20 يناير، 2025 10:47 ص

الفاسدون الصغار يتباكون على آليات البنك المركزي في شراء العقارات

الفاسدون الصغار يتباكون على آليات البنك المركزي في شراء العقارات

بعد انتظار طويل ، اصدر البنك المركزي العراقي قرارا بخصوص آليات بيع وشراء العقارات التي تبدأ أقيامهاب100 مليون دينار فأكثر ، ورغم إن قرارا مشابها صدر قبل شهور حين شمل العقارات من 500 مليون صعودا ، إلا إنالقرار ( الجديد ) غاية في الأهمية لأسباب عديدة ، أولها انه يبحث عن مصادر الدخل لمن يشتري العقار تطبيقا للقاعدةالقانونية المهمة ( من أين لك هذا ؟) ، وثانيها انه يقلل من المضاربات في العقارات التي أوصلت أسعارها لدرجة غير معقولة بحيث إن سعر المتر المربع في بعض المناطق أصبحأكثر من تلك السائدة في أرقى البلدان ، وثالثها لإبطاء حركة التداول النقدي وشمولها لفقرات عديدة وعدم حصرها بالعقارات ، ورابعها للتشجيع والإلزام للادخار في المصارف مما قد يساعد في جذب الكتلة النقدية المحلية حيث إن 70% منها على الأقل خارج التداول المصرفي ، وخامسها للحد  كلما أمكن ذلك من غسيل الأموال  وهي ظاهرة منتشرة في بلدنا منذ سنين وبحاجة لجرعات العلاج .

وكان المفروض أن يصدر هذا القرار وقرارات أخرى منذ أن بدا الفساد وليس في مراحله الحالية التي تزكم الأنوف ، فما يتم تداوله إن هناك فئات بسيطة تتمتع بالإثراء السريع في مراحل مبكرة من العمر او في سنوات العمل الوظيفي ، فرغم إن كثيرا يشكون من ضعف الرواتب والأجور في الأجهزةالحكومية خاصة في السنوات الأولى للتعيين ، إلا إن دوائر التسجيل العقاري تشهد زحاما شديدا في المراجعة لبيع وشراء العقارات من دون التصريح عن مصدر هذه الأموالوالى أين ستذهب بعد البيع ، ووصل الأمر بان يتملك العاطلون عن العمل من الذكور والإناث بعمر المراهقة او الشباب او ربات البيوت بالكثير من العقارات والأملاك ، ومن الظواهر الشائعة إن صغار الفاسدين او المهربين او المتعاملين مع الممنوعات يسارعون لتملك العقارات لأنهاتجري دون حساب او سؤال واقياهما ترتفع عاما بعد عام ، ووصل الموضوع للتفنن و( الإبداع ) من خلال توزيع الثروات على النسائب والأقارب بضمانات او بتعدد الزوجات .

والقرار ( الجديد ليس ) بدرجة عالية من التعقيد بحيث يسعى البعض لوأده قبل التطبيق ، فبدلا من الدفع للبائعنقدا خارج الأضواء سيتم الدفع من خلال المصارف ومن الحسابات التي تفتح لهذه الإغراض ، فالبيع والشراء ليس ممنوعا وإنما مقيدا من خلال التعامل المصرفي التي تستوجب الإفصاح عن مصادر الإيداعات ، ولان المبالغ تبدأمن 100 مليون دينار فان الفاسدين الصغار هم أكثر ممنيخشون التعامل مع هذا القرار لأنهم لا يستطيعون تبرير امتلاكهم أموال الشراء   ، ولان هناك من يعتقد إن هؤلاء سيتحولون من العقارات إلى العملات الأجنبية والذهب والسيارات الفخمة والساعات الثمينة والسيارات مرتفعةالأسعار ، فان المطلوب من البنك المركزي وغيره من الجهاتوضع آليات للسيطرة على تدفق الأموال لغير العقارات بما يتعلق بالصغار وحيتان الفساد ، ولإزالة التخوف من ولادة أنواع جديدة من الفساد  فان على القطاع المصرفي أن يجد وسائل مناسبة لانسيابية المعاملات دون عناء وابتزاز ، فالحذر مفيد في الرقابة والشفافية وغيرها من الفعالياتالتي تحول دون التغطية على تسريب الأموال .

ولدوائر التسجيل العقاري أدوارا مهمة في التطبيق ، حيث يتطلب الموضوع التنازل عن البيروقراطية المفرطة التي ترافق انجاز المعاملات واجتثاث التلاعب من الجذور لكون هذه الآلية وجدت في إحدى غاياتها لمحاربة الفساد دون الإخلال بحرية تبادل الأموال المشروعة باعتباره حقا للمواطن كفله الدستور ، ومن الضروري إدخال المزيد من التطبيقات غير البشرية لمنع أية محاولات لتوطين او نقلالفساد هنا او هناك ، ومن المهم جدا عدم الإصغاء للعويل والبكاء الذي سيبديه البعض بدعوى إن التطبيق تتخلله الصعاب ، فالقضية يسيرة ومتبعة في المصارف فحين إيداعمبالغ بحدود معينة يطلبون الإفصاح عن مصادرها ، وفي شراء العقارات ستخضع مبالغ الشراء لنفس الضوابط وهي حالة مطبقا في الكثير من  البلدان  ، ونتمنى أن تعلن و تطبق مثل هذه السياقات على كل التعاملات المالية التي من الممكن أن تحتوي على فساد او فيها تهرب ضريبي او غسيل الأموال او تشويه لمعالم الأفعال ، فالمبادرة والتطبيق يجب إن تشمل جهات أخرى خارج التسجيل العقاري ، لعلها تداوي بعض جروح الفساد التي يكتوي بها المواطن وتؤذي الجميع .

أحدث المقالات

أحدث المقالات