23 ديسمبر، 2024 8:29 م

مع سقوط “الأسد” ووجود “الجولاني” والهجوم التركي على “قسد” .. عودة “داعش” ليست إلا مسألة وقت !

مع سقوط “الأسد” ووجود “الجولاني” والهجوم التركي على “قسد” .. عودة “داعش” ليست إلا مسألة وقت !

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

مع سقوط “بشار الأسد” تتزايد المخاوف والمخاطر من عودة تنظيم (داعش) الإرهابي، منتهزًا الفرصة لتنظيم صفوفه، وهو ما أكده وزير الخارجية العراقي؛ “فؤاد حسين”، حيث طوَّقت القوات الأمنية العراقية؛ الجمعة، قرية في محافظة “كركوك”؛ (250 كيلومترًا شمال بغداد)، تم رفع علم التنظيم الإرهابي فيها.

وزير الخارجية العراقي؛ وخلال اتصال هاتفي مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ “هاميش فالكونر”، قال إن: “تنظيم (داعش) الإرهابي يُعيد تنظيم صفوفه؛ حيث استولى على كميات من الأسلحة نتيجة انهيار الجيش السوري وتركه لمخازن أسلحته، وهو ما أتاح له توسيع سيطرته على مناطق إضافية”.

وحذّر “حسين”؛ بحسّب بيان عن مكتبه من: “خطورة هروب عناصر (داعش) من السجون، ومن انفلات الوضع في (معسكر الهول)، وانعكاس ذلك على الأمن في سورية والعراق”، مشددًا على ضرورة: “بناء العملية السياسية السورية على أساس مشاركة ممثلي جميع المكونات، وأهمية تقديم المساعدات الدولية المستدامة للشعب السوري”.

وأعرب الوزير البريطاني عن: “قلق بلاده إزاء احتمالية وقوع تصادم مسلح بين بعض التنظيمات المسلحة و(قوات سورية الديمقراطية)”، مؤكدًا أن: “الوضع في سورية لا يتحمل المزيد من القتال الداخلي”.

رفع علم “داعش” الأسود..

وبينما أكد رئيس الوزراء العراقي؛ “محمد شيّاع السوداني”، أن “بغداد” قدمت ورقة بشأن “سورية” بعد التغييّر المفاجيء، وأن “بغداد” مستعدة لكل الاحتمالات، فوجِئَت القوات الأمنية العراقية برفع علم (داعش) في إحدى القرى بمحافظة “كركوك”، التي عدّت بعض مناطقها بمثابة حواضن للتنظيم لا تزال بعض فلوله تتحصن فيها.

وطبقًا لمصدر أمني، الجمعة، فإن القوات الأمنية طوّقت قرية في محافظة “كركوك” بعد رفع علم (داعش) على بوابة إحدى مدارسها. وقال المصدر في تصريح صحافي إن: “قوة أمنية طوَّقت قرية خالد في داقوق؛ جنوب كركوك، بعد رفع علم (داعش) على بوابة إحدى مدارسها”. وأشار المصدر إلى أن: “القوة تُجرِي عملية بحث وتفتيش عن المنفذين”. وكان “قضاء الحويجة”؛ التابع لمحافظة “كركوك” شهد، الأسبوع الماضي، حادثة مماثلة.

مخاوف أميركية من الهجوم التركي..

في الوقت ذاته؛ تُشير تقارير استخباراتية نشرتها صحيفة (بوليتيكو) الأميركية، إلى أن المسؤولين الأميركيين يراقبون باهتمام الوضع في شمال شرق “سورية”، حيث يعتقدون أن الهجوم التركي المحتمل على مناطق (قسد) قد يؤدي إلى تدهور الوضع الأمني، مما يسَّهل فرار عناصر (داعش) من السجون.

كما أعرب وزير الخارجية الأميركي؛ “أنتوني بلينكن”، عن قلقه من أن يؤدي هذا الوضع إلى أزمة حقيقية على الأرض خلال الأيام المقبلة.

ويوم الأربعاء؛ صرح مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة؛ “جيك سوليفان”، بأن: “الخطر الأكبر الذي أراه هو أن يعود (داعش)، لأن (داعش) يُريد الاستفادة من أي فراغ أو عدم استقرار في سورية بعد حرب أهلية”. وبحلول يوم الجمعة، تحركت “الولايات المتحدة” فقتلت “أبا يوسف”، أحد قادة (داعش)، بـ”ضربة دقيقة” كانت الأحدث في سلسلة من الضربات التي شنتّها “الولايات المتحدة” أخيرًا على أهداف لـ (داعش) في “سورية”، فقد ضرب (75) هدفًا في نهاية الأسبوع الماضي؛ وعشرات أخرى في وقتٍ سابق من الأسبوع نفسه.

في هذا السيّاق؛ قال الخبير العسكري والاستراتيجي السوري؛ العميد “أسعد الزعبي”، في تصريحات لـ (سكاي نيوز عربية): “(داعش) لم ينتهِ كما يروج البعض، بل هو موجود على الأرض بأشكال أخرى، مثل خلايا نائمة تستغل أي حالة فوضى للظهور مجددًا. الهجمات التركية على (قوات سورية الديمقراطية) قد تُشكل فرصة كبيرة لعناصر (داعش) للهرب وإعادة تنظيم أنفسهم”.

يسَّهل حركة خلايا “داعش”..

المخاوف من هروب عناصر (داعش) تتزايد في ظل القتال المستمر بين (قسد) والفصائل المدعومة من “تركيا”، مما يُضعف قدرة قوات (قسد) على الحفاظ على أمن السجون والمخيمات.

ويرى الكاتب الصحافي؛ “زانا عمر”، من مدينة “القامشلي”، أن: “أي هجوم على (قسد) يُخفف من الضغط الأمني على السجون، وبالتالي يسَّهل حركة خلايا (داعش)”.

وأضاف أن: “(داعش) سيسّتغل هذه الفوضى للانتشار مجددًا في المنطقة”.

مرحلة استراتيجية جديدة..

وفي نفس السيّاق؛ أكد العميد “الزعبي”؛ أن: “(داعش) قد يكون في مرحلة استراتيجية جديدة تتمثل في تشكيل خلايا صغيرة وتوزيعهم على المناطق ذات الوضع الأمني الهش. الهجوم التركي على (قسد) قد يوفر بيئة مناسبة لهذا التنظيم ليُعيّد تنظيم صفوفه”.

الدور الأميركي في الأزمة..

من جهة أخرى؛ تساءل البعض عن الدور الأميركي في مكافحة (داعش) في “سورية”، إذ أشار “الزعبي” إلى أن: “الولايات المتحدة، رُغم تصريحاتها المتكررة عن القضاء على (داعش)، لم تُقدم الدعم الكافي للفصائل المحلية مثل (الجيش السوري الحر) في مواجهة هذا التنظيم”.

وأضاف أن: “(التحالف الدولي)؛ بقيادة “الولايات المتحدة” كان ضعيفًا في دعم الهجمات ضد (داعش)، وكان يُركز على أهداف أخرى”.

تعزيز قدرة قوات “قسد”..

يبقى السؤال الأهم حول مدى قُدرة (قوات سورية الديمقراطية) على منع الهروب الجماعي لعناصر (داعش) في حال تعرضت لضغوط أكبر، سواء من الهجمات التركية أو من الفوضى الداخلية في المنطقة. وقد حذر “الزعبي” قائلًا: “إذا لم تتعزز القُدرة الأمنية لـ (قسد)، فقد نشهد عودة قوية لـ (داعش) إلى ساحة المعركة”.

تنفيذ 700 هجوم..

من جهته؛ حذر الدكتور “كولن كلارك”، مدير الأبحاث في مجموعة (صوفان) للاستشارات الأمنية والاستخبارية، من استغلال تنظيم (داعش) الإرهابي الفرصة لإعادة البناء والتجمع والهجوم في “سورية” بعد سقوط نظام “الأسد”.

وكتب “كلارك”؛ في صحيفة (صنداي تايمز)، أن (داعش) شهد تجددًا في “سورية” على مدى السنة الماضية، وهو اتجاه مقَّلق أفلت من انتباه كثُر. لقد أدت الحروب المستعرة في “أوكرانيا” و”الشرق الأوسط” إلى تحويل تركيز وسائل الإعلام والاستخبارات إلى أماكن أخرى.

لكن تنظيم (داعش) في صعودٍ مرة أخرى، ويتضح ذلك من خلال ما يقرب من: (700) هجوم نفذه التنظيم في “سورية” هذه السنة وحدها، وهي زيادة بثلاث مرات عن السنة الماضية. كانت الجماعة الإرهابية تعمل في صحراء البادية الوسطى وتنظم خلايا نائمة وتشَّن هجمات خاطفة مؤقتة وكمائن قاتلة، واغتالت زعماء قبائل وعشائر سورية يُعارضون الجماعة.

إن (داعش) اليوم بعيد كل البُعد عن الوقت الذي حكم فيه شبه دولة تُعادل حجم “بريطانيا” مع أكثر من (10) ملايين شخص تحت سيّطرته. لم يُعدّ التنظيم يفتخر بزعيم كاريزمي، كما فعل ذات يوم مع؛ “أبي بكر البغدادي”، لكنه لا يزال يضم ما يصل إلى: (2500) مقاتل بين “سورية” و”العراق”، وهو رقم من المؤكد أنه سيُزيد مع تجنيد أعضاء جدَّد وزيادة دعايته للاستفادة من الفوضى التي تلف “سورية”.

تمرد على “الجولاني”..

قطع زعيم (هيئة تحرير الشام)؛ “أحمد الشرع”، وهو عضو سابق في تنظيم (القاعدة) عُرف باسم: “أبو محمد الجولاني”، وعودًا بالبراغماتية واستقبل وفودًا من الدبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم في حملة علاقات عامة خاطفة. مع ذلك، لن تجد رسالة “الجولاني” المعتدلة استحسانًا لدى العناصر الأكثر تشددًا في منظمته، والتي قد تسعى إلى الانقسام إلى مجموعات جديدة تُركز بشكلٍ صارم على الجهاد. وقد يُحاول (داعش) اصطياد هؤلاء  من خلال سرديته القاسية التي يتردد صداها بين المقاتلين الأجانب من “القوقاز وآسيا الوسطى والبلقان”.

مقاتلي “داعش” في سورية..

إن الوضع في شمال شرق “سورية”، حيث يُحتجز ما يقرب من: (09) آلاف مقاتل من (داعش)، وأكثر من: (40) ألفًا من عائلات (داعش) من النساء والأطفال في معسكرات السجون ومراكز الاحتجاز التي تحرسها “قوات سورية الديمقراطية”؛ (قسد) الكُردية. يستمر القتال بين (قسد) و(الجيش الوطني السوري) المدعوم من “تركيا” في شمال البلاد، وهو تطور قد يؤدي، إذا تسارع، إلى سحب عناصر (قوات سورية الديمقراطية) بعيدًا عن حراسة السجون.

لم تُحاول المجموعة قط إخفاء أجندتها لتحرير مقاتلين. حتى إنها وصفت إحدى حملاتها الإرهابية: بـ”هدم الجدران”، بين 2012 و2013، وخلال ذلك الوقت حررت مئات القادة الكبار ومتوسطي المستوى في: (08) عمليات هروب منفصلة على الأقل من السجن.

وفي أواخر كانون ثان/يناير 2022، هندس (داعش) هروبًا كبيرًا آخر من السجن، هذه المرة في “الحسكة” السورية، حيث خلفت معركة استمرت عشرة أيام مئات القتلى، معظمهم  يشتَّبه أنهم أعضاء (داعش)، لكن ربما حرر أيضًا مئات آخرين.

مسألة وقت !

إذا كان تنظيم (داعش) قادرًا على إدارة مغامرة مماثلة، سواء في (الهول) أو (الروج)؛ وهما المعسكران الأشهر في “سورية”، فإن قيمة الدعاية وحدها ستكون هائلة. إن إطلاق سراح حتى عدد صغير من المقاتلين يمكن أن يُشكل دفعة كبيرة لقوتهم. وإطلاق سراح بعض أكثر مقاتليه وقادته ومجنديه كفاءة، يمكن أن يسَّاعد المجموعة على مضاعفة قوتها في المضي قدمًا.

وحسّب الكاتب؛ يبدو أن هجومًا كاملًا لـ (داعش) على السجون ومراكز الاحتجاز في “سورية” مسألة وقت ليس إلا. لم تزد وتيرة هجمات (داعش) هذه السنة فحسّب، بل زاد أيضًا تعقيدها وتوسعها الجغرافي.

في ذروته؛ كان (داعش) أغنى جماعة إرهابية في العالم، حيث كان يكسب ما يزيد على مليون دولار يوميًا من خلال تهريب النفط والابتزاز والحماية المشروطة ومجموعة من الأنشطة الأخرى المدًّرة للدخل. لا تقديرات دقيقة لحجم الأموال التي لا يزال (داعش) قادرًا على الوصول إليها، لكن يكفي القول إنها كافية لدفع رواتب مسلحيه، وتجنيد مقاتلين جدَّد والحصول على الأسلحة والذخيرة اللازمة لشن تمرد منخفض المستوى في “سورية” في المستقبل المنظور.

زيادة القوات الأميركية ودور “ترمب”..

يوم الخميس؛ أوضحت “الولايات المتحدة” أن لديها ألفي جندي في “سورية”، وهو أكثر من ضعف الرقم الأصلي البالغ: (900) جندي، والذي أبلغ عنه كثيرًا. ووفق اللواء “بات رايدر”، متحدث باسم (البنتاغون)، فإن: (1100) جندي إضافي موجودون في البلاد على أساس مؤقت: “لتلبية متطلبات المهمة المتغيَّرة”.

وأضاف الكاتب أن على القوات الإضافية أن تكون ضمانة لالتزام “الولايات المتحدة” بمنع تدهور الوضع في “سورية”؛ على غرار ما حدث في “أفغانستان”، بعد استيلاء (طالبان) على السلطة في آب/أغسطس 2021. فقد أعطى ذلك التطور حياة جديدة لتنظيم (داعش خراسان).

ويتعين على إدارة “ترمب” أن تضمن عند توليها مهامها بعد أسابيع قليلة أن تكون لديها استراتيجية للتعامل مع احتمالات إحياء (داعش) نفسه في “سورية”. فبين هكذا استراتيجية، سيتحرك الجهاديون بسرعة لإعادة تجميع صفوفهم، الأمر الذي سيؤدي إلى زعزعة استقرار “سورية”، وجر البلاد من حرب إلى أخرى.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة