وكالات- كتابات:
شهد الملف الكُردي في “سورية” تطوّرات لافتة، في اليومَين الماضيَين، بعد زيارة “تاريخية”؛ هي الأولى من نوعها، للقائد العام لـ (قسد)؛ “مظلوم عبدي”، إلى “إقليم كُردستان العراق”، حيث التقى زعيمه؛ “مسعود بارزاني”.
وفي الموازاة؛ تلقّى الأكراد تطمينات من جانب إدارة الرئيس الأميركي المنتخب؛ “دونالد ترمب”، والتي أكدت استمرار دعمها (قسد)، وهو ما ترافق أيضًا مع زيارة أجراها قائد القيادة المركزية الأميركية؛ “مايكل كوريلا”، إلى مناطق (قسد)، حيث أكد مواصلة الجهود المشتركة ضدّ تنظيم (داعش).
وأتت زيارة “عبدي”؛ لـ”أربيل”، بعد عدة أيام من زيارة أخرى أجراها؛ “حميد الدربندي”، مبعوث “بارزاني”، إلى “سورية”، للقاء ممثّلين عن “الإدارة الذاتية” و”المجلس الوطني” الكُردي، وذلك بهدف دفع عملية توحيد الصف الكُردي في “سورية” قُدمًا.
وعلى خلفية زيارته لـ”أربيل”؛ كتب “عبدي”، في تغريدة عبر منصة (إكس)، أن موقف الجانبَين متطابق لجهة توحيد الصف الكُردي، وهما أكدا أيضًا: “استمرار الحوار السلمي مع دمشق لضمان حقوق الشعب الكُردي”.
وفي هذا الإطار؛ نقلت صحيفة (الأخبار) اللبنانية؛ عن مصادر كُردية مطّلعة، بأن: “اللقاء ركّز على ضرورة وقف الهجمات التركية، بوساطة من إقليم كُردستان العراق، عبر دعم الجهود الأميركية، في مقابل ضمانات بانسحاب عناصر حزب (العمال الكُردستاني) من حَمَلة الجنسيات الأجنبية”.
كذلك: “تمّ التأكيد على المصالحة الكُردية لتشكيل مرجعية كُردية موحدة تشمل كل الأحزاب الناشطة في شمال شرق سورية”، وفق المصادر نفسها، التي أوضحت أنه: “اتُّفق على تشكيل وفد كُردي موحّد للذهاب إلى دمشق، ولقاء الإدارة السورية الجديدة”. وأشارت إلى أن: “النقاشات تركّزت أيضًا حول بحث إمكانية دخول قوات (بيشمركة روجافا) إلى مناطق (قسد)، ومنحها دورًا في حماية المنطقة”.
وبعدما ساد غموض توجه “ترمب” إزاء مستقبل دعم (قسد)، والقوات الأميركية في “سورية”، ظهر أول موقف لإدارته في هذا الخصوص، وذلك على لسان المرشح لمنصب وزير الخارجية؛ “ماركو روبيو”، الذي جدّد دعمه لـ (قسد)، خلال جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في “مجلس الشيوخ” الأميركي.
وقال “روبيو” إن: “إدارة الرئيس؛ ترمب، ستطلب من تركيا عدم تنفيذ أيّ أعمال عدائية ضدّ الكُرد في سورية”، مؤكدًا: “استمرار الولايات المتحدة في دعم (قسد) في ظلّ العملية ضدّ تنظيم (داعش)”، فيما حذّر من: “التخلّي عن الحلفاء”.
وأوضح “روبيو” أن: “أحد أسباب قدرتنا على تفكيك (داعش)، هو أن الأكراد يحرسون سجون التنظيم”، مشيرًا إلى أن: “الحالة التي تُريد أميركا أن تصل إليها سورية، هي ألا تكون ملاذًا لـ (داعش)، إضافة إلى حماية كل الأديان والأكراد”. وقال أيضًا إنه: “يجب ضمان عدم استخدام الأراضي السورية من قِبل إيران لنشر أجندتها”.
ويُمثّل الموقف المتقدّم اعتراضًا أميركيًّا على سياسة “أنقرة”؛ التي تُريد استثمار سقوط نظام “الأسد” للقضاء على التنظيمات الكُردية في كل من “سورية” و”تركيا”، في ما ينُذر باستمرار الخلافات “الأميركية-التركية” في ملف (قسد).
وجاء الردّ التركي على الموقف الأميركي سريعًا من خلال تصعيد القصف الجوي على كل من مناطق “عين العرب”؛ (كوباني)، وريف “منبج وصرين ومحيط سد تشرين”، وتوسّعته ليشمل مدينة “القامشلي”، عبر استهداف مبنى في الحي الغربي في المدينة.
والظاهر أن “أنقرة” تُريد التصعيد عسكريًّا للضغط على الإدارة الأميركية الجديدة للتخلّي عن (قسد)، مع إبداء استعدادها للتعاون مع الإدارة السورية الجديدة لضبط سجون (داعش) ومخيماته، وتبديد مخاوف “واشنطن” إزاء هذا الملف، الذي تراه الأخيرة مهمًّا لجهة ضمان عدم استغلال التنظيم أيّ فراغ أمني والفرار من المعتقلات والمخيمات.
في الموازاة، أجرى قائد (سنتكوم)؛ “مايكل كوريلا”، جولة على القواعد الأميركية المنتشرة في “سورية”، حيث التقى مسؤولين أميركيين وآخرين من (قسد) لبحث ملف محاربة (داعش) في “سورية”.
وقالت (سنتكوم)؛ إن: “اللقاءات هدفت إلى الحصول على تقيّيم لحملة هزيمة (داعش)، والجهود المبذولة لمنع عودة ظهور الجماعات الإرهابية في المنطقة، بالإضافة إلى الوضع المتطوّر في سورية”، مضيفةً أنه زار: “مخيّم الهول” للنازحين، حيث دعا إلى: “بذل مزيد من الجهود الدولية لإعادة أُسر التنظيم إلى دولهم لتأهيلهم ودمجهم”، مؤكدًا أن: “واشنطن ستواصل العمل مع المجتمع الدولي لنقل مقاتلي (داعش) إلى بلدانهم الأصلية للبتّ في أمرهم”.
في هذا الوقت؛ تتواصل الجهود الثنائية بين كل من الإدارة السورية الجديدة و(قسد)، وسط أنباء عن قرب تحقق جاهزية اللجان المشتركة بين الجانبين لدراسة أوضاع مناطق شمال شرق “سورية”، وذلك بعد افتتاح مقرّ لـ (مجلس سورية الديموقراطية) في “دمشق” بهدف تسريع هذا المسّار.
وفي هذا الإطار؛ أكد القيادي في “إدارة العمليات العسكرية” في الإدارة السورية الجديدة؛ “أحمد الدالاتي”، أن: “الإدارة الجديدة تفضّل التوصّل إلى تسويات سلمية لحل الخلافات مع (قسد)”، مشيرًا إلى أن: “الحلّ العسكري سيكون آخر الخيارات المطروحة في هذا الملف”.
من جهته؛ نفى مدير المركز الإعلامي لـ (وحدات حماية الشعب) الكُردية؛ “سيامند علي”: “وجود أيّ مفاوضات مع الإدارة السورية الجديدة؛ بخصوص ملفات حسّاسة، مثل معتقلي (داعش) وعائلاتهم”، معتبرًا أن: “مثل هذه الملفات تحتاج إلى مداولات شاملة لضمان توافقها مع مصالح الأطراف المعنية”.
وبيّن أنه: “في مناطق شمال شرق سورية، يوجد (26) سجنًا، يحتجز فيها أكثر من (12) ألف معتقل قاتل في صفوف (داعش)، ينحدرون من (55) دولة، وغالبيتهم من سورية والعراق”، لافتًا إلى أن: “أيّ قرارات مستقبلية ستكون مدروسة بعناية بالاستناد إلى ضمان استقرار المنطقة”.