18 يناير، 2025 10:42 م

ما بين أميركا والصين .. كيف ستكون شكل العلاقات بعد تنصيب “ترمب” ؟

ما بين أميركا والصين .. كيف ستكون شكل العلاقات بعد تنصيب “ترمب” ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

قبل أيام من تنصيبه؛ تحدث الرئيس الأميركي المنتخب؛ “دونالد ترمب”، والرئيس الصيني؛ “شي جين بينغ”، هاتفيًا، وبحثا العديد من المواضيع مثل التجارة وأزمة (تيك توك).

وقال “ترمب”؛ على منصته للتواصل الاجتماعي: “كانت المكالمة جيدة جدًا لكل من الصين والولايات المتحدة، أتوقع أن نحل العديد من المشكلات معًا، وأن نبدأ بذلك على الفور، ناقشنا موازنة المبادلات التجارية، والفنتانيل (دواء يمكن أن يتحول للإدمان)، و(تيك توك)، والعديد من الموضوعات الأخرى”.

وأضاف: “الرئيس شي وأنا؛ سنبُذل كل ما في وسعنا لجعل العالم أكثر سلامًا وأمانًا”.

وأعرب الرئيس الصيني عن أمله: بـ”بداية جيدة” في العلاقات مع “الولايات المتحدة”، خلال اتصاله الهاتفي بـ”ترمب”، وفق ما نقل التلفزيون الصيني الرسمي.

بداية جيدة للعلاقات..

وقال “شي”: “نولي كلانا أهمية كبيرة جدًا للتواصل المتبادل، ونأمل أن تشهد العلاقات بين الصين والولايات المتحدة بداية جيدة خلال الولاية الجديدة للرئيس الأميركي”.

في وقتٍ سابق من أمس الجمعة، أعلنت “الصين” أن “شي جين بينغ” سيُرسل نائب الرئيس؛ “هان تشنغ”، لحضور حفل تنصيب؛ “دونالد ترمب”، في الـ 20 من كانون ثان/يناير الجاري في “واشنطن”.

يأتي ذلك في وقتٍ يترقب فيه العالم القيود الجمركية التي وعد “ترمب” بفرضها على الواردات الأجنبية، خاصة تلك الصينية، فيما يُنظر إليها على أنها حرب تجارية.

إجراءات أكثر صرامة..

وخلال ولايته الأولى؛ شن “ترمب” حربًا تجارية شرسة على “الصين”، وفرض رسومًا جمركية مرتفعة على الواردات من ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وهدّد بفرض إجراءات أكثر صرامة هذه المرة، متهمًا “بكين” بممَّارسات تجارية غير عادلة وبالمسَّاهمة في أزمة (الفنتانيل) المدُمرة في “الولايات المتحدة”.

وانتقدت “بكين”؛ الخميس: “الهجمات غير المبَّررة” ضدها؛ بعد أن وصف مرشح “ترمب” لمنصب وزير الخارجية؛ “ماركو روبيو”، “الصين”، بأنها: “الخصم الأكثر نفوذًا وخطورة”، أمام “مجلس الشيوخ” خلال جلسة المصادقة على تعييّنه.

وفي “بكين”، أكد المتحدث باسم “وزارة الخارجية” الصينية؛ “غوه جيا كون”، خلال مؤتمر صحافي دوري: “يتعيّن على الجانب الأميركي أن يتوصل إلى فهمٍ صحيح للصين، وأن يوقف الهجمات غير المبَّررة وحملات التشهير ضد الصين”.

وفي كانون أول/ديسمبر الماضي؛ قال “شي جين بينغ” إن “الصين” مستَّعدة لإجراء حوار و”توسيع التعاون” مع “الولايات المتحدة”، لكنه حذر من أنه لن يكون هناك: “رابح” في أي حرب تجارية.

استباق لتصعيد الصراع..

وكانت “الصين” قد شرعت مع بداية عام 2025؛ بتصعيد صراعها الاقتصادي مع “الولايات المتحدة”، مما زاد من حدة الحرب التجارية المسَّتمرة. واستباقًا لدخول “ترمب”؛ “البيت الأبيض”، حيث فرضت “بكين” قيودًا تجارية استهدفت الكثير من الشركات الأميركية.

وتضمنت هذه الإجراءات فرض حظر على تصدير المنتجات: “ذات الاستخدام المزدوج” – تلك ذات الاستخدامات المدنية والعسكرية – وتقيّيد عمليات عشر شركات تُشارك في مبيعات الأسلحة إلى “تايوان”.

وكتب المسؤول السابق في “مجلس الأمن القومي” الأميركي بين عامي 2019 و2021؛ “جيمس سكينر”، في مجلة (ناشيونال إنترست)، إنه لعقود، عمل صنُاع السياسات في “الولايات المتحدة” على افتراض أن دمج “الصين” في الاقتصاد العالمي، من شأنه أن يُشجع تحريرها السياسي والاقتصادي. وقد ساهم هذا الاعتقاد في تشكيل قرارات مثل منح “الصين” حق الانضمام إلى “منظمة التجارة العالمية” عام 2001، وغض الطرف عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وسرقة الملكية الفكرية المتفشّية. وكانت الفكرة تتلخص في أنه مع ازدياد ثراء “الصين”، يتبّنى الحزب (الشيوعي الصيني) مباديء ديمقراطية تتماشى مع تطلعات شعبه. لكن هذا النهج كان مضللًا بشكلٍ كارثي. وبدلًا من التحرير، استغل الحزب (الشيوعي الصيني) هذه التنازلات لترسيّخ قوته وتوسيّع طموحاته العالمية.

سلاح استراتيجي للحزب..

وزعم أن التجارة، بالنسبة للحزب (الشيوعي الصيني)، ليست مجرد أداة اقتصادية، بل هي سلاح استراتيجي لتحقيق الأهداف الجيوسياسية. وبينما تحمي “بكين” صناعاتها المحلية بسياسات صارمة، فإنها تسّتفيد من الصادرات والاستثمارات الأجنبية لفرض نفوذها وإجبار الدول الأخرى على الامتثال. وعلى مدار العقدين الماضيين، تفوقت “الصين” على “الولايات المتحدة” باعتبارها أكبر شريك تجاري غير قاري لقارتي “أميركا الجنوبية” و”إفريقيا” بأكملها تقريبًا، واكتسّبت نفوذًا سياسيًا في هذه المناطق. ولهذا التأثير نتائج ملموسة.

استراتيجية أميركية موحدة..

وأخطأت الكثير من وسائل الإعلام في تجاهل تصريحات “ترمب” الأخيرة حول أهمية استعادة “أميركا”؛ لـ”قناة بنما”، متجاهلة واقعًا خطيرًا. لقد بدأ الحزب (الشيوعي الصيني) يُسيّطر على هذا الشُريان التجاري العالمي الحيوي. وتُدير شركة صينية اثنين من الموانيء الخمسة الرئيسة القريبة من “قناة بنما”، وهو طريق تجاري يتدفق من خلاله (5) في المئة من التجارة البحرية العالمية. وتُعدّ “بكين” ثاني أكبر مستَّخدم للقناة وواحدة من أكبر المصدَّرين إلى منطقة “كولون” الحرة في “بنما”، حيث تواصل بناء موانيء الحاويات لتوسيّع نفوذها. بحسب ادعاءات “سكينر”.

مضيفًا؛ وتحت قيادة “ترمب”؛ أدركت “أميركا” التهديد الخطير الذي يُشّكله الحزب (الشيوعي الصيني) وأفعاله، التي تُهدّد أسلوب حياتنا. ومع عودة رئيس “أميركا أولًا” إلى “المكتب البيضاوي”، يتعيّن على “الولايات المتحدة” أن تُكثف جهودها لمنع “الصين” من الاستمرار في استخدام الموارد الأميركية كوقود لطموحاتها. ويتطلب تحقيق ذلك استراتيجية أميركية موحدة تستهدف كافة القنوات التي تستغل “الصين” من خلالها أسواقنا ومواردنا. وسوف يؤدي قطع هذه التدفقات إلى إضعاف قدرة الرئيس الصيني؛ “شي جين بينغ”، على إظهار القوة وتحدي “الولايات المتحدة” على مستوى العالم.

وتشمل هذه الإجراءات منع الكيانات الصينية من شراء الأراضي الزراعية والعقارات المهمة في “الولايات المتحدة”، وإلغاء تأشيرات الطلاب للمواطنين الصينيين الذين يدرسون مجالات حساسة، وخصوصًا العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. إلى ذلك، يجب بيع أو حظر المنصات الرقمية، التي يُسيّطر عليها الحزب (الشيوعي الصيني)، لحماية البيانات والخصوصية الأميركية من الاستغلال. كما يستعرض “سكينر” الخطة الأميركية لتحصين وترسيخ الإمبريالية الأميركية المدمرة.

سحب الاستثمارات..

لافتًا المسؤول السابق في “مجلس الأمن القومي” الأميركي إلى أن؛ هناك قضية مهمة أخرى تحتاج إلى معالجة، وهي سحب الاستثمارات من الشركات المرتبطة بالدفاع التابعة للحزب. هناك شركة (دي. جي. آي)، وهي الأكبر من نوعها لتصنيع المُسيّرات، وشركة (هواوي) الرائدة في عالم توفير معدات الاتصالات والإلكترونيات الاستهلاكية، وهاتان الشركتان هما مثالان للشركات المدعومة من الحزب (الشيوعي الصيني)، والتي تُشكل نقاط ضعف كبيرة في الأمن القومي والبُنية التحتية الحيوية لـ”أميركا”.

وبعيدًا عن الصناعات البارزة مثل التكنولوجيا والدفاع، يتعيّن على “الولايات المتحدة” أن تُعالج مصادر الإيرادات الأقل وضوحًا، التي تُغذي طموحات الحزب (الشيوعي الصيني).

ويزعم “سكينر” أن الدول القوية تبُنى على القوة والعزيمة والقدرة على الدفاع عن مصالحها، وليس على الاسترضاء أو التنازلات. ويُجسّد نهج الرئيس “ترمب”: (أميركا أولًا) و(السلام من خلال القوة) هذه الروح. إن الانتخابات لها نتائج، وقد أعطى الشعب الأميركي؛ “ترمب”، تفويضًا لاستعادة الهيمنة كزعيم عالمي في منافسة القوى العظمى في القرن الحادي والعشرين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة