على حوافّ الوقتِ، أقفُ حالمًا، أرسمُ أمنيتي كما ترسمُ الشمسُ خيوطَها الأولى على صفحة الصباح. في أعماقي، لحنٌ يلامسُ الروح، يزرعُ الحلمَ في أرضٍ عطشى، أرضٍ عرفتُها حين خابَ الرجاءُ، وزادت نيرانُ المحن. لكنني، بصبرٍ لا ينفد، أرسمُ معجزتي، وأغزلُ النورَ بخيوطِ العزيمة.
أشقُّ الدربَ، وإن كان مغطًى بالأشواك، بابتسامةٍ تُضيءُ وجهي. وفي عُزلتي، أوقظُ الفجرَ من ظلماتِ الليل، أسألُ الوقتَ في صمتي: هل تسمعُ آهاتِ روحي؟ هل ترى في ملامحِ الليلِ خيبتي؟
أنا الذي أمسكُ الأيامَ بيدٍ مرتعشةٍ، وأسكبُ الحزنَ في كأسِ الرؤى. على حدودِ الحلم، أرفعُ رايتي وأكتبُ الحبَّ في أغنياتِ وحدتي. أزرعُ الأملَ كالغيم، ينشرُ الماءَ في صحاري الروح، وأجعلُ الصبرَ نبعًا يروي عطشَ القلبِ في مواسمِ الجفاف.
رسمتُ قلبًا صغيرًا على غيمتي، ينبضُ بنورِ أمي، شعاعًا يضيءُ لي حين تشتدُّ الظلمةُ في دربِ الفناء. وجهُها، ملامحُ الخيرِ فيه، يعيدُ الحياةَ إلى روحي، يجعلني أؤمنُ بأن الفجرَ يمكنُ أن يولدَ من رحمِ الألم.
أخاطبُ الوقتَ، وأتوسلُ إليه: امنحني أمنيتي، امسحْ عن صدري الحزنَ، وأعدني إلى طفولتي الصغيرة، حيث الزهورُ لا تذبلُ، والفرحةُ تسكنُ كلَّ زاويةٍ في القلب.
أحلمُ بفجرٍ يحملُ ألحانَ المحبة، وشمسٍ تكتبُ دفءَ الحياةِ على صفحاتِ الوحدة. أحيا بأحلامٍ مسافرةٍ، تعبرُ حدودَ الممكن، تمحو الكآبةَ، وترسمُ وجهَ السعادةِ لي.
لكني أسألُ نفسي في صمتٍ: هل ستشرقُ الشمسُ يومًا على وجهي؟ أم أنني سأظلُّ أكتبُ الأقدارَ بدموعٍ تنهمرُ من عيني؟ على حوافِّ الوقتِ، أستمرُّ في الرسم، علَّ الزمانَ يعيدُ لي لحنَ الحياةِ من جديد!