يبدي الكثر من العراقيين مواطنين ومثقفين وكوادر مختلفة استغرابهم من الطريقة التي تتعامل بها قناة العراقية الرسمية مع الرأي العام العراقي ، ومن يتابع برامج وأنشطة هذه القناة لايجد فيها انها تعبر عن طموحات العراقيين ولا عن آمالهم، وهي تسهب نفسها في أن تظهر نفسها على انها تمثل كيانا سياسيا واحدا او طائفة بعينها، في وقت ترى المكونات العراقية السياسية والمجتمعية وحتى الثقافية والاعلامية انها غائبة عنها تماما، وتكاد لاتجد لمعاناة العراقيين مكانا لها بين مضامين توجهاتها وبرامجها ونشراتها الاخبارية وكأننا نعيش في قرية وليس في بلد يضم ثمانية عشر محافظة عراقية تأمل ان تجد لها مكانا بين كل تلك التوجهات الغائبة تماما، وكانها ليست عراقية بل يمثلها ( قطاع خاص ) تعبر عن توجهات هذا القطاع دون غيره، هذا ان وجد اهتمام فعلي بما يهتم به هذا القطاع الذي تدافع عن وجهة نظره أو تدعي تبني طروحاته وما يداعب أماله واحلامه وتطلعاته المشروعة وغير المشروعة.
وما ان تطالع برامج وتوجهات قناة العراقية الرسمية حتى لاتشعر انك في بلد إسمه العراق، وليس لهموم المواطن العراقي ولا معاناته الحضور المطلوب، ان لم تكن برامجها وكانها غريبة عجيبة في بلد آخر لاندري ماذا نسميه، لكن ان تكون ( عراقية ) فهي لاتقترب من هذه التسمية ، الا ما ندر.
ويستغرب الاف المثقفين العراقيين وكذلك العديد من السياسيين من ان انشطتهم لاتجد لها مكانا بين برامج وتوجهات ما تسمى بقناة العراقية ، ان لم تكن في أصعب الازمات وكأن المواطن العراقي في واد وهي في واد آخر لايهمها كوارث العراق التي تتناقلها وكالات العالم وفضائياته ، وان مايحث ليس في العراق وانما في جزر الواق واق أو أرخبيل الملايو او جزر الرأس الاخضر وما الى غير ذلك من اصقاع الارض، التي لايعرف ملايين البشر مايدور فيها من احداث وتطورات.
ولا ندري لماذ اضطر مسؤولون كبار رفيعو المستوى لمقاطعة قناة العراقية اكثر من مرة ، اذ لايرون فيها مكانا لأهل العراق ولا لاهتمامتهم وما يودود ان يعبر عن طموحاتهم وآمالهم ، وما يودون من قناة تسمي نفسها عراقية واذا بها هي الابعد عن العراق وما يحدث فيه من كوارث ونكبات، وتجد برامجها باردة جدا ، تنفر منها الاسماع ، ان لم تكن مملة ومقرفة، ولا تحترم ذوق المواطن العراقي ولا تحترم طوائفه ومكوناته وتسهب في الاستهجان وإستفزاز مشاعر المكونات العراقية الاخرى التي ترى نفسها الغائبة دوما، لهذا فانها من أقل القنوات متابعة من قبل الرأي العام العراقي، ان لم ينفر منها، ويبتعد عن سماعها، ويجد المتتبع ان في اهمالها لمشاعر العراقيين تعديا على كرامتهم واستهانة بوجودهم الاعتباري والثقافي والقيمي، ولا تكرس برامجها الا لقطاع محدد ضمن قطاعات العراقيين المختلفة، وتهمل قطاعات عراقية كثيرة وكأن ليس لها مكانا من الاعراب في برامج وتوجهات قناة العراقية.
والاغرب من ذلك ان قناة العراقية تتحول في المناسبات الدينية الى مناحات وبكائيات ولطم مختلف الانواع والاشكال لأيام وأسابيع ، ويستغرب ملايين العراقيين من ان قناة العراقية تحشر نفسها في وجهات نظر ربما تسيء الى مكونات عراقية ترى نفسها وقد تم تجاهلها هي ومقدساتها ومعتقداتها ان لم يتم اطلاق مختلف التسميات المخلة بالذوق العام وبالقيم الاعتبارية والاجتماعية، وليس لديها مختصون في الرأي العام ولا أدنى معرفة بمضامين البرامج ولا مراقبة او متابعة لهذا الانحياز المتعدد الأوجه والاشكال لطائفة دون أخرى، ويشعر العراقي من خلال قناة العراقية انها غريبة تماما عنه وبعيدة عن اهتماماته، ولهذا نجدها من اقل القنوات العراقية متابعة واقلها ثقة من قبل المشاهدين الذين كثيرا ما يعزفون عن رؤية وسماع برامجها، كونها هي في واد والشعب العراقي وطوائفه وقومياته وأطيافه الثقافية في واد آخر.