خط السكك الحديدية البصرة- شلامجة ؛ هل هو فرصة للتنمية أم ضحية لتكهنات خاطئة؟

خط السكك الحديدية البصرة- شلامجة ؛ هل هو فرصة للتنمية أم ضحية لتكهنات خاطئة؟

يعد خط السكك الحديدية )البصرة- شلامجة(، أحد المشاريع المهمة للبنية التحتية بين إيران والعراق، دائماًما تعرض هذا المشروع للتكهنات الخاطئة من قبل بعض الجهات العراقية، وفقًا لهذه التكهنات كان يُتهم إن الهدف الأساسي لإيران من إنشاء هذا الخط الحديدي ليس الاتصال بالعراق، بل نقل الأسلحة إلى سوريا ولبنان. ومع ذلك، مع تغيير النظام في سوريا والمتابعة المستمرة لهذا المشروع من قبل البرلمان الإيراني في الأيام الأخيرة، تبين خطأ هذه التكهنات وظهر بشكل أوضح بطلان هذه التوهمات.

اذ يعد أحد أهم مشاريع البنية التحتية بين إيران والعراق هو اتصال خط السكك الحديدية البصرة- شلامجة. هذا المشروع الذي ظل لأكثر من عقد من الزمن في مركز اهتمام وسائل الإعلام والسلطات في البلدين نظراً لأهميته الاقتصادية والاستراتيجية، دائمًا ما صاحبه تكهنات وشكوك من بعض التیارات العراقية. من بين أهم هذه التكهنات، كانت فكرة اتصال إيران بالبحر الأبيض المتوسط ونقل الأسلحة إلى سوريا ولبنان عبر هذا الخط الحديدي. لكن السؤال هنا هو: هل تتماشى هذه الادعاءات مع حقائق اليوم في المنطقة وسياسات إيران؟ كانت هذه الادعاءات تُطرح بشكل أكبر عندما كان يُعتبر نظام بشار الأسد في سوريا، كأحد الدول المتحالفة مع إيران ومحور المقاومة، وجهة لاستلام الأسلحة ومساراً لنقل الأسلحة إلى لبنان، تم طرح هذه الادعاءات لأن بعض الخبراء كانوا يرون أن إيران تهدف من خلال هذا المسار ليس للأغراض الاقتصادية والتجارية، بل لإرسال الأسلحة والمعدات العسكرية إلى سوريا ولبنان. معارضو هذا المشروع يرون أن إيران، من خلال استخدام هذا الخط الحديدي، تهدف إلى إنشاء مسار موثوق لتعزيز حلفائها الإقليميين.

أظهر سقوط حكومة بشار الأسد في سوريا وصعود حكومة غير متحالفة مع إيران أن خط الحديد البصرة-شلامجة، على عكس الادعاءات المطروحة، لم يكن أبداً أداة لأهداف عسكرية، بل كان يعتبر في الأساس مشروعًا اقتصاديًا وبنية تحتية. فإذا كان الهدف الإيراني من هذا المشروع هو فقط إرسال الأسلحة إلى سوريا ولبنان، فإنه بعد تغيير النظام السياسي في سوريا وتقلص النفوذ الإيراني هناك، لم يكن هناك سبب لاستمرار هذا المشروع. ولكن في الوضع الراهن، لا يقتصر الأمر على أن هذا المشروع لا يزال على جدول أعمال إيران، بل إن الرقابة الميدانية من قبل ممثلي البرلمان على تقدم المشروع توضح مدى جدية إيران في إكمال هذا المخطط.

على سبيل المثال، مؤخرًا أكد أعضاء لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني على أهمية هذا المشروع خلال زيارتهم الميدانية له. وكتب علي خضريان، أحد أعضاء مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، في تغريدة بعد زيارته الميدانية لمشاريع خط الحديد البصرة-شلامجة في خرمشهر:

“مع أعضاء لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، قمنا بمراقبة ميدانية للمنشآت البحرية ومشروع السكك الحديدية في خرمشهر، حيث تمت مناقشة إزالة العقبات أمام استكمال المشاريع البرية والبحرية، وكذلك المسار الحديدي البالغ 32 كيلومترًا بين إيران والعراق في المساحة ما بين البصرة-شلامجة.”

تُظهر هذه المراقبات والتأكيدات على إزالة العقبات أن إيران، على عكس الادعاءات السابقة، تعتبر هذا المشروع فرصة لتعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة التفاعلات الثقافية مع العراق.

 لذا، يعتبر خط السكك الحديد “البصرة-شلامجة” أكثر من كونه مشروعاً سياسياً أو عسكرياً، إنه مشروع اقتصادي وثقافي. يمكن أن يلعب هذا الخط دواً مهماً في تسهيل تبادل السلع وزيادة حجم التجارة بين إيران والعراق. كما أن هذا المشروع يمكن أن يساهم في تطوير السياحة الدينية بين البلدين ويعزز الروابط الثقافية والاجتماعية بين شعبي إيران والعراق.

 من ناحية أخرى، يمكن أن يساعد هذا الخط الحديدي العراق في تعزيز بنيته التحتية وترقية مكانته كمركز نقل في المنطقة. إيران ليست فقط تهديدًا لمصالح العراق في هذا السياق، بل دائمًا ما تسعى إلى خلق مصالح مشتركة وتعزيز التعاون بين البلدين.  

في ضوء التحولات الإقليمية، وتغيير المعادلات السياسية في سوريا، وتأكيد إيران على استكمال مشروع خط الحديد البصرة-شلامجة لأهداف اقتصادية وثقافية، يتضح أن الاتهامات الموجهة ضد هذا المشروع تعتمد أكثر على سوء الفهم والتحليلات الخاطئة بدلاً من أن تستند إلى الواقع. الآن يجب أن نسأل معارضي هذا المشروع: هل حان الوقت لنتوقف عن إثارة الشائعات الخاطئة والتفكير في تحقيق المصالح المشتركة وتعزيز التعاون البناء بين إيران والعراق؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات