بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ .. كيف ستكون سيناريوهات الحكم في “غزة” ؟

بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ .. كيف ستكون سيناريوهات الحكم في “غزة” ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

صباحًا؛ تستعدا (حماس) و”إسرائيل” لتطبيق اتفاق انتظره سكان “قطاع غزة” (13) شهرًا بعد الاتفاق الأول في نهاية عام 2023، حيث يؤسس لوقف إطلاق نار دائم في “غزة” يُنهي الحرب التي بدأت في 07 تشرين أول/أكتوبر 2023؛ في حال حسَّنت النوايا.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد صادقت؛ فجر السبت، على الاتفاق ليبدأ تنفيذه الأحد، أي قبل يوم واحد من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب؛ “دونالد ترمب”، الذي أصر على الاتفاق قبل تنصيبه رئيسًا، وهو ما تحقق.

فبعد مداولات استثنائية استمرت خلال عطلة السبت؛ ووُصِفت بـ”العاصفة”، قالت الحكومة الإسرائيلية في بيان فجر السبت: “وافقت الحكومة على إطار إعادة الرهائن. سيدخل إطار إطلاق سراح الرهائن حيز التنفيذ يوم الأحد الموافق 19 كانون ثان/يناير 2025”.

وصوّت (24) وزيرًا في الحكومة لصالح الاتفاق، بينما عارضه: (08) وزراء، من بينهم وزراء حزب (القوة اليهودية)، ووزراء (الصهيونية الدينية)، بالإضافة إلى الوزيرين: “عميحاي شيكلي” و”دودي أمسالم”؛ من حزب (الليكود).

ولأن المداولات جرت في وقت عطلة السبت، فإن الوزراء المتدينين لم يُشاركوا فيها وتركوا أوراقًا على مقاعدهم تقول إنهم يوافقون على الاتفاق.

وجاء الاتفاق بعد عدة محاولات حثيثة بدأت في مطلع عام 2024 دون جدوى.

وهو اتفاق من (03) مراحل، كلٍ منها (42 يومًا)، حيث يبدأ التفاوض على تفاصيل المرحلة الثانية من الاتفاق على الأكثر في اليوم الـ (16) من المرحلة الأولى التي تبدأ الأحد.

تفاصيل الاتفاق..

وينص الاتفاق على إطلاق سراح (33) مختطفًا إسرائيليًا، بينهم أحياء وأموات، في إطار المرحلة الأولى، مقابل الإفراج عن (737) أسيرًا فلسطينيًا في السجون الإسرائيلية، بالإضافة إلى: (1167) من سكان “غزة” غير المتورطين في أحداث 07 تشرين أول/أكتوبر 2023.

وتشمل القائمة أسماء: (296) أسيرًا فلسطينيًا محكومين بالسجن المؤبد تُعتبر صفقات تبادل الأسرى أملهم الوحيد بالخروج من السجن، ولكن سيتم إبعاد غالبيتهم.

ومن بين هؤلاء: “نائل البرغوثي”، (68 عامًا)، وهو أقدم أسير فلسطيني محكوم بالسجن المؤبد، وسيتم إبعاده إلى دولة لم يتم تحديدها، وأيضًا القيادي في حركة (فتح)؛ “زكريا الزبيدي”، الذي برز اسمه في قيادة محاولة الهرب من سجن (جلبوع)؛ قبل حوالي (03) سنوات ونصف، و”أحمد البرغوثي”، مساعد القيادي في (فتح)؛ “مروان البرغوثي”.

ولكن الاتفاق في مرحلته الأولى لن يشمل القادة في السجون؛ وهم: “مروان البرغوثي وعبدالله البرغوثي وإبراهيم حامد وحسن سلامة”.

كيف سيُطبّق ؟

ويبدأ الاتفاق بوقف إطلاق النار في الساعة (8:30) من صباح الأحد، مع بدء الجيش الإسرائيلي انسحابه التدريجي من “قطاع غزة”، على أن تبدأ عملية تبادل الأسرى في ساعات المساء.

وستشمل الدفعة الأولى من التبادل (03) محتجزات إسرائيليات، وبالمقابل ستُفرج “إسرائيل” عن (95) أسيرًا فلسطينيًا، غالبيتهم من النساء والأطفال.

وما قبل، وخلال، وما بعد كل عملية تبادل أسرى، يوقف الجيش الإسرائيلي نشاط طيرانه في سماء “غزة” ومحيطها.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: “يستعد الجيش لتطبيق اتفاق إعادة المختطفات والمختطفين؛ وفق ما تم تصديقه الليلة الماضية من المستوى السياسي، ويدخل الاتفاق حيز التنفيذ اليوم الأحد في تمام الساعة (08:30)؛ حيث ستُطبّق قوات جيش الدفاع الخطة العملياتية في الميدان وفق ما تم الاتفاق عليه”.

وأضاف: “يستعد الجيش لاستيعاب العائدين والعائدات من سجون منظمة (حماس)؛ ويعمل لتوفير الاستجابة الملائمة من الناحية البدنية والنفسية مع الاهتمام الكامل بكل التفاصيل”.

كيف تتصرف “حماس” ؟

ومن جهتها؛ قالت حركة (حماس) في بيان: “واجب الوقت الآن هو البدء الفوري في إنهاء الحصار وإغاثة شعبنا وإيوائه وتضميّد جراحه، وعودة النازحين، وإعادة الإعمار والبناء، وهذا ما عملت عليه قيادة الحركة من اليوم الأول”.

وأضافت: “بروتوكول المساعدات الإنسانية الذي تم الاتفاق عليه بإشراف الوسّطاء، يضمن تنفيذ إجراءات الإغاثة والإيواء والإعمار”.

ومن المقرر أن يبدأ اليوم الأحد؛ التدفق الكبير للمساعدات الإنسانية إلى “قطاع غزة” بواقع: (600) شاحنة يوميًا، بعد أن كانت لا تتعدى عدة عشرات يوميًا.

وأعلنت “وزارة الداخلية والأمن الوطني”؛ التابعة لحركة (حماس) في “غزة”، السبت، أن أجهزتها: “ستبدأ الانتشار في محافظات قطاع غزة كافة، والقيام بالواجب المقدس في خدمة أبناء شعبنا فور دخول اتفاق وقف حرب الإبادة حيز التنفيذ”.

وقالت في بيان: “إن هذه الخطوة تأتي أمام الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني بكل مكوناته وأطيافه في هذه الملحمة التاريخية، وبعد الإعلان عن اتفاق وقف حرب الإبادة والعدوان على شعبنا”.

وأهابت بالمواطنين جميعًا إلى: “المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، والابتعاد عن أية تصرفات قد تُشّكل خطرًا على حياتهم، وإلى التعاون مع ضباط وعناصر الأجهزة الشرطية والأمنية والخدماتية، حرصًا على أمنهم وسلامتهم”.

من يحكم “غزة” بعد الحرب ؟

منذ اندلاع الحرب في “غزة”؛ قبل (15) شهرًا، ظل السؤال الصعب يتعلق بمن يحُكم القطاع بعد انقشاع غبار المعارك، وعلى ما يبدو ستكون كلمة الفصل في “واشنطن”.

ورأى المحلل الفلسطيني؛ “هاني المصري”، أن ثمة سيناريوهات عدة بشأن من يحُكم “غزة” ما بعد الحرب وسيكون الحاسم فيها الرئيس الأميركي المنتخب؛ “دونالد ترمب”.

وقال “المصري”؛ في حديث لـ (العين الإخبارية): “هناك عدة سيناريوهات يحسّمها ما يُقرره؛ ترمب، الذي سيتولى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية”.

وغدًا الإثنين؛ تجري في العاصمة الأميركية؛ “واشنطن”، مراسم تنصيب “ترمب” ليبدأ مدته الرئاسية الثانية والأخيرة.

وأضاف: “من السابق لأوانه تحديد ما يُقرره ترمب؛ لأنه لم يتحدث عن رؤيته لغزة ما بعد الحرب، واكتفى حتى الآن بالإشارة إلى أنه يُريد وقف إطلاق النار (قبل تسلمه السلطة)، وهو ما تم فعلًا من خلال الضغط الذي مارسّه على الأطراف؛ تحديدًا على رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ بنيامين نتانياهو”.

وكان الرئيس الفلسطيني؛ “محمود عباس”، قد أكد في اتصال هاتفي، السبت، مع الرئيس الفرنسي؛ “إيمانويل ماكرون”: “الموقف الفلسطيني بضرورة وقف إطلاق النار بشكلٍ فوري والانسحاب الإسرائيلي الكامل منه، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها الكاملة في القطاع، باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة”.

وأكد “عباس”: “جاهزية الحكومة وأجهزتها المدنية والأمنية (لإدارة القطاع)؛ واستلام المعابر، لتولي مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة للتخفيف من معاناة شعبنا، وعودة النازحين إلى منازلهم وأماكن سَّكناهم، وإعادة الخدمات الأساسية من مياه، وكهرباء، وإعادة الإعمار”.

وأشار الرئيس الفلسطيني إلى: “أهمية الإسراع في إدخال المساعدات الإغاثية من قبل المنظمات الدولية بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية”.

ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، أعلن مرارًا أنه لن يقبل (حماس) أو “عباس” في “غزة” ما بعد الحرب.

ويُشير “المصري” إن ثمة (04) سيناريوهات لمن سيُحكم “غزة” ما بعد الحرب:

عودة السلطة..

وقال إن السيناريو الأول هو عودة “السلطة الفلسطينية” إلى “غزة”؛ كما كان عليه الوضع ما قبل منتصف عام 2007؛ حينما سيّطرت (حماس) بالقوة على “غزة”.

وأشار في هذا السيّاق إلى أن “السلطة الفلسطينية” أعلنت مرارًا جاهزيتها الكاملة لتولي زمام الأمور في “غزة” من جميع النواحي؛ ودون شراكة مع حركة (حماس).

ولكنه؛ لفت إلى أن هذا يتطلب دعمًا دوليًا وعربيًا، خاصة في مسألة إعادة إعمار “قطاع غزة”، التي ستستغرق سنوات طويلة وتتطلب أموالًا هائلة.

تنظيف الصفوف واستغلال الوضع..

وأضاف أن السيناريو الثاني؛ هو أن تُعيّد حركة (حماس) تنظيف صفوفها في “قطاع غزة”، واستغلال وضع من أجل إعادة فرض حكمها.

وذكر في هذا السيّاق؛ أن (حماس) تضررت بشكلٍ كبير جدًا في عتادها العسكري وأيضًا فقدت أعدادًا كبيرة من قادتها، ومع ذلك فإن قوتها البشرية موجودة.

ولكنه لفت إلى أنه من المؤكد فإن العالم لن يقبل التعاون مع حركة (حماس)، وهو ما تُدركه الحركة جيدًا.

ومع ذلك أشار إلى أن “إسرائيل” قد تُفضل (حماس) ضعيفة في “غزة” على “سلطة فلسطينية” قوية فيها، تعمل على توحيد “الضفة الغربية” و”قطاع غزة” باعتبارها “دولة فلسطينية”.

إدارة مؤقتة من الشركاء الدوليون..

وتابع “المصري” أن السيناريو الثالث؛ هو ما تطرحه إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته؛ “جو بايدن”، الذي قال وزير الخارجية الأميركي؛ “أنتوني بلينكن”، إنه سيطرحه على إدارة “ترمب”.

وكان “بلينكن” قال في كلمة في “المجلس الأطلسي” قبل أيام: “نحن نعتقد أنه على السلطة الفلسطينية دعوة شركاء دوليين للمساعدة في إنشاء وتسيّير إدارة مؤقتة تتولى القطاعات المدنية الرئيسة في غزة؛ مثل الخدمات المصرفية والمياه والطاقة والصحة والتنسّيق المدني مع إسرائيل، ويوفر المجتمع الدولي التمويل والدعم الفني والإشراف”.

وأضاف: “وتضم الإدارة المؤقتة فلسطينيين من غزة وممثلين عن السلطة الفلسطينية يتم اختيارهم بعد مشاورات هادفة مع المجتمعات المحلية في غزة، كما أنها ستقوم بتسليم المسؤولية كاملة إلى السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها بالكامل ومتى يُصبح ذلك ممكنًا”.

وتابع: “ويعمل أعضاء الإدارة المؤقتة بتعاون وثيق مع مسؤول رفيع في الأمم المتحدة يتولى الإشراف على الجهود الدولية لإرساء الاستقرار والتعافي”.

وأشار “بلينكن” إلى أنه: “يتم تشكيل بعثة أمنية مؤقتة تضم قوات أمن تابعة لدول شريكة وموظفين فلسطينيين بعد التدقيق في خلفياتهم، وتشمل مسؤولياتها خلق بيئة آمنة للجهود الإنسانية وجهود إعادة الإعمار وضمان أمن الحدود، وهي بيئة فائقة الأهمية لمنع التهريب الذي قد يُتيح لـ (حماس) إعادة بناء قدراتها العسكرية. وسنطرح مبادرة جديدة لتدريب قوة أمنية بقيادة السلطة الفلسطينية في غزة وتجهيزها والتدقيق في خلفيتها، بغرض التركيز على القانون والنظام وتولي المهمة الأمنية المؤقتة تدريجيًا، وسيتم تضمين هذه الترتيبات في قرار يُصدر عن مجلس الأمن الدولي”.

تنفيذ المقترح المصري..

وبحسّب “المصري”؛ فإن السيناريو الرابع هو تنفيذ الاقتراح المصري بتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة “قطاع غزة” مؤقتًا.

وينص الاقتراح، الذي قبلته حركة (حماس) وتتحفظ عليه “السلطة الفلسطينية”، على تشكيل: “لجنة تقوم على إدارة شؤون قطاع غزة؛ وتكون مرجعيتها الحكومة الفلسطينية ومسؤولة عن كافة المجالات صحية، واقتصادية، وتعليمية، وزراعية، ومرافق خدمية وحيوية، بما يشمل أعمال الإغاثة ومعالجة آثار الحرب والإعمار، وتتشكل بالتوافق الوطني”.

كما ينص على أنه: “يُصدّر رئيس دولة فلسطين مرسومًا بتعيّين هذه اللجنة، وتُمارّس مهامها وفق الأنظمة والقوانين المعمول بها في أراضي الدولة الفلسطينية”.

وبموجبه فإنه: “يُراعى في تشكيل اللجنة اختيار عناصر وطنية فلسطينية مهنية من المستقلين الكفاءات لتنفيذ مهامه”.

و”تتشكل اللجنة من (10-15) عضوًا من الشخصيات الوطنية ذات الكفاءات والمشهود لها بالنزاهة والخبرة والشفافية”.

ولفت “المصري” إلى أن الأمور ستعتمد إلى حدٍ كبير على ما يوافق عليه الرئيس الأميركي المنتخب؛ “دونالد ترمب”.

وقال: “قد يعتمد ترمب الاقتراح الذي أعدته إدارة بايدن؛ وقد يرفضه أيضًا أو يطوره أو يُقدم اقتراحه الخاص”.

وأضاف: “أيضًا قد يدعو؛ ترمب، إلى عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة في إطار حل سياسي واسع النطاق قد يطرحه للسلام في المنطقة”.

وتابع: “إذا ما كان ترمب يُفكر بخطة سلام واسعة النطاق في المنطقة؛ فإن الأوفر حظًا ليكون طرفًا فيها هي السلطة الفلسطينية”. بحسب مزاعم المحلل الفلسطيني المنحاز للإرادة الأميركية الترامبية.

واستدرك: “لا نستطيع أن نحسّم ما يُريده ترمب؛ لأنه لم يتحدث عن هذا الأمر، وإن كان قد فاجأنا بنجاحه في تحقيق وقف إطلاق النار من خلال الضغط على الأطراف؛ خاصة إسرائيل”.

ورأى “المصري” أنه يتعين متابعة نتائج المفاوضات التي ستبدأ في اليوم الـ (16) من المرحلة الأولى من الاتفاق حول تفاصيل المرحلة الثانية.

وقال: “ما زالت هناك مخاوف من أن يُعيّد؛ نتانياهو، تفجير الأمور ويعود للحرب بداعي عدم نجاح المفاوضات، وقد لوح بهذا الاحتمال أكثر من مرة، بما في ذلك أمس، عندما كانت حكومته تبحث إقرار الاتفاق”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة