خاص: قراءة- سماح عادل
حكي الكتاب عن حضارة الآخية في أرض اليونان الأصلية، والتي امتزجت بالحضارة الميسينية . وذلك في الحلقة التاسعة والسبعين بعد المائة من قراءة “قصة الحضارة” الكتاب الموسوعي الضخم وهو من تأليف المؤرخ الأمريكي “ويل ديورانت” وزوجته “أريل ديورانت”، ويتكون من أحد عشر جزء.
الآخيون..
يحكي الكتاب عن حضارة أخري في بلاد اليونان: “عثر المنقبون في بوغاز كوي على ألواح حثية قليلة يرجع عهدها إلى حوالي عام 1323 ق.م تصف الأهجافا بأنهم شعب لا يقل في قوته عن الحثيين أنفسهم. وورد في سجل مصري يرجع إلى حوالي عام 1221 ق.م أن الأكيواشا انضموا إلى غيرهم من “شعوب البحر” في غارة لوبية على مصر، ويصفهم بأنهم عصابات رحل “يقاتلون ليشبعوا بطونهم…. ”
والآخيون كما يصفهم هومر في شعره شعب يتكلم اللغة اليونانية يسكن جنوبي تساليا، وإذا كان هذا الشعب قد أصبح أقوى القبائل اليونانية فإن هومر يطلق اسمه على جميع اليونان الذين حاربوا طروادة. ويصف المؤرخون والشعراء اليونان الذين عاشوا في أيام مجد البلاد الأدبي الآخيين، كما يصفون البلاسجيين، بأنهم أهل البلاد الأصليين، وأنهم كانوا يعيشون فيها من أقدم الأزمنة التي تعيها الذاكرة.
؛ وافترضوا من غير ما تردد أن الثقافة الآخية التي يصفها هومر كانت هي والتي سميناها في هذا الكتاب بالثقافة الميسينية ثقافة واحدة. وأخذ شليمان بهذا الرأي، وظل العلماء يأخذون به فترة قصيرة من الزمان.”
الحضارة الآخية..
ويواصل الكتاب: “ثم حدث في عام 1901 أن جاء رجل إنجليزي عنيد هو “سير وليم ردجواي”، وزعزع هذه الثقة العزيزة على نفوس العلماء بقوله إن الحضارة الآخية، وإن اتفقت هي والميسينية في نواح كثيرة، تختلف عنها في تفاصيل هامة: فالحديد لا يكاد يعرف في الحضارة الميسينية أما الآخيون فهم على علم به. ويذكر هومر أن موتى الآخيين يحرقون؛ أما في تيرينز وميسيني فهم يدفنون، وهذا يدل على اختلاف هؤلاء وأولئك في عقيدتهم عن الحياة الآخرة.
والآلهة الآخية هي الآلهة الأولمبية، وهذه لا أثر لها قط في ثقافة ميسيني. إن الآخيين يستعملون سيوفا طويلة، وتروسا مستديرة ودبابيس للصدور مأمونة؛ ولم يعثر قط بين الآثار الميسينية على أدوات مشابهة لها في الشكل.
وبين الشعبين اختلافات كثيرة في ملابسهم وفي تصفيف شعرهم. واستنتج ردجواي من هذا أن الميسينيين بلاسجيون، وأنهم كانوا يتكلمون اللغة اليونانية، وأن الآخيين “كِلْت” شقر أو من شعوب أوربا الوسطى نزحوا إلى تلك البلاد مخترقين إبيروس وتساليا ابتداء من عام 2000 ق.م، وجاءوا معهم بعبادة زيوس، ثم غزوا البلوبونيز حوالي عام 1400، واتخذوا اليونانية لغة لهم، واتبعوا أساليب الحياة اليونانية، وأقاموا من أنفسهم زعماء إقطاعيين يحكمون من قصورهم الحصينة البلاسجيين الخاضعين لسلطانهم.”
أًول الأخيين..
وعن أصول الحضارة الأخية يضيف الكتاب: “وتلك نظرية تلقي بلا شك كثيراً من الضوء على أصل أولئك القوم حتى لو اضطر العلماء إلى إدخال تعديلات جوهرية عليها. ومما يؤخذ عليها أن الآداب اليونانية لا تذكر قط شيئا عن غارة آخية على بلاد اليونان؛ وأن ليس من الحكمة أن ترفض نظرة أجمع عليها العلماء بسبب زيادة تدريجية في استعمال الحديد، أو تبدل في أساليب الدفن أو تصفيف الشعر، وفي إطالة السيوف أو استدارة التروس أو التزين بدبابيس مأمونة.
وأرجح من هذا الرأي أن نفترض، كما كان يفترض كتاب اليونان الأقدمون، أن الآخيين قبيلة يونانية انتشرت على أثر الزيادة الطبيعة في عددها من تساليا إلى البلوبونيز في خلال القرنين الرابع عشر والثالث عشر، وامتزجت دماؤهم بدماء البلسجيين – الميسينيين الذين كانوا في تلك البلاد – وأنهم أصبحوا حوالي عام 1250 ق.م الطبقة الحاكمة فيها. وأغلب الظن أنهم هم الذين أخذ عنهم البلاسجيون اللغة اليونانية، ولم يأخذوها هم عن البلاسجين. وقد تكون ألفاظ كورنثة، وتيرينز، وبارنسس ، وأولمبيا وأمثالها من أسماء الأماكن، قد تكون هذه أصداء للغة كريتية – بلاسجية – ميسينية.
وبهذه الطريقة عينها، فيما يبدو لنا، فرض الآخيون آلهتهم الجبلية والسماوية على الآلهة تحت الأرضية التي كان يعبدها مَن قبلهم من الأهلين. أما فيما عدا هذا فليس ثمة فارق واضح بين الثقافة الميسينية وذلك الطور الأخير منها، وهو الآخية، الذي نجده في أشعار هومر. ويلوح أن أساليب الحياة عند هؤلاء وأولئك قد امتزجت وانصهرت حتى أمست أساليب واحدة. ثم انمحت الحضارة الإيجية ببطء بعد أن جرى هذا الامتزاج في مجراه، وقضي عليها القضاء الأخير في هزيمة طروادة؛ ومن ذلك الوقت بدأت الحضارة اليونانية”.