خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
عقدت “مؤسسة الدراسات الإيرانية-الأورآسيوية”؛ (إيراس)، ندوة بعنوان: (ندوة آفاق العلاقات الإيرانية، والروسية، والتركية في ضوء التطورات السورية)، بحضور الدكاترة: “جهانگیر کرمي” و” حسن أحمدیان” و”ولی گلمحمدي” والدكتور “نيكلاي کاژانوف”.
مسؤولية نظام “الأسد”..
وفي بداية اللقاء؛ قال الدكتور “أحمديان”، في معرض تحليله للأوضاع السورية، أن مسؤولية ما حدث لا تقع فقط على عاتق الأطراف الفاعلة الخارجية، بالإضافة إلى أهمية العوامل الداخلية.
ومنذ عهد “حافظ الأسد”؛ كانت هناك مطالب مدنية وسياسية ضد مقاومة النظام. وقد احتدمت هذه الصراعات بصعود “بشار الأسد” إلى السلطة في العام 2000م، ودخل حزب (البعث) في صراع مستمر مع المعارضة.
وتنقسم فترة حكم “بشار” إلى قسمين، الأولى: بصعوده إلى السلطة وحتى العام 2011م، حيث ازداد معدلات الاستياء الداخلي؛ وأفضت إلى صراعات مسلحة. الثانية: المعارضة المسلحة وتحميل النظام تكلفة باهظة ما ساهم في فقدان الحكومة للسيطرة على أجزاء واسعة من “سورية”.
وكان من العوامل الرئيسة في ضعف النظام وسقوطه تدريجيًا؛ فقدان الشخصيات الرئيسة في الحزب وضعف القدرة على تقديم الخدمات العامة.
ديناميكية المحاور الإقليمية..
ولا بُدّ من الاهتمام بديناميكية المحاور الإقليمية. وتنشط منذ العام 2011م، ثلاثة محاور أساسية في المنطقة:
01 – “محور المقاومة”؛ ويشمل “إيران” والفصائل الموالية.
02 – “المحور العربي الأصولي”؛ بزعامة “مصر والسعودية”.
03 – “المحور السياسي السَّني”؛ بزعامة “تركيا وقطر”.
وقد شرعت هذه المحاور؛ بتعارضاتها، في بلورة الفضاء الاستراتيجي في المنطقة. وكان لـ”المحور السياسي السَّني” ديناميات تثبّت قدرتها على خلق تغيرات على مستويات مختلفة مثل عملية إعادة بناء الوجود والتحرك نحو السلطة في بلدان مختلفة.
وشدّد على أن تحسّين الوضع والحد من التوترات يتطلب الصبر.
اللعبة التركية مازالت قائمة..
وناقش الدكتور “ﮔل محمدي”؛ الوضع التركي في “سورية”، وأكد أن اللعبة ما تزال مستمرة بالنسبة للحكومة التركية.
ثم تطرق للحديث عن (جبهة النصرة) وعبّر عن اعتقاده بأن كتابة الدستور وإجراء الانتخابات قد يستّغرق السنوات الأربع المقبلة.
كذلك فإن “تركيا” تسعى إلى فرض الأمن في شمال “سورية” وتحديد وضعية مناطق معينة. وهي الآن بصدّد مهاجمة هذه المناطق، بعد عملياتها الثلاث في الفترة (2016-2019م).
وعدم ثقة الأكراد وتحذيرات “رجب طيب إردوغان” المتكررة بخصوص وضع الأكراد، تؤشر إلى أن “أنقرة” تقوم حاليًا بتقيّم القدارت الدفاعية للأكراد وتنظيم علاقاتها مع هذه العرقية.
وتحدث عن استراتيجية “تركيا” في مجال هندسة الشمال السوري اجتماعيًا وأمنيًا؛ وأكد: “تُسيّطر تركيا على النظام التعليمي، والصحي، والاقتصادي في تلك المناطق، ذلك أن سورية بالنسبة إلى النظام التركي لا تمثل فقط قضية سياسة خارجية، وإنما مشكلة داخلية كذلك تؤثر بشدة على السياسات الداخلية التركية، على سبيل المثال كان الموضوع السوري عامل مؤثر في الانتخابات التركية الأخيرة”.
ويعتقد الأتراك في تحرك العالم باتجاه المواجهات الكبرى والإضرابات الممنهجة، وفي ضوء هذه الأوضاع تصبح هوية الـ (ناتو) والجغرافيا السياسية لـ”تركيا” أكثر بروزًا.
وبما أن “تركيا” تجنبّت المغامرة في السياسة الخارجية، فإنها تشعر بالقلق من الدخول في أزمات لها عواقب طويلة المدى.
لذلك يبحث وزير الخارجية التركي؛ “هاكان فيدان”، عن حلول متعددة الأطراف للقضايا الإقليمية، لا سيّما “سورية”، عبر الحوار مع الدول العربية الأصولية كـ”الإمارات، والسعودية، ومصر”.
الوجود الروسي بالمنطقة..
بدوره؛ قال “نیکلاي کاژانوف”، أستاذ زائر الاقتصاد السياسي في الشرق الأوسط بالجامعة الأوروبية في “سانت بطرسبورغ”، وباحث مشارك في معهد (تشاتام هاوس) للأبحاث في “إنكلترا”: “يُعتبر سقوط (الأسد) بمثابة صفعة قوية لمكانة موسكو في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمشهد الدولي. وهذا الحدث هو إعادة نظر أساس في رؤى الأشخاص الذين كانوا يعتقدون أن دعم (الكرملين) قد يكون مفتاح للبقاء السياسية. مع هذا من غير المرجح أن يُعتبر سقوط (الأسد) نقطة تحول في الوجود الروسي في الشرق الأوسط؛ لأن أهمية سورية؛ باعتبارها العامل الرئيس في تشكيل وجود موسكو في المنطقة قد تغيرت بشكل جذري منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين… فقد تقلصت في العام 2024م أهمية سورية باعتبارها رصيد استراتيجي لإبراز القوة الروسية”.
بشكلٍ عام سوف تسعى “روسيا”؛ رغم سقوط “الأسد”، للمحافظة على وجودها بالمنطقة، الأمر الذي سيُجبر سائر الأطراف الإقليمية الفاعلية، إلى مراعاة “روسيا” في حساباتها، وإن بقى دورها باعتبارها طرف فاعل من الدرجة الثانية.