مثلما توضح الفساد بالفوضى والمضاربات السياسية المتناقضة التي سبقت هجمات داعش الارهابية على البلاد عام 2014 , وعاد يكرر نفسه عام 2021 , بعملية سرقة القرن قبل انتهاء حقبة السيد الكاظمي , وكان ابطالها نور زهير وهيثم الجبوري ورائد جوحي مدير مكتب السيد الكاظمي ,
وهاهي تعود للمرة الثالثة بأسم شبكة التنصت وبطلها محمد جوحي الموظف داخل مكتب السيد السوداني الذي مارس التهديد والإبتزاز ضد مختلف السياسيين الأصدقاء منهم والأعداء , وكان من اثر وقوع هذه الشبكة بأيدي القضاء هو تناثر شظاياها لتصل السيد السوداني ,
وهذه كلها تشهد على طغيان الفساد التدريجي وعلى الشر المتربص الذي يذكّر بشيء واحد وثابت وهو انباب الفساد مازال مفتوحآ بالدولة العراقية , إذ كل واقعة تفسر جزئية بسيطة من المشتركين بها وتدع الجانب الأعظم في عتمة التفسير شأنها شأن السابقات ,
وتفسر ايضآ ان الوقائع جميعها لم تأت بمحض الصدفة , بل بضرب من ضروب التوافق واستحضار السبل وعقد التواصل والصلات البشرية المعروفة بحلبة الصراع السياسي , ولا يستبعد ان تكون مخطط لها من جهات خارجية تدفع الى تشويه سمعة العراق بالدرجة الأولى ,
وهذا مدلول كبير وواسع الى تدمير العراق وزوال ثقة العالم به مع ثقة دول المنطقة على حد سواء من ان يكون حجر الرحى لها في المواقف الدولية من ناحية , والى خضوع العراق الى مختلف التيارات الفكرية والسياسية التي تعيق تطور جوانبة الحضارية على مختلف الأصعدة ليسهل التدخل بشؤونه الداخلية وخاصة من قبل امريكا والإرهابمن ناحية اخرى ,
من هذا الباب المفتوح آنس البعض من المهتمين بالشأن العراقي , ان قوى الشر المتمثلة بداعش بدأت ننتمع وتتهيأ بالتدريب في الجزء الشمالي من الخارطة السورية للوثوب نحو العراق الآن او غدآ , ولأن الحكومة العراقية لم تولِالعناية بالضوابط والأساليب الخاصة بالإصلاح للقضاء على الفساد وغلق الباب , بل عمدت الى الكثير من الأخطاء في السياسة الإقتصادية التي ترهق المواطن العراقيوتنقص جهد الدولة في تقديم الدعم والرعاية لمستواه المعاشي ,
بل وتدفعه الى ممارسة الرشى وسرقة المال العام , لأنالبعض من المواطنين لايبهجه التعيين على اثر المظاهرات مثلآ ليجد نفسه في دائرة صغيرة يسودها التحيّز والتعصب المذهبي او العقائدي وبين مئات من الموظفين العاطلين بالخفاء عن العمل , من دون ان يجنح في جزئية من غرائزه الطبيعية الى الفساد بسبب البطالة المقنعة او بسبب ادراكه ان التعيين كان هدفه وغايته وليس العمل بحد ذاته ,
وهذا الجنوح يكون ضحيته المواطن الذي يراجع تلك الدائرة عندما يمثل دور السائل عن حاجته ولايجد من يسمعه او يجيب على تساؤلاته فيعمد الى ذلك الجانح الفاسد ليقضي حاجته , وبهذه المقاييس التي نامت عليها الدوائر واغفلتها الدولة , فضلآ عن تلك الوقائع التي حدثت ومسّت امن الدولة في رفوفها العالية , لابد تصطادها قوى الإرهابوتتهيأ لها وتتجمع لتنطلق لغاياتها التدميرية ,
اذن ينبغي على الدولة ان تنتبه الى هذه الامور التي يتشكل بها سلوك الموظف جراء آليات التعيين , بل ومراجعة كل قراراتها الإقتصادية وسياساتها الضريبية وجعلها بمستوى دخل الفرد العراقي وفي كافة حقول الجبايات التي تندلع بها النيران كما هو معروف لتدمير الأدلة الجنائية , عندما يبدأ الجنوح الأول والثاني ..الخ , لأهذه الأمور بمثابة البقع العسلية التي يلتم عليها الذباب , ولاشك يلتم عليها المتربصون من الفاسدين قبل الحريق .
وهكذا هي قوى الإرهاب , تحاكي واقع البلاد الملموس بالعين لتنقل اليه خصائصها الجوهرية وصفاتها المميزة وهي القتل والتدمير والتهجير والقضاء على المذاهب والأديان , وعلى الدولة ان تفطن الى هذه الحقائق على ضوء ما مبين في اعلاه والتثقيف على عدم ميل الموظف الى انفعالات الغضب او الكراهية وحب التملك غير المشروع ,
بل ان يضع في اعتباره انه تعيَّن بالوظيفة لينتصر لها وليس لإستغلالها لأغراضه الإنفعالية لأنها ترتبط بالدولةوالوطن الذي كفل له العيش الحر والكريم مع عائلته , وهذا الإنتباه والمراجعة للقرارات من قبل الدولة والتوعية والتثقيف المستمر وتكريم المتميزين , ستكون هي الوسيلة الوحيدةالتي تغلق باب الفساد وشر الإرهاب المتربص بالوطن .