27 ديسمبر، 2024 1:30 ص

سردية إعادة صياغة إيران استراتيجيتها بإحداث فوضى الفتنة الطائفية بسوريا والمنطقة!

سردية إعادة صياغة إيران استراتيجيتها بإحداث فوضى الفتنة الطائفية بسوريا والمنطقة!

يبدو أننا مقبلين في الأسابيع والأشهر القادمة على خلق واستحداث لفوضى شاملة ومتنوعة من الإرهاب المفتعل والفتنة الطائفية والقتل على الهوية ؟ بعد التهديد والوعيد الذي صدر من قبل القيادة الدينية والسياسية في إيران من اعلى المستويات ,وبالأخص من تصريح المرشد الأعلى “الخامنئي” أثناء حضوره ومشاركته في احتفالية دينية في حسينية الأمام “الخميني” الذي ركز معظم خطابه حول ما آلت إليه الأوضاع في سوريا و مستشهدا بقوله بأن :” لم تكن هناك قوة إسرائيلية ضدكم في سوريا، التقدم بضع كيلومترات ليس انتصارا، لم يكن هناك عائق أمامكم وهذا ليس انتصارا, وبطبيعة الحال، فإن شباب سوريا الشجعان سيخرجونكم من هنا بالتأكيد ,وأتوقع أن يشهد المستقبل ظهور مجموعة شريفة ؟ ويجب أن يقفوا بقوة وإرادة أمام أولئك الذين خططوا لهذه الفوضى وأولئك الذين نفذوها، وبإذن الله سيتغلب عليهم. مستقبل المنطقة سيكون، بفضل الله، أفضل من حاضرهاوهذا الخطاب الموجه الواضح الصريح ترجم كذلك من قبل وزير الخارجية الإيراني “عباس عراقجي” قبل يوميين من خلال تصريحه لوسائل الإعلام بأنمن يعتقدون بتحقيق انتصارات في سوريا، عليهم التمهل في الحكم، بالتطورات المستقبلية كثيرة. وضوح هذه التصريحات وشدة صراحتها وحالة العصبية والغضب الذي اتسم به الخطاب الرسمي الإيراني الموجه انتقل صداه الى الجانب السوري وممثل بوزير الخارجية ” أسعد الشيباني” وردآ على هذه التصريحات المستفزة صرح هو الآخر ومحذرا في الوقت نفسه بأن:”يجب على إيران احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد وسلامتها، ونحذرهم من بث الفوضى في سوريا، ونحمّلهم كذلك تداعيات التصريحات الأخيرة وقد انتقلت حرب التصريحات الإعلامية الملتهبة الى كافة منصات التواصل الاجتماعي.

لكن ما يهمنا كعراقيين موجودين حاليآ نظرآ للوضع الجغرافي بين فكي كماشة من الشرق ايران ومن الغرب سوريا ونتمنى جاهدين في هذه الحرب الكلامية الإعلامية أن تبقى فقط محصورة في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي وأن لا تترجم كأفعال انتقامية على ارض الواقع , لان الوضع السياسي والاجتماعي والطائفي والاقتصادية في العراق ما يزال يخفي تحت جمر هدوئه النسبي وينتظر شرارة الانفجار ليأخذ معه الأخضر واليابس , ولنعود الى المربع الأولى في بدأ الحرب الأهلية الثانية لا سامح الله وبالأخص أن هناك ما تزال فصائل وأحزاب مسلحة ولائية مهمة ولها حضورها في الحكومة العراقية والداخل الاقتصادي والسياسي من ضمن قيادة “الحشد الشعبي” ترجع في كافة قراراتها السياسية والعقائدية والعسكرية والاجتماعية مباشرة الى مرجعية المرشد الأعلى الإيراني وهي لا تنكر هذا الأمر.

في سياق هذه التصريحات الكلامية العصبية الحادة بين “عراقجي “و “الشيباني” يبرز السؤال الأهم والمهم لدى الراي العام , ما الذي لدى ايران وتحديدا “الحرس الثوري /فيلق القدس” من استراتيجية تستطيع معها أحداث فوضى في الداخل السوري غير “تنظيم داعش” و”حزب العمال الكردستاني” والأخير تركيا تتصدى له ,ولكن قد يكون لدى ايران راي أخر ومن خلال دعمه بكافة الإمكانات اللوجستية ولغرض أشغال الجيش التركي وإرهاقه واستنزافه لكي تبتعد أنظاره عن سوريا ولو بالحد الأدنى ,ولكن الأهم لدى “فيلق القدس” هو تنظيم “داعش” حاليآ وما يزال لديه حضور منظور وحاضنات شعبية وتمركز قيادات ومقاتلين في طول وعرض البادية السورية وفي مناطق “وادي حوران” هنا يمكن إن يتم إعادة صياغة حوار مباشر وتفاهمات استراتيجية خاصة بهذا التنظيم لغرض أحداث فوضى ,كذلك باستطاعتهم الى خلق فوضى طائفية مفتعلة بمناطق تواجد “الطائفة العلوية” والاتصال بمن هم ما يزالون في مناطقهم من فلول قيادات وعناصر النظام السوري المخلوع ,الذين كانوا في مراكز قيادية مهمة منتمين الى الأجهزة الأمنية والمخابراتية والاستخبارية وقيادة الجيش والداخلية ويحتمون من خلال التضاريس الجغرافية الطبيعية التي توفرها لهم ,واستغلالها لتخزين السلاح والعتاد والمعدات العسكرية التي تركها الجيش العربي السوري في مقراته وأماكن معسكراتهم ,ونشاهد قد ترجمة هذه المخاوف بالفتنة الطائفية سريعا على ارض الواقع بصدام مسلح واشتباكات بعد الطلب من وزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية بتسليم المتهمين في جرائم التعذيب والتصفية الجسدية .

ونظرا لهذه التحولات المتسارعة في المنطقة لذا سوف تعمل ايران على تطوير من سبل استراتيجيتها وفق المتغيرات التي حدثت وفقدان أهم حليفين لها طوال العقود الماضية والذي كان أحد ركائز مشروعها الاستراتيجي الإقليمي للسيطرة على المنطقة المتمثل بالنظام السوري السابق و”حزب الله” اللبناني بالتالي هذا يعني أن الحرس الثوري الإيراني يواجه تحولات كبيرة في استراتيجيته الإقليمية وفي هذا السيناريو، لدينا عدة احتمالات مستقبلية حول كيفية لجوئه والتفاعل مع هذه التطورات والتي تتمثل بالاتي:

1)مع سقوط النظام السوري، من المتوقع أن يعزز الحرس الثوري ,وذلك بإيجاد صيغة تفاعلية لدعم الجماعات المسلحة التي تتبنى الأيديولوجية الشيعية في كل من العراق وسوريا ولبنان وفتح قنوات حوار خاصة مع بعض الفصائل المسلحة المعارضة من خارج الايدلوجية الشيعية ولها علاقات سابقة معه لغرض تشكيل تحالفات جديدة وكذلك مع القوى المحلية التي ستنشأ مستقبلا والتي قد تكون معارضة للحكومة السورية الجديدة وذلك للمحافظة على إدامة نفوذها في سوريا قدر الإمكان ,ولكن سيظل ويبقى العراق محوريًا وراس الحربة بالنسبة لإيران من خلال تعزيز دور الميليشيات الشيعية الولائية المنضوية تحت “الحشد الشعبي” لتوسيع نفوذها في المنطقة والتركيز والعمل على زيادة وجوده لأدامة قاعدة نفوذه في كل من سوريا وحتى لبنان.

 

2: لتعويض فقدان ما خسرته في سوريا سيكون هناك استمرار دائم لدعم الحوثيين في اليمن والذي يعد حاليا خيارًا مهمًا أخر ولغرض زيادة جهوده في تعزيز هذا الدور ,لضمان توازن في النفوذ الإقليمي ولتعويض خسائره في أماكن أخرى.

 

3: التعويض من خلال العمل على أيجاد نسق اخر من خلال الإستراتيجية الدبلوماسية والمواقف السياسية الصلبة وتقوية قدرات تواجد قوتها العسكرية بشكل أكبر في مناطق أخرى بالمنطقة , وعبر التوسع في إنتاج وتحسين وتطوير الأسلحة المتطورة مثل الصواريخ البالستية الموجهة والطائرات المسيرة ,ويتم التركيز أيضًا على زيادة قدرتها على الهجوم من خلال شن الحروب مستقبلا بالوكالة، مما يمنحها بالتالي القدرة على المناورة والردع دون الحاجة للتواجد العسكري المباشر.

4: احدى السيناريوهات المطروحة ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد فقدان نفوذها في سوريا وبصورة اقل في لبنان قد تضطر مرغمة للجلوس على طاولة المفاوضات بينها وبين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتسوية أوضاعها في المنطقة ومن خلال المشاركة في مفاوضات مباشرة تتعلق بمصالحها الأمنية والاقتصادية والسياسية في المنطقة.

5: إيران لديها تخوف من استراتيجية المواجهة المباشرة العسكرية مع القوى الإقليمية بعد خسارة نفوذها وبالأخص مع تركيا والسعودية والتي تعتبر من أبرز منافسيها حاليا , لذا قد تثير الفتنة الطائفية وبالأخص في البحرين ومنطقة الأحساء لغرض اشغال الحكومة بإيجاد حل للقضايا هم الداخلية.

6: إيران ستواصل تعزيز وتطوير استراتيجيتها الدبلوماسية وتوثيق علاقاتها أكثر من السابق مع قوى عالمية مثل روسيا والصين وتطوير التعاون الاقتصادي والعسكري، مما يمكنها من الحفاظ وإدامة دورها في القضايا الإقليمية والعالمية , لغرض التكيف مع المتغيرات الإقليمية ومن خلال توسيع هذه التحالفات قدر الأماكن والمستطاع أو حتى تعديل من صياغة استراتيجياتها العسكرية، مما يجعلها قادرة على الحفاظ على نفوذها حتى بعد التغيرات الكبيرة التي حدثت في سوريا ولبنان.

 

بالمجمل فإن إيران ستركز أكثر استراتيجيتها على تعزيز تواجدها العقائدي والديني في كل من العراق واليمن لان هذا ما تبقى لها حاليا وسوف تعتمد كذلك على الأذرع العسكرية المتمثلة بالفصائل الولائية المسلحة والقيادات السياسية والدينية للحفاظ على وجودها الإقليمي، بالإضافة إلى إعادة تحديث استراتيجيتها العسكرية والسياسية والدبلوماسية لمواكبة هذا التغير للبقاء لاعبًا رئيسيًا في المنطقة قدر ما يتوفر لها من إمكانات وتأثير، ولكنها في المقابل ستواجه تحديات كبيرة في كيفية التعامل مع الوضع الجديد , ومدى قابلية استمرار الحكومات باليمن في المضيء قدمآ مع الاملاءات الإيرانية والى أي مدى يمكن ان تتحمل هذه الحكومات وبالأخص بالعراق لإدامة وتعزيز هذا التواجد , نحن نرى ونشاهد بان حالة من الاحتقان الشعبي قد ينفجر باي لحظة ويتكرر معه في نفس سياق سيناريو افول وجودها في سوريا. 

[email protected]