المساعي التي يقوم بها السيد الحكيم من اجل إعادة بناء التحالف الوطني على أساس مؤسساتي ، يكون صاحب سلطة القرار والمتابعة للحكومة القادمة ، كما أن الحكيم يسعى إلى إعادة توحيد الصفوف وتقديم مرشح متوافق عليه في داخل التحالف الوطني .
التحالف الوطني الذي تكون بعد الانتخابات البرلمانية السابقة ، اثر فوز الكتلتين الشيعيتين ١٥٩ مقعد ، مما كان السبب في تحالفهما تحت مسمى “التحالف الوطني ” ، والذي كان تحالفاً لم يرتقي إلى مستوى الطموح وتحمل المسؤولية الكبيرة ، خصوصاً بعد وفاة السيد عبد العزيز الحكيم ، وما سبقها من مرضه ، وحتى بعد تولي السيد الجعفري مسؤولية رئاسة التحالف ظل يعاني الترهل ،والتهميش والتوهين من قبل الحكومة ودوله القانون ، مما جعله أصبح بلا إرادة في إحداث قرار تغيري من الداخل ، فكان عبارة عن تحالف بلا متحالفين ، وأعضاء بلا عضوية ، بل كانت سمة الاستماع إلى الأخبار هي الأبرز في عمله واجتماعاته والتي هي الأخرى لم تقدم شيئا يمكن الاعتداد به في خدمة العملية السياسية والمشروع الوطني الفتي .
هذا التحالف فيه الكثير من التناقضات والاختلافات ، ونحن هنا نتساءل ما مدى قدرة الحكيم على جمع هذا الشتات وإمام كل هذه التحديات والاختلافات ، تفاعلوا لنقرأ هذه الخلافات بروح مجردة وقراءة واعية دقيقة ، وسنقرأ التحالف كتحالف بالمجموع لا من حيث تحالف ائتلافين ؛
١) المجلس الأعلى : صاحب روية بناء المواطن والذي بدوره سيحقق بناء الوطن ، إلا انه يعاني تهميشاً وإقصاء واضحاً من شريكه المنافس”دولة القانون” ، وفي نفس الوقت يمتلك علاقات جيدة ومتميزة عن باقي القوى الشيعية ، مع القوى الكردية والسنية ، كما انه يمتلك جسورا جيدة مع الوضع الإقليمي وحتى الدولي ، ورغم تعرضه إلى نكسة قوية بعد وفاة السيد عبد العزيز الحكيم ، إلا أن الابن الشاب تمكن من إعادة قلب الأوراق وترتيبها ترتيبا جيدا ، وبناء مجلسا فيه البناء المؤسساتي الواضح ، وبالرغم من الملاحظات هنا أو هناك إلا أن بالمجمل هناك حركة ، وهناك تغيير يقوم بها القائد الشاب لوحده من اجل إعادة الثقة لتياره وجمهوره الذي فقده سابقاً ، كما أن الجمهور الذي انقسم اتجاه المجلس الأعلى قسمين ، فقسماً محب ولا يسير خلف قيادة الحكيم ، وقسما موالي يسير خلف هذه الراية ، والمحب هو الآخر وجد روية الحكيم قد اقتربت كثيراً من توجهاته ورغباته ، ولهذا وجدنا أن التقدم والنجاح أصبح واضحا من خلال انتخابات مجالس المحافظات أو من خلال بعض نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة .
٢) الأحرار أو التيار الصدري ، الذي ثبت من خلال التجارب انه غير مستقر الرأي ، ولا يملك روية لمن يحالف أو مع من يتحالف ، ونجده في اغلب مواقفه متذبذب لا يملك موقف ثابت ، وهو يذهب بحسب ما تقتضيه مصلحته أو دوام بقاءه ، وهذا الشيء جيد بالنسبة للتيار الصدري ، ولكنه في نفس الوقت لا يملك مصداقية أمام الآخر .
٣) كتلة بدر ، ونحن نعلم جيداً أن الأخوة البدريون ملتزمون برؤية “ولاية الفقيه ” ، وهم يسيرون حلف تلك الروية التي بالنتيجة في مصلحة بقاءهم في السلطة .
٤) الكتل الأخرى الصغيرة ، كالفضيلة ومستقلون ، وغيرهم من تشكيلات صغيرة أخرى دخلت التحالف قريباً ، هي الأخرى تسير خلف مصالحها ، ومصالح دوامها في العمل السياسي ، فلهذا لا يهمها من يأتي ليحكم ، والمهم هو بقاءها في السلطة ، والعمل السياسي ، ونحن نعلم جيدا موقف كتلة “مستقلون” كيف أنها كانت ترفع شعار المرجعية الدينية كأمثال الشهرستاني أو غيرهم من المستقلون ، وكيف اليوم تحولوا إلى كتلة أخرى ، وانخرطوا في الجبهة التي تهجمت على المرجعية الدينية ، وكيف كانت في صف من نال من المرجعية بتصريحاً أو تلميح .
لهذا وبعد هذه القراءة البسيطة لتشكيلات التحالف الغير متحالف أن تلتئم في تحالف جديد يراد له أن يكون مؤسسه كبيرة تقود البلاد ؟!
هذا السعي من قبل الحكيم صعبا جدا ، خصوصا مع وجود هذه التركيبة السياسية للتحالف الشيعي الحاكم ، ومع وجود التأثيرات الإقليمية والدولية يكون أي سعياً أو تحرك نحو لملمة وتوحيد الموقف يدخل في خانة الضرب في الصخور ، لان اليوم دولة القانون تسعى إلى تشكيل تحالف تضرب به التحالف الوطني ، وسوف تعمل بعيدا عن هذا التحالف ، والتي تمثل اليوم نصف هذا التحالف ؟!
إذن مع الدعاء بان يقف الجميع ليعلن الولاء للعراق أولا والسير قدماً في ترك خلافات الماضي والسعي بجدية إلى بناء مؤسسة قوية تحكم القرار الشيعي ، وتكون الإطار الذي يحكم العراق خلال الفترة المقبلة ، مع كل هذا الأمل إلا إني أجد أن المهمة ليست بالسهلة ، وربما تكون مستحيلة الحصول ، ولكن نبقى ننتظر الأيام المقبلة لتكشف لنا عن مدى نجاح الحكيم في سعيه في عودة التحالف الوطني ، ومدى مصداقية مكوناته في تحقيق هذا الحلم البعيد المنال .