15 يناير، 2025 12:56 م

وفاة نعّوم تشومسكي ،، آخر عمالقة اللغويين

وفاة نعّوم تشومسكي ،، آخر عمالقة اللغويين

توفي أمس عالم اللغات والمفكر التنظيري للسياسة والادراك نعوم تشومسكي اليهودي الاصل غير المنتمي للديانة او الافكار اليهودية المناصر -بشكل ما- لقضية فلسطين والسوريين والمُطالب بوقف كذبة “الحرب على الإرهاب المبطّنة بحرب على الإسلام” ،
ما يهمّ اللغة العربية من شان تشومسكي وهي اللغة الحية الخامسة في الترتيب العالمي اليوم انه لم يدرسها ولم يبحث فيها رغم انه عالم كبير في اللسانيات ، لدرجة انه اخطا في الكلام عنها في نظرياته ، وهذا ما تنبهت له عند دراسة الماجستير في ال Linguistics علم اللغة في إحدى الجامعات الاوربية في السنوات الغابرة ، عندما قالت استاذة تدرسنا مادة في الكورسات التحضيرية -وهي نفسها رئيسة القسم- قالت في معرض مقارناتها لتركيبات اللغات المحكية اليوم ان اللغة العربية تبدا بالفعل ثم الفاعل ثم بقية الجملة “كأمر ثابت” كما تبدا اللغة الانكليزية بالفاعل والبرتغالية كذا وو الى اخره ، قلت : ولكن يا دكتورة عفوا اللغة العربية لا تبدا بالغعل حصرا فقد تبدا بالاسم وتسمى اسمية قالت لا يمكن “انا احدثك من نعوم تشومسكي” هي لا تعرف اني عربي ، قلت دعيني اعطيك مثالا وقمت الى اللوحة ومجموعة الطلبة الباحثين ينظرون لزميلهم الذي على وشك ان يضع نفسه في مازق امام استاذة كبيرة وضد عالم كبير وفي لغة من اعقد لغات العالم ، كتبت باللغة العربية جملتين متناظرتين مرة بالفعل ومرة بالاسم وشرحت باللغة الانكليزية ففهم الحضور ، قالت : و من اين لك هذا العلم؟ قلت انا عربي native ، قالت ولكني سويسرية ولا اعرف -علميا- قواعد اللغة الالمانية “لغة الدولة” ولا اجيد تدريسها لأني غير مختصة فلا درجة جامعية عندي فيها ، قلت انا لدي درجة جامعية في اللغة العربية ، قالت اذا كنت واثقا الى هذا الحد رُدّ على نعوم تشومسكي واجعل رسالتك في هذا الجانب من اللغات المقارنة بالعربية واخطاء العلماء فيها ، قلت لا ليس لهذه الدرجة ، انا لا ارد على عالم أفنى حياته في تخصصّه لمجرد اني عرفت معلومة واحدة صحيحة ، فاهملت الموضوع ،
ولكنني تتبعت الرجل فوجدته يعترف فعلا في احد لقاءاته المتاخرة انه “فوّت فرصة كبيرة لدراسة او تعلم اللغة العربية في شبابه ايام الجامعة وهذا خطا منه -كما قال- “فهذه اللغة لها دور كبير ومميز وكان اتقانها او الاطلاع عليها بشكل اعمق سينفعه كثيرا” .
ولمكانة هذا العالم -وهو مؤسس نظرية النحو التوليدي -ولأنه مصنّف على انه المرجع الثامن أكاديميا في ترتيب المراجع العالمية للاقتباسات في البحوث فقد ضاعت علينا نحن ايضا فرصة كبيرة في ان تتقدم اللغة العربية في المشهد الأكاديمي والثقافي العالمي لو كان قد فعل ودرسها باستفاضة ، وايضا مردّ ذلك الى انعزال البيئة الاكاديمية عندنا وضعف مختصينا وقلة تواصلهم مع العالم علميا والا لكان المفترض ان يهتم احد من طرفنا فيطرح على هذا العالم المهم مشروعا او ورقة بحثية او ربما دراسة مشتركة تجعله اكثر رغبة في تضمين كتبه وبحوثه وبرامجه جانبا من مواضيع اللغة العربية العظيمة ، ولكن شاء الله ان ودعنا هذا الرجل المعتدل و رحل عن عالمنا امس دون ان ننتفع من مناصرته لقضايانا السياسية رغم انه يهودي الاصل ، ولا لقضايانا الفكرية رغم انه انساني الفكر ولا لقضية اللغة العربية رغم انه العالم الابرز اليوم ، بل لعله كان على وشك انقاذ نفسه دينيا و يدخل الاسلام لو كان فاتحه من يفهم في ذلك ، وهذا اخفاق آخر يضاف الى اخفاقاتنا الكثيرة التي نرجو الله ان تنتهي يوما.
ملحوظة : بعد كتابة المقال تبين ان وفاة العالم تشومسكي غير صحيحة وانما هو في حالة حرجة في المستشفى وقد تجاوز الرابعة والتسعين من العمر ، ولكني تركت المقال على حاله للفائدة، ونرجو له السلامة.