خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
زار الرئيس الإيراني؛ “مسعود بزشكيان”، مؤخرًا؛ “القاهرة”، للمشاركة في قمة “مجموعة الثماني الإسلامية”؛ (D8)، ويُعتبر لقاء نظيره المصري؛ “عبدالفتاح السيسي”، أهم أبعاد هذه الزيارة. بحسّب “محمد جواد قهرماني”؛ خبير الشؤون الدولية، في تحليله المنشور بصحيفة (اعتماد) الإيرانية.
وهي الثانية بعد زيارة الرئيس الأسبق؛ “محمود أحمدي نجاد”، إلى “مصر”، في عهد الرئيس المصري الراحل؛ “محمد مرسي”.
مطلوب سياسات جديدة تجاه”القاهرة”..
بخلاف ذلك؛ من المهم دراسة أبعاد هذه الزيارة في إطار التطورات الإقليمية، ومن ثم يكون تقييم النتائج مسألة ضرورية. ولو ندّرس الموضوع من حيث العلاقات الثنائية بين البلدين، فإن من المهم الاعتراف بالحقائق الموجودة، إذ لا يمكن توقع أن تغيًّر “مصر” السياسات التي اتبعتها في المنطقة على مدى عقود، ويتعين على صانع القرار الإيراني تبنّي سياسة خارجية جديدة تجاه “القاهرة” تُراعي هذا الواقع.
ورُغم المساعي الكثيرة؛ إلا أنه بمراجعة التاريخ يمكن القول: لطالما كانت العقبات المختلفة سببًا في عدم ارتقاء علاقات البلدين إلى المستوى الذي يجب أن تكون عليه. وفي بعض المرات كان التصور الخاطيء لدوافع وسياسات الطرف الآخر، عائقًا دون المضي قدمًا على المسار المنطقي للعلاقات بين البلدين.
تطورات مهمة على طريق تغير التوجهات..
لكن شهدت السنوات الأخيرة سلسلة من التطورات المهمة التي هيأت أجواء تغيّر التوجهات واحتدام التحركات الرامية إلى تطبيع العلاقات. ولو نلقي نظرة على العلاقات “الإيرانية-السعودية”، فقد طوى البلدان بعد سنوات من التوتر، مسار المصالحة بوساطة “الصين”.
ويبدو أن “إيران” وصلت إلى نتيجة مفادها أن عليها طي هذا المسّار للخلاص من عداء “السعودية” تجاهها وعزلها عن المحور المعادي، من جنبها اتخذت “السعودية” مسارًا مختلفًا تماشيًا مع التطورات المحلية والإقليمية.
تهيئة أجواء المصالحة “الإيرانية-المصرية”..
في ضوء ما تقدم؛ فقد تهيأت حاليًا وأكثر من أي وقتٍ مضى أجواء التقدم على مسّار المصالحة بين “إيران” و”مصر”. ذلك أن “إيران” ترغب منذ أكثر من عام في كسب تضامن الدول الإسلامية المختلفة لإدانة “الكيان الإسرائيلي”.
بعبارة أخرى، سعت “إيران” للاستفادة من الأجواء السائدة بعد الحرب على “غزة” في حشد الكثير من الدول الإسلامية للضغط على المجتمع الدولي، وفي الوقت نفسه التأثير على علاقة “مصر” مع “الكيان الإسرائيلي”.
مخاوف “سورية ما بعد الأسد”..
ومع سقوط النظام السوري، تكتسب زيارة “بزشكيان”؛ إلى “مصر”، أهمية كبرى؛ لأنها تأتي في ظل أجواء إقليمية جديدة؛ حيث ساهمت الإطاحة؛ بـ”بشار الأسد”، في تبلور موجة من القلق إزاء مستقبل التطورات الإقليمية، فلم يقتصر الأمر على إجراء نقاشات جادة حول مستقبل الوضع الداخلي في “سورية”، وإنما أضفت هذه الأجواء المزيد من الغموض على المسّارات والتطورات الإقليمية.
والبعض في “مصر” ذاتها يعتقد أن التوترات الإقليمية تستغرق المنطقة بالكامل. وتتخوف الإدارة المصرية من إمكانية أن يُعيّد صعود تيار (الإخوان) للسلطة في “سورية” إلى الأذهان تطورات المنطقة خلال العام 2011م؛ والتي أفضت، بوصول “مرسي” إلى السلطة في “مصر”.
نفوذ تركي صاعد بالمنطقة..
الملفت أن القرائن تكشف عن الدور الكبير للحكومة التركية، التي لم تُخفِ دعمها (هيئة تحرير الشام)، الأمر الذي يُزيد من ثقة هذا البلد في مضاعفة قدرته على النفوذ والتأثير في باقي المناطق ومنها “إفريقيا”.
وهذا الدور لن يقتصر على “الشرق الأوسط” و”إفريقيا”، فالتطورات الإقليمية الأخيرة قد تُشجع “أنقرة” على اتباع نهجها السابق فيما يخص السياسات الخارجية.
أضف إلى ذلك تقدم “إسرائيل” في الأراضي السورية عشية سقوط “الأسد”. الأمر الذي من شأنه إثارة قلق دول مثل “السعودية والإمارات”، وغموض طبيعة تداعيات التطورات الإقليمية أو تغيّر التوازن في المنطقة على هذه الدول.
ولو ننظر إلى “ليبيا”، فإن “السعودية” تدعم؛ وكذلك “الإمارات”، من جوانب مختلفة الحكومة التركية. من ثم ربما ينشأ أساس مشترك فيما يتعلق بسياسات “تركيا” الإقليمية.
وبالنظر إلى ما سبق، يكون تفعيل الجناح الإقليمية للسياسة الخارجية الإيرانية، وتطوير العلاقات مع “مصر”، أمرًا أكثر منطقية.
بمعنى تتحول المصالحة مع دول المنطقة، إلى مسألة ملحة من حيث المخاوف المشتركة بين هذه الدول. مع ضرورة تغير عقلية صانع القرار الإيراني، لأن لكل دولة مخاوفها الخاصة.