إختراق بنيان اللغة وصهر معادنها لتنتج لنا أدبا جديد حتى وإن ظن البعض أن مساراته الأدبية فيه بعض أوجه الشبه في المضامين لكن من يتعمق بداخله لن يراها هكذا بل يصعب عليه الوصول الى تنظيرات من هذا النوع.
حين يقرأ أدبه الروائي البعض يظن أنه يدخل ضمن تصنيف الملحدين أو لنقل الطبيعيين ممن يحسبون على منظري الطبيعة من الأدباء أو الفلاسفة لكنني أعرف الرجل منذ أكثر من أربعين عاما وهو أقرب الى الله سبحانه وتعالى من كثيرين ممن كان لهم السبق في مجالات الإبداع والتألق وأرى أن لديه صلات حتى مع الملائكة يخاطبهم ويخاطبونه ولديه معه صلات حميمة وربما ليس بعيدا حتى عن الأنبياء وهم جميعا يحترمونه ويجلون الرجل ويتفهمون دوافعه للخروج عن المألوف في بعض الأحيان وهم يدخلونه على الدوام ضمن جماعة (المحتوى الإبداعي الهادف) الذي يرتقي بالبشر الى أعلى مديات الخلق والرفعة والسمو شرط أن يقيموا معه علاقة روحانية إيمانية صادقة مع رب السموات بل هو يرى أن بعض طقوس العبادة أقرب الى أن تكون (ممارسات رياضية) أكثر من كونها تقديم الطاعة والولاء لرب العباد.
في كل حوار يداهمنا الرجل بأن لديه أفكارا جديدة وهو يبحث دوما عن الأرض البكر ليزرع في روابيها الخضراء ومياهها العذبة مزارع نضرة تتخللها الكثير من المزارع النضرة المتنوعة في أشكالها وإنتاجها وهو في كل مرة يدخلنا الى حدائقه الغناء فتبدو لنا أنها مزدانة بكل الأشجار المثمرة مما لذ وطاب من فاكهة الدنيا وما لم يمكن تصوره عن أثمارها وروعة خضرتها وأشكال سيقانها وأرواقها وجذورها حيث تجد الكثير منها أنها تقترب من نخل العراق في عليائه وتمره اليانع الذي يربو على أكثر من ثلاثين نوعا.
وهكذا يتراءى لنا أمجد توفيق وكأنه يعيش في منطقة خضراء خاصة به برغم أنه يدخل كل مناطقنا ويجتاز أحياءنا ومدننا ليشعرنا أنه تجول بين ثناياها ومعالمها وخبر ما يمكن أن يكون له معينا للغته ليختار منها ما يلائم تطلعها وشغفها بأن تجد مبتغاها بين ثنايا أدبه وأبداعه.
أمجد توفيق..تيارات كهرومغناطيسية
الروائي أمجد توفيق يظنه البعض أنه يعيش في أبراج عاجية ومدن فاضلة ولا يفضل الإقتراب من رفقة كثير من الأصدقاء كونهم يظنونه أنه يعيش حالة تكبر وفوقية ونرجسية متعالية برغم أن أمجد توفيق يعشق النرجسية لكنها ليست نرجسية التعالي والغرور بقدر ما يوحي للبعض صعوبة الٌإقتراب منه ومن عالمه وعلى من يريد الإقتراب منه أن يبقي على مسافة منه خشية أن تصيبه أضواءه بالصعقة الكهربائية أو بتيارات كهرومغناطيسية قد تخلق لدى الآخرين حالة من الفزع والرعب ربما لكون الٌإقتراب منه يدخلهم في هذا القلق النفسي المشروع من أن ليس بمقدورهم اللحاق بعالمه فهو مختلف في كل شيء وهو أنيق في كل شيء وهو مبدع ومتجدد في كل شيء ويمقت التكرار وإجترار الكلمات المتداولة وهو ما تكتشفه من كل حواراته التي يجريها معها كبار المتطلعين في أدب الحوار.
الروائي والكاتب أمجد توفيق هو منجم لكل المعادن النفيسة ويصعب على من يدخل مناجمه أن يعرف كيف تنتج وأنواع تلك المعادن التي تحتويها وطريقة صهر معادنها بمفاعله الخاصة..قد يدخلك في أحد مناجمه لكنك ستصاب بالغثيان أو الدوار إن إستمرت جولتك معه الى مالا نهاية.
هو عاشق للحيوان كونه يراه هو أحد الكائنات الحية التي تربطه بالكثير منها صداقات وجسور من العلاقة الطيبة كونه يفهم أحاسيسها ومشاعرها مثلما هي تعرف أحاسيسه ومشاعره تجاهها وقد أقام معها (شراكة حياة) إن صح التعبير وربما تدخلك رواية (الحيوان..وانا) في عالم من هذا النوع بالرغم من أنها لن تكون الأولى وقد لاتكون الأخيرة.
أمجد توفيق يعشق المرأة والجمال
والكاتب أمجد توفيق يعشق المرأة مثلما يعشق جمالها وسحرها الخلاب وهو يحترمها ويجلها ويعطيها إهتماما إستثنائيا يليق بمقامها وما تستحقه من إحترام وتقدير ، وقد أولاها مراتب متقدمة في أغلب روايته ونتاجاته القصصية وحتى الإعلامية ويعد تقييم كل عمل أدبي إبداعي بمقدار ما يقدمه بين أولى أولوياته من رؤى قيمية عن الجمال بين ثناياه ..فهو عاشق للفن الرفيع وعاشق للجمال بلا حدود.
وأمجد توفيق يعشق السخرية وقد ولج عالمها في الكثير من رواياته ، ولكن رواية (الساخر العظيم) كانت ربما هي القنبلة النووية الأولى التي القى أولى كرياتها الصغيرة في عالم الرواية حيث كان المتخيل السردي والروحي والقيمي في أعلى مراحل التنضير وفي إختيار الثيمات والتعبير عن القدرة على الإختراق العميق في مكامن الأشياء، لكنها ليست قنبلة تدميرية بل قنبلة معرفية ثقافية حياتية جديدة تبصر البشر وتضع أمامهم نظريات للحياة تختلف عما هو مألوف في عالم الحياة الرتيبة.
وأطمئن الجميع أن أمجد توفيق الروائي والكاتب هو إنسان بسيط ومتسامح كثيرا مع الآخرين ، ولديه قلب محب وصلات وطيدة مع الكثيرين ، وهو إن أبقى مسافة مع الآخرين فهو لغرض صون النفس والإبتعاد عن المجاملات أو من يريد الإقتراب منه للحصول على الشهرة أو أن يكون له دالة في عالم الإعلام والدعاية..فهو حساس كثيرا بل هو متجانس مع نفسه ومع المجتمع بالرغم من أنه لايتوافق مع الكثير من العلاقات الإجتماعية والنماذج السياسية والأنظمة التي لاتحترم الإنسان ولا تحترم حقوقه الآدمية في الحياة.
دعوة لتكريم أمجد توفيق بقلائد الذهب
وهو بالرغم من كل ما قدمه من إبداعات جمة وذات مضمون قيمي كبير في القصة والرواية وفي المقالة الصحفية وفي عالم الإعلام وحصل على دروع الإبداع من جهات عديدة مهتمة بالأدب لكن الرجل لم يكافأ حتى الآن بما يستحق..وهو الراية العراقية الخفاقة والشعلة التي أضاءت سماء الإبداع ومن الظلم على من يقدمون (القلائد النفيسة) لبعض المبدعين أن يتناسوا أن أمجد توفيق لم يكن من بينهم حتى الآن..وأخص بالذكر (أحد مقربيه من عالم الثقافة والإعلام) ممن لم يبادر حتى كتابة هذا المقال لتكريم أمجد توفيق بتلك القلائد الذهبية التي هو أحق منها وهو من كان أقدمهم وأكثرهم غزارة في الإنتاج القيمي والروحي والإبداعي..وقد أشرت له بالتخصيص في مقال سابق من أجل تكريم أمجد توفيق الذي يعد تكريمه تكريما لكل المبدعين الكبار قبل أن يكون تكريما لمبدع عراقي صادق أصيل أثرى ساحة الإبداع بما يرفع رأس كل عراقي الى علياء السماء..
اللهم أني قد بلغت..اللهم فأشهد.. !!